يشكّل العمل التطوعي أحد مكونات الحياة الاجتماعية والقوّة البشرية الحقيقية لتنمية المجتمع. إنّ العمل التطوعي هو امتداد للمواطنة الصالحة كونها استشعاراً للمسؤولية وتحمّل الأمانة والقيام بكلّ ما يتطلبه الصالح العامّ من أجل حفظ كرامة المجتمع والتي من خلالها يساهم الفرد في تنمية بلاده، والتطوع ينتج عنه مجتمع مستقر يتفاعل ويتواصل أفراده من أجل تقديم خدمة إضافية إلى جانب الخدمات التي تقدّمها الدولة كما ينشر ويدعم قيم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع أوقات السلم والأزمات.
تتلخص أهميّة العمل التطوعي في بناء شخصية الفرد، وزيادة ثقته بنفسه وإكسابه الخبرات، كذلك استغلال وقت الفراغ في شيء مفيد. ومن المناسب لهذا العمل إعطاء الفرد مكانة في المجتمع كما يبثّ الإحساس في روح المتطوع لعمل الخير وتقديم الخدمات للآخرين. نعم، التطوع يعمل على تقوية الروابط الاجتماعية بين البشر ويقوم على تقديم التعاون والمنفعة للآخرين التي تعود على المجتمع بكامله.
حُدد يوم للتطوع العالمي أو اليوم الدولي للمتطوعين، وهو احتفالية عالمية سنوية تحدث في الخامس من شهر ديسمبر من كلّ عام، حدّدتها الأُمّم المتحدة منذ عام 1985م. يحتفل بهذا اليوم في غالبية بلدان العالم، ويعتبر الهدف المُعلن من هذا النشاط هو شكر المتطوعين على مجهوداتهم إضافةً إلى زيادة وعي الجمهور حول مساهمتهم في المجتمع. وسبب الاحتفال باليوم الدولي للمتطوعين من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحثّها على اتّخاذ التدابير لزيادة الوعي بأهميّة إسهام الخدمة التطوعية، وبذلك تحفّز المزيد من الناس من جميع مسالك الحياة على تقديم خدماتهم كمتطوعين في بلدانهم وفي الخارج على السواء. يتيح اليوم الدولي للمتطوعين الفرصة للمنظمات التي تعنى بالعمل التطوعي والمتطوعين الأفراد لتعزيز مساهماتها في التنمية على المستويات المحلية والوطنية والدولية، لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
ويؤدِّي التطوع دوراً مكملاً في دعم ومساندة جهود الأجهزة الحكومية في الحالات الطبيعية والطارئة والعمل على ملىء أي فراغ قد يحدث في أي مجال تحتاجه الدولة، لذا يحظى العمل التطوعي بدعم وتشجيع من القيادة السياسية لإيمانها بأهميّة المشاركة التطوعية في البناء الاجتماعي والإنساني. وحين تسود المجتمع روح التطوع والتعاون وتكاتف الجهود فإنّ ذلك يقرب ما بين فئات المجتمع المختلفة ليكونوا يداً واحدة لبناء الوطن ممّا يزيد من لحمة التماسك الوطني إلى جانب ذلك فإنّ الشخص المعطي يقود عملية البناء وحينما تتوافر روح الخدمة لدى الأفراد يتقدّم الفرد والمجتمع على حدٍّ سواء.
وباختصار، فإنّ العمل التطوعي يشكّل بُعداً إستراتيجياً مهمّاً لحماية الوطن من خلال الاستعداد التلقائي لدى هؤلاء الأفراد لتلبية نداء الواجب في أي موقع كان ولمواجهة أي نوع من الكوارث التي قد تحدث.
التطوع قد يكون بالأفكار، وقد يكون بالمال، وقد يكون بجهد الأشخاص؛ ولكن استثمار العمل التطوعي وديمومته يحتاج إلى وجود الثلاث. العمل التطوعي المستمر = أفكار + أشخاص + أموال.
الأُمّة الإسلامية أُمّة التطوع في كل ّمجال، وبالتطوع حققت كلّ المنجزات، وبالتطوع انتشر هذا الدِّين في ربوع الدُّنيا، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحجّ/ 77). فالخير كثيرٌ جدّاً، ليس صوماً فقط، ولا صلاةً فقط، وأيضاً قول الله تعالى: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (المؤمنون/ 61).مقالات ذات صلة
ارسال التعليق