• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

القرآن.. أعظم منبع تربوي

عمار كاظم

القرآن.. أعظم منبع تربوي

اختص الله كتابه العزيز بعظيم الخصائص وجميل الصفات، واستقطب أنظار عباده نحوه لينتهلوا من ما يلزمهم لكل شأن في شؤون حياتهم وكل معضلة من معضلات فاقتهم ومصاعبهم فهو الكتاب الذي فيه تبيان كل شيء وتفسيره وتأويله، وفيه الرحمة والهدى والبشرى لجميع المسلمين (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل/ 89)، وقد جاء في الحديث الشريف عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في تفسير هذه الآية قوله: «إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء، حتى والله ما ترك شيئاً يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد أن يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن إلّا وأنزله الله فيه». من هنا ينبغي للأُم المؤمنة بل ولكل مسلم أن يجعل القرآن مرجعه في كلّ شيء ومفزعه في الملمات، وملجأه في المهمات، لأنّه فيه دواء كل داء وشفاء من كلّ ألم وبلاء.

العلاقة مع القرآن يجب أن تكون علاقة حب وعشق وارتباط عضوي، وذلك لأنّ علاقة الحب لها آثارها وانعكاساتها التي لا يمكن أن تزول أو تضعف إذ انّها تترك بصماتها على المحب فتدعوه لئن يتبع من أحبه في كل شيء فالمحب للقرآن يتبع القرآن ويعمل بكل ما يريده القرآن (إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ) (يس/ 11). ويتلوه حق تلاوته (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) (البقرة/ 121). لذا فعلى الأُم الواعية أن توجه أبناءها للإرتباط بالقرآن ارتباطاً معنوياً وقلبياً حتى ينفذ القرآن في كلّ شؤون حياتهم ويعملون على تجسيده في أركانهم وجوارحهم، حتى يصبح الحق الذي به ينطقون، والنور الذي به يبصرون، والقول الثابت الذي به يسمعون. وعلى الأم أن تجنب أولادها الارتباط الفارغ وبالولاء الظاهري للقرآن الكريم وأن تحذرهم كذلك النظرات الضيقة للقرآن العظيم، تلك النظرات التي تخرجه من قالبه الحيوي ككتاب هداية ومعرفة ونور وحياة، فتجعل قراءته مثلاً فقط في مجالس الترحيم والفاتحة على أرواح الأموات، أو تلاوته فقط طلباً للثواب دون التدبر فيه، أو قراءة بعض آياته للإستشفاء وموارد أخرى تحدد القرآن وتبعده عن أثره الكبير في حياة الفرد والمجتمع.

أفضل غذاء معنوي، وأعظم منبع تربوي يمكن أن يستند إليه الآباء في تنمية وبناء شخصية أبنائهم هو القرآن الكريم، إذ انّه الناصح الشفيق الذي لا يغش ناصحيه – بل يكشف لهم الأمور على حقائقها – والهادي الذي لا يضل من استهدى به حتى يوصله إلى نور الحق ويضعه في الصراط المستقيم – والمحدث الذي لا يكذب: «واعلموا انّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش والهادي الذي لا يضل والمحدث الذي لا يكذب». وهذه الصفات الثلاث لا يستغني عنها كلّ مرب وكلّ متعهد وهي «النصح، الهداية، والصدق» كما انّه يحتاجها الجميع في طريق حياتهم، واشتداد أزماتهم. لذا فإن هداية القرآن ونصحه ضرورية للوالد والولد معاً على حد سواء ولكن لما كان الأبناء انّما يتلقون علومهم وأفكارهم الأولى من آبائهم باعتبارهم القناة الأولى التي بواسطتها يستلهمون الحقائق ويتعرفون منها على الأمور وجميع ما يحيط بهم، لذا فإن كان الوالدان متسلحان بثقافة القرآن، وملتزمان بأوامره ونواهيه ومتبعان لكل ما جاء فيه، فإنّ ذلك سينعكس وبشكل واضح على الأولاد، لأنّ الأبناء يقلدون في بدء حياتهم كل ما يرونه من آبائهم، ويلتقطون جميع الحركات والصور التي تظهر من آبائهم ويختزنونها في أذهانهم، ويحملون لا إرادياً جميع انطباعات الآباء وعقائدهم ليظهروا في وقت ما، على هذا فإن كانت شخصية الآباء قد بنيت وفق مفاهيم القرآن واشربت قلوبهم حبه ومعارفه فإنّ الأولاد بلا شك سيكونون كذلك وسيعظمون ما عظم آبائهم ويكرمون ما أكرموه.

ارسال التعليق

Top