اللاجئ هو الشخص الذي يهرب من بلده إلى بلد آخر خوفاً على حياته، أو خوفاً من السجن أو التعذيب، وبتعدّد أسباب اللجوء تتشكّل أنواع اللجوء: الحرب، الإرهاب والفقر. وتبقى مشكلة اللاجئين مشكلةً جدية، ومن الصعب حلها مهما تظافرت الجهود الإنسانية لحلها، فالعمل الإنساني يبقى عملاً إسعافياً ومؤقتاً، وليس بكافٍ لحل هذه المشكلة. فمن الضروري توفير حقوق كاملة للاجئين في أي مكان وزمان، فالإنسان مكرَّم أينما كان.
يقول النبيّ محمّد - صلّى الله عليه وآله وسلم - عندما أُجبر على الهجرة: «والله إنّك لأحب البلاد إلى الله وأحب البلاد إليَّ، ولولا أنّ قومك أخرجوني منك ما خرجت».. فأعطت هجرته الشريفة درساً في تعلّم الأجيال حبّ الوطن، والانتماء له والدفاع عنه بكلّ غالٍ ونفيس من أجل ضمان الحرّية الإنسانية في كلّ وقت وحين.
فالإنسان يحتاج لحقّه في الحياة الحرّة الكريمة، وأهم الحقوق الإنسانية وألصقها بالإنسان وأقدمها، وأكثرها أصالة على الإطلاق هما حقّ الإنسان بالحرّية وحقّ الإنسان بالمساواة، فهذان الحقّان هما أساس كلّ الحقوق، وهما أساسيان ومرتبطان بوجوده الإنساني ارتباطاً لا يقبل الانفكاك، فهما ضروريان له، تماماً كقلبه وروحه.
فكما أنّ الإنسان لا يكون إنساناً سوياً إلّا بقلب وروح، فإنّ الغاية من وجود الإنسان لا تستقيم ولا تتحقّق إلّا بتمكينه من ممارسة حقّه بالحرّية وحقّه بالمساواة، لأنّ الله سبحانه وتعالى قد فطره وجبله على أن يكون حرّاً، ومتساوياً بالكرامة الإنسانية مع أبناء جنسه جميعاً، لا فرق في ذلك بين لون ولون، أو عرق وعرق، فالناس متساوون بالكرامة الإنسانية، لأنّ آدم وحواء - عليهما السلام - أصلهم جميعاً .
تلك حقيقة مطلقة كشفتها الأديان السماوية، وأعطاها الإسلام ونبيّ الإسلام تطبيقها الأمثل، ودافع عنها أئمّة أهل بيت النبوّة - عليهم السلام -كحقيقة إنسانية وإسلامية خالدة، وجاهدوا لينقلوها من عالم الفكر والنظر إلى واقع التطبيق والحركة، وعاهدوا الله تعالى على أن لا يتوقفوا عن الجهاد والمجاهدة حتى يتم تكوين عالم جديد يتمتع كلّ إنسان فيه بحقّ الحرّية وحقّ المساواة، وبكافة الحقوق الإنسانية التي وهبها الله، لكلّ إنسان خلقه .
فهذه كلّها مبادئ سياسية، آمن بها النبيّ الأعظم - صلّى الله عليه وآله وسلم -، وبشّر بها وأثبتها وطبّقها، لأنّها جزء لا يتجزأ من رسالة الله التي كلّفه بنقلها للعالم كلّه، وقد تلقاها منه أئمّة أهل بيت النبوّة (عليهم السلام)، الذين كُلِفوا إلهياً بالتبشير بها وبإثباتها وتطبيقها.
وتطبيق هذه المبادئ على أبناء الجنس البشري هدفٌ من أعظم أهدافهم، باعتبارهم أخوة، ويمكنهم من أن يكونوا أحراراً بالفعل ومتساويين بالفعل، ويُمكن كلّ واحد منهم من مارسة حقوقه الإنسانية كاملة غير منقوصة. قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات/ 10).
إذن الحرّية مطلب إنساني ينسجم مع الفطرة السليمة، فيسعى الإنسان أن يكون حرّاً وغير مأسور في مختلف الميادين، المعنوية، الاجتماعية، والطبيعية وغيرها، وبما أنّ الإسلام هو دين الفطرة فنجد أنّ النصوص الإسلامية تتواءم مع هذه الفطرة، عن الإمام عليّ (عليه السلام): «أيّها الناس إنّ آدم لم يلد عبداً ولا أَمَةً، وإنّ الناس كلّهم أحرار».. فلتكن حرّية اللاجئ أهم محور ضمن حقوق اللاجئين فهم بشر لديهم حقوق إنسانية يجب أن تتحقق وتطبق على أرضية خصبة، ليكون إنسان سوي بحقوقه وواجباته كباقي بني جنسه.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق