• ٥ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تربية الحس الأخلاقي

تربية الحس الأخلاقي
◄ينبع الميل إلى الفضائل الأخلاقية من فطرة الإنسان وله جذور في روحه وروحيته، ويعتبره البعض من الجمال المعنوي الذي يتبلور ويستمد من الجمال الربوبي المطلق، كما تشير إليه الروايات، وحسبه البعض أيضاً من الإحساسات والعواطف السامية التي يدرك بواسطتها روحه المجردة وتفتح الطريق أمامه إلى عالم الملكوت.

الأخلاق والإحساس الأخلاقي بوابة إلى أن يعرف الإنسان روحه المجردة، وبمعرفة الروح المجردة يتضح عالم الغيب والملكوت، لأنّ الإنسان شعاع من عالم الغيب والملكوت، ومن هنا تظهر الإحساسات الأخلاقية.

وتحتاج فعلية هذا الإحساس وتفتحه إلى التربية مثل سائر الاستعدادات الأخرى الكامنة في نفس الإنسان، فأرسل المربون السماويون من أجل تربية هذه الغرسة الفطرية وتحويلها إلى ملكة أخلاقية، وقد أشار النبيّ الأكرم (ص) في فلسفة بعثته إلى هدف تربية هذا الحسّ، وتحدث عن دوره في سعادة الإنسان، واهتمت مدرسة التربية الإسلامية بهذا الدور من خلال أشكال سوف نراها في مكانها في تربية الفضائل.

روي عن الرسول الأكرم (ص): "أحبَّكُم إليَّ وأقربكم منّي يوم القيامة من أخلاقه أحسن" واعتبر عليّ (ع) أنّ الأخلاق الحسنة على رأس قائمة عمل المؤمن: "عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه"، أو "رأس الإيمان حسن الخلق والتحلي بالصدق".

ومن الجدير ذكره هنا هو البعد العاطفي للأخلاق، إذ كلما أخذت الأخلاق على جميع مستوياتها الفطرية والعقلية لوناً عاطفياً وأتت بشكل إحساس طاهر فسوف يكون للروح عمق وتأثير أكثر، وبملاحظة هذه الجهة فإنّ بعض العلماء صنّفوا الأخلاق في مقولة العاطفة واعتبروها في مصاف الإحساسات العالية.

والتربية الإسلامية في ظل الإيمان والمحبة لله وبإعطاء التقييم المناسب للإحساسات والعواطف العالية تربي الاستعداد الأخلاقي، وبتأليف القلوب وبإدراك أبعاد المحبة والعطف والإحسان والإيثار والعفو والإغماض واحترام شخصية الأفراد الآخرين وإيجاد أفكار الخير والفضيلة في الروح والروحية يعمّق هذا الاستعداد الأخلاقي في الإنسان إلى درجةٍ تدفعه لأن يلتذ بالفضائل الأخلاقية وترسخ الملكات الفاضلة لروحه فتعجن مع عواطفه إلى درجة أنّه لا يفكر إلا بالطهارة ويتنفّر من النجاسات المعنوية والشرور وخواطرها.

هذا مع أنّ كلّ المذاهب والمدارس الأخرى قد تحدثت عن مذهب الحس الأخلاقي ولكن لم يكن لديها الجواب الصحيح لهذا الحس، لأنّها لم تكن تملك قضية وفكراً جامعاً لبناء الإنسان، وتفقد البرنامج الصحيح والواقعي للأخلاق، وليس لديها الوضوح الدقيق لحقيقة الإنسان واستعداداته وقابلياته، ولانقطاعها عن منبع الوحي.►

ارسال التعليق

Top