جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
◄إنّ التعليم والتذكير من أهداف القرآن الكريم، ومن هذه الجهة يخاطب القرآن الكريم عقل الإنسان، ويتحدّث معه بالإستدلال والمنطق، غير أنّ للقرآن الكريم لغة أخرى أيضاً، والمخاطب فيها بالإضافة للعقل، القلب، وهذه اللغة الثانية تُسمّى (الإحساس).
فالذي يعرف لغة القلب ويخاطب الإنسان بها، يحرك الإنسان من أعماق وجوده، وعندئذ لا يبقى الفكر الإنساني تحت التأثير فحسب، بل ويتأثّر كل وجوده. وربّما استطعنا أن نضرب الموسيقى مثلاً كنموذج عن لغة الإحساس.
ومعلوم مدى تأثير الأناشيد والمعزوفات العسكرية وقوّتها حين تنشد وتعزف في ميادين القتال بحيث تجعل الجندي الذي لا يخرج من خندقه خوف الأعداء تجعله يتقدّم إلى الأمام بكل اندفاع ويحارب الأعداء رغم الهجوم الثقيل للعدو. وهناك نوع آخر من الموسيقى يرتبط مع الشهوة فيعرض الإنسان إلى الخمول والإنقياد نحو الشهوات، ويدعوه ليستسلم للفساد.
القرآن بنفسه يوصينا أن نقرأه بصوت حسن لطيف. وبهذا النداء السماوي يتحدّث القرآن الكريم مع الفطرة الإلهية للإنسان ويسخرها.
عن رسول الله (ص): "قفوا عند عجائبه وحرِّكوا به القلوب" (المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة، ج82، ص50).
إنّ النداء السماوي للقرآن الكريم، أوجد في مدة قصيرة من (الجاهلين)، في شبه الجزيرة العربية، شعباً مؤمناً مستقيماً، استطاعوا أن يحاربوا أكبر القوى الموجودة في ذلك العصر.
فالمسلمون لم يتخذوا القرآن كتاب درس وتعليم فحسب، بل كانوا ينظرون إليه بمثابة غذاء للروح ومنبع لإكتساب القوّة والإرتباط بالله تعالى. فكانوا يقرؤون القرآن بكل إخلاص في الليل. ويشير الإمام السجاد (ع) إلى هذه النقطة بقوله في دعاء ختم القرآن: "واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنسا" (الصحيفة السجادية، دعاء ختم القرآن).►
المصدر: كتاب (المتقون/ سلسلة دروس ثقافية/ رقم 19)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق