• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تكريم الإسلام للمرأة

عمار كاظم

تكريم الإسلام للمرأة

اتّجه الإسلام إلى إكرام المرأة منذ ولادتها، فقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن كره البنات، مُبيِّناً مزاياهنّ الحسنة ومؤكِّداً على مكانتهنّ، فيقول: «لا تكرهوا البنات، فإنّهنّ المؤنسات الغاليات». والبنات يجلبن الرأفة من الله تعالى، ويدخلن الفرح على مَن يرعاهنّ، فعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله تبارك وتعالى على الإناث أرأف منه على الذّكور، وما من رجل يدخل فرحة على امرأة بينه وبينها حرمة إلّا فرّحه الله تعالى يوم القيامة».

ورعاية البنات وكفالتهنّ توجب الجنّة، وهي جائزة المؤمن العظيمة يوم القيامة، فعن الإمام الصادق (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَن عالَ ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنّة، فقيل: يا رسول الله واثنتين، قال: واثنتين، فقيل: يا رسول الله وواحدة، فقال: وواحدة».

الإسلام دعا المرأة إلى تحمّل دورها في الحياة في أن رسم لها الدور، وطريق سيرها فيه في حركة دائمة وسعي دائم وتغيير مستمر نحو الأفضل، وبالتالي رفض لها الوقوف والجمود والتراجع، لأنّ الإنسان متحركاً نحو الكمال، دافعه وجوده، وعنصر الخير والشر في نفسه وفي الخارج. فالدين شرح المفهوم الأساسي لوجود المرأة ودورها في الحياة وحقّها في أن تحيا حياة كريمة خالية من التعقيدات والاستغلال، وذلك نجده في المبادىء والتعاليم الدينية التي أمنت حقوق الإنسان كلّ إنسان.

كان الإسلام الخيار الوحيد لتغيير الواقع المتخلف، فهو لم يتعامل مع الرجل والمرأة على أساس الجنس البشري وإنّما على أساس الجوهر الواحد، الذي لا يختلفان فيه، فهما في الحقيقة الإنسانية واحدة؛ ولكن هذه الوحدة لا تعني وحدة المهام، لأنّ مهام الرجل الإنسانية تختلف عن مهام المرأة فلكلٍّ دوره. قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النِّساء/ 1).

أمّا الأدوار التي حددها الإسلام للمرأة فهي من أهم الأدوار على مسرح الحياة وأعظمها دور صناعة الإنسان وتربيته والاهتمام بصلاح أمره وإرشاده إلى خطّ الإيمان والتوحيد والخضوع لله سبحانه وتعالى. ذلك لا يمكن أن يتم دون أن يهتم الإسلام منذ بداية الدعوة بتربية المرأة ورفع كرامتها، وتأمين حقوقها الإنسانية لتسير في ركب الحياة إلى جانب شريكها في الإنسانية (الرجل) ليسيرا في وحدة إنسانية لا متناهية تسير في وحدة الكون وانسجامه، وقد خلقه الله مخلوقاً واحداً مشبّعاً بالروح والجمال والكمال، منظّماً متزناً سائراً نحو الأهداف، قائماً على أساس الحقّ والعدل، متناسقاً متجاوباً في أجزائه بعضها مع بعض ومع الخالق. يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) (الحج/ 18).

إنّ الإسلام يرى في قيام المرأة بأعباء الأُمّومة المعهودة إليها أنبل واجبٍ، كما يرى في ذلك أساساً متيناً لكرامتها وتكريمها، وتطوّرها المحقّق لذاتها. وليس أدل على تكريم المرأة وإسباغ أعظم التقدير عليها، من أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الصدد، وأشهرها ما معناه أنّ الجنّة تحت أقدام الأمهات. هذا التكريم والتعظيم للمرأة إنّما هو لانفرادها عن الرجل بقدرتها على حمل حياة في أحشائها، ومدّها بما تتطلبه لتتطوّر التطوّر الطبيعي، كما شاء الله. فالأُم الواعية والمثقفة والمتعلمة والمتفهمة لدورها في الحياة، تتمكن من أن تكوّن الشخصية الثقافية والدينية للطفل (إن كان ذكراً أو أنثى) بحيث يتمكن الطفل في المستقبل من مقاومة الانحرافات، بينما إذا كانت الأُم جاهلة خائفة وخاضعة ومهضومة الحقوق ومسلوبة الإرادة فكيف يمكن للطفل أن ينجو من هذه الرواسب والصعوبات، وكيف له أن ينمو بشكل طبيعي، ويكون فرداً ناجحاً في المجتمعات؟

ارسال التعليق

Top