• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المجاملة هي الرابحة دائماً

شارلز نيوتن

المجاملة هي الرابحة دائماً
◄لقد قلّصت وسائل الاتصالات السريعة المساحات على سطح كرتنا الأرضية، وحطّمت الجدران المحيطة بنا، وأصبح من الممكن أن نجوب العالم بأكمله، ونتعرف على أناسٍ شتى في بقاع الأرض الواسعة. وبالطبع فقد تطور العالم حولنا منذ كان بدائياً قبلياً بعد انفصال الشعوب عن بعضها بعضاً، وتمسكت كل أمةٍ بتقاليد خاصةٍ بها تختلف عن تقاليد الأُمم الأخرى، نظراً لاختلاف الحدود السياسية واختلافات الألسن والعادات والأزياء. ولمواكبة التطور السريع في العالم ينبغي علينا أن نتكيف مع الواقع الذي نحياه عن طريق تربية أنفسنا بدءاً من أعماقها، والعمل جدّياً للنهوض بها لإحراز أفضل النتائج. وقد يحاول بعضهم الإمساك بأيدينا لإرشادنا إلى أقصر السبل في التكيف؛ فيذكرون أمامنا الواجبات التي علينا أن نؤديها، والأمور التي علينا تجنبها بأسلوب الناصح الحكيم، أو بالسرد المباشر للأحكام والقوانين. ولا يغيب عن بالنا بالطبع أنّ الحضارة والثقافة ليستا سلعاً للتداول وإنّما تُستقى كلُّ منهما من تجارب الشعوب وحياتها اليومية. ومع أنّ بعض الناس يحاولون تمويه سلوكهم السيء بغلالة رقيقة من الأدب وحسن المعاشرة، إلا أنّه سرعان ما ينكشف عن حقيقة أمره، والسلوك المتكلف جديرٌ بالاذراء والاحتقار، باستثناء رجال الأعمال والدبلوماسيين إذ يتطلب عملهم وجود لباقة تقليدية للتعامل مع الآخرين. إنّ بناء صداقات متينة وثيقة العرى مع الآخرين يتطلب فهماً عميقاً لأساليب البشر ونقاط ضعفهم، وبذلك نكون أكثر صلاحاً في تعاملنا مع الآخرين، وقد نفشل في استخدام العبارة المناسبة في مناسبة ما؛ فنستبدلها بعبارات عفوية مرتجلة تعبر على مدى إخلاصنا الذي ينمو من خلال فهمنا الصحيح لطبيعة العلاقات مع الأصدقاء، وبالتالي فلن نعمد إلى ترديد عبارات كلاسيكية مألوفة مأخوذة من الكتيبات المنتشرة في الأسواق، فقدت فحواها ورونقها وبليت على مرّ الزمان. ومن الطبيعي جدّاً أن نتوقع صغر كرتنا الأرضية كلما زادت قوة التعارف بين أفرادها في جميع أنحاء العالم، فالانصهار الاجتماعي يزداد على وجود الحدود السياسية والجغرافية. وهذا الأمر يتطلب منا انفتاحاً ذهنياً على العالم عن طريق استيعاب الأفكار الجديدة والعلوم من بقاع العالم المختلفة؛ من أناس شتى فيه، ولتنفيذ ذلك بنجاح ينبغي أن نطرح جانباً قسوتنا وصلابتنا ونتمتع بمرونة عقلية كافية لتفهم ما حولنا. وعلينا ألّا نغفل عن الاهتمام بنظافتنا الشخصية إذ تعدُّ من أهم أسباب المحافظة على جسم سليم وعمر مديد، كما أنّه لا يخفى علينا مالها من دور في جذب أصدقائنا إلينا فالقذارة تفقدنا الكثير من أصدقائنا كرائحة الفم، أو التعرّق. ويسعى الكثيرون لبناء علاقات اجتماعية ضخمة بمجهود عظيم؛ في الوقت الذي ينسون أو يغفلون عن الفضائل الصغيرة كمراعاة مشاعر الآخرين بتوجيه كلمة شكر وامتنان لمن أسدى إليهم معروفاً، أو الاعتذار ممن أسأت إليه. فلربما تدوس على قدم أحدهم في مكان مزدحم دون أن يخطر على بالك تقديم كلمة اعتذار، ولربما عطس آخر في وجهنا دون أن يتقي ذلك بيده أو منديله؛ فيصيبنا رذاذ عطاسه، فهذه التصرفات لا تدل إلا على فظاظة تزعجنا وتؤرقنا.►  

المصدر: كتاب (كيف تنجح في حياتك)

ارسال التعليق

Top