• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المصافحة.. فعالة في خلق التواصل

د. فوزية الدريع

المصافحة.. فعالة في خلق التواصل
  المصافحة واحدة من أقدم الطرق للتواصل مع الآخر وعبر التاريخ ومنذ القدم. ولا أحد يعرف أي الشعوب هي تلك التي بدأت بالمصافحة. ولكن يمكننا القول إنّ المصافحة أكثر سلوك إنساني شائع في المجتمعات.

لماذا أخترع الإنسان المصافحة؟ لأنّ وضع اليد باليد في الغالب هو أسلم وسيلة للتواصل البدني بين الاثنين. فأساس المصافحة هو خلق الوصل. ولا ندري إذا ما كانت المصافحة عبر الزمن قد نشّطت تواصل العروق في اليد مع بعضها، أم أنّ أصل المصافحة هو مجرد مسايرة لطبيعة حاجة العروق إلى التواصل. وحين نرى كيف تسكن اليد باليد وكيف تتلامس راحتا اليدين وكيف يلتف الإبهام على الإبهام في موقع يتلاقى فيه نبض الأوّل مع نبض الثاني ندرك أنّ المصافحة شيء فعّال في خلق التواصل.

لدى الكثير من الشعوب، تترافق المصافحة مع هز لليدين معاً، وهذه دلالة الحميمية. وفي القرون القديمة، كانت هناك "بصقة" قليلة على اليد في راحتها من قبل الطرفين حين إتمام الصفقة. فهل هذه "البصقة" وهم أم إشارة إلى كونها الصمغ الذي سيربط الاثنين. أم أنّ تلاقي اللعابين في كلتا اليدين هو بمثابة زواج لبصمات وراثية. علماً بأني سألت صديقة تعمل في علم البصمة الوراثية، وهي جارية البحث عن فاعلية تقابل اللعاب على كفي اليدين المتصافحتين.

إنّ المصافحة تتم في عالم السياسة، عالم الاقتصاد، لصناعات السلم وانتهاء الحروب وفي العلاقات الإنسانية.

والمهتمين بالإتيكيت يرون في مصافحة اليد مسألة يجب فيها مراعاة الفروق الحضارية. فنحن العرب، على سبيل المثال، نصافح ونجذب الآخر باحتضان، ولا أظن أنّ هذا السلوك مقبول في مجتمعات كثيرة حين الالتصاق الجسدي. وبالذات بين أفراد الجنس الواحد (رجال مع رجال) و(نساء مع نساء) شيء غير محبذ حتى لو كانوا يعرفون أنّ هذا يخص تقاليد هذا الإنسان. وحتى لو كان الطرف الرافض جاء من مجتمع فيه حرية مثل المجتمع الإنجليزي.

إنّ طريقة المصافحة، تعطي مؤشرات عديدة، ففي عالم الأعمال، إنّ المصافحة القوية مع هزّ اليد والقبض عليها بدرجة ما فيها قوة متوسطة تعطي مؤشراً إلى الثقة بالصفقة، الثقة بالنفس والنظرة الجادة إلى هذا المشروع التجاري.

لكن الأصول تقول إنّ الإتيكيت في المصافحة له بعض الأسس. منها طبعاً أن تصافح بيدك اليمنى. الكثيرون يحملون في أيديهم اليمنى أشياء، خاصة في المؤتمرات ولقاءات العمل، وذلك وببساطة نستخدم اليد اليمنى. لذا، وبأدب وسرعة، حوّل الملف والأوراق أو حتى الصحن الذي بيدك إلى اليد اليسرى بسلاسة وصافح بيدك اليمنى.

لغة الجسم ضرورية أثناء المصافحة. ولعل ابتسامة ونظرة في عيني الشخص أكثر فاعلية، وليس مريحاً للآخر الذي يصافحك أن تنظر إلى كتفه أو يده. شيء ما في هذه النظرة سوف يزعج الآخر، لأنّ المخ سيفسر الأمر وكأنّه حالة نقص حول نظافة الشخص أو عدم رغبة حقيقية في الوجود معه. أيضاً، لا تجعل يدك ممتدة طويلاً وكأنك تحاول أن تبتعد عن الشخص لرائحته. أيضاً، مدّ يدك مسطحة مفتوحة وليس مقبوضة قليلاً، فذاك يعطي إيماء  بأنك عبارة عن "قلب مقفل". كذلك، لا تضغط كثيراً، فهناك فرق بين مصافحة حميمة وكسر عظام اليد. ولا تجعل مصافحتك خفيفة فيها عدم تلامس وكأنك تتجنب قذارة الآخر. شخصياً، أنا أميل إلى عدم المصافحة إنما إلى الانحناءة اليابانية.

ارسال التعليق

Top