• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

توديع السمنة من دون حميات قاسية

توديع السمنة من دون حميات قاسية

الكثيرون يرغبون فعلاً في التخلص من الوزن الزائد لديهم، لكنّهم لا يحبذون الدخول في دوامة حساب عدد الوحدات الحرارية وقياس وزن الدهون الموجودة في طعامهم. هل يمكن لهؤلاء أن يحققوا هدفهم من دون اتباع حميات معينة؟

"الحمية الغذائية" عبارة لا تحبها نسبة كبيرة من الناس، لأنّها ترتبط في أذهانهم بالحرمان، ومن الطبيعي أن يتجنبوها. فالحميات الغذائية بشكل عام تفرض حظراً على تناول بعض الأطعمة، وتحدد حجم ووزن ونوع كلّ ما يمكن أكله، وموعد أكله أيضاً. والناس بطبيعتهم لا يحبون القيود المشددة، خاصة إذا كانت تتعلق بواحد من أهم مصادر الرضا والسعادة في حياتهم اليومية، وهو الطعام. لذلك، نجدهم يقبلون على البدائل التي يعرضها العديد من المتخصصين في مكافحة السمنة، والمتمثلة في إدخال تعديلات بسيطة في العادات اليومية، تساعد مع الوقت على تخفيف الوزن من دون الشعور بالحرمان.

ويورد المتخصصون في مكافحة السمنة عدداً من هذه التعديلات البسيطة التي يمكننا إدخالها على نمط حياتنا اليومية، وهي تتوزع كالتالي:

    

- عند شراء المنتجات الغذائية:

يجمع الكثير من خبراء علوم التغذية على القول أنّ الخطوة الأولى نحو الوزن الصحي المنشود هي تلك التي نقوم بها عند دخولنا السوبرماركت لشراء الأطعمة التي نحتاج إليها. فنوعية ما نشتريه ونحمله إلى منزلنا يحدد بالطبع ما سنأكله نحن وعائلتنا. وهنا ينصح الطبيب الأميركي ترافيس ستورك باعتماد مبدأ البساطة في التسوق والأكل. وعملاً بهذا المبدأ علينا التركيز على شراء المنتجات الطبيعية الكاملة البسيطة، والأقل خضوعاً لعمليات المعالجة والتكرير والتصنيع. ويقول إنّنا عندما نقرأ لائحة محتويات المنتجات الغذائية المصنعة، نجد عدداً قليلاً من المواد التي نعرفها، مثل دقيق القمح، السكر والملح. أمّا بقية اللائحة فتضم عادة مواد كيميائية كثيرة يضيفها خبراء تحضير الطعام إلى هذه المنتجات، ليس فقط لإطالة مدة حفظها، بل للتأثير أيضاً في حاسة التذوق لدينا، وفي شهيتنا إلى الأكل. فاللسان مغطى بوحدات إحساس خاصة بالنكهات، وهي التي تدفعنا إلى البحث عن التنويع في الأحاسيس، وإلى اتباع نظام غذائي متوازن. أمّا الشركات التي تنتج الأطعمة المصنعة فإنها "تلوي" المعادلات أثناء تحضير منتجات غير صحية، مثل رقائق البطاطا مثلاً أو بعض أنواع الحساء، بحيث تصل إلى توازن بين النكهة الحلوة واللذيذة الفاتحة للشهية، ما يعني تراجع إمكانية إحساسنا بالسأم من تناولها، فنفرط في أكلها، ويخف بحثنا عن طعام جديد. ويقول ترافيس إنّ الحل هنا يكمن في التركيز على تناول الأطعمة البسيطة المؤلفة من محتوى واحد. ومن البديهي أن يعني ذلك شراء المنتجات الطبيعية من خضار وفواكه وحبوب، إضافة إلى الألبان والدواجن واللحوم.

والتسوق بانتظام أمر مهم، لأنّه يعني توافر هذه المنتجات الطبيعية بشكل دائم في المنزل. وتوافرها يشجعنا على إعداد الوجبات المنزلية، عوضاً عن اللجوء إلى طلب الوجبات الجاهزة، أو ارتياد المطاعم. والمعروف أنّ الوجبات السريعة الجاهزة غنية جدّاً بالدهون والوحدات الحرارية، وأن نوعية وكمية الطعام الذي تقدمه المطاعم التقليدية لا يتناسبان مع رغبتنا في التخلص من الوزن الزائد. والجميع يؤكدون أنّ الوجبات التي يتم طبخها وإعدادها في المنزل أفضل للصحة وللقوام.

    

- في وجبة الإفطار:

1- الكثيرون يحبون احتساء عصير الفواكه صباحاً، وحده أو مع وجبة الإفطار. وعلى الرغم من أن هذا العصير غني بالفيتامينات والمعادن، إلا أنّه غني بالوحدات الحرارية أيضاً. فكوب واحد سعته 250 ملليليتراً من عصير البرتقال الطازج يحتوي على نحو 100 وحدة حرارية. لذلك، وعوضاً عن العصير يستحسن تناول برتقالة كاملة، فهي لا تمنحنا فوائد العصير فحسب، بل تمدنا بكمية أكبر بكثير من الألياف الغذائية التي تساعدنا على الإحساس بالشبع، وتخفف بالتالي من توقنا إلى قضم الطعام قبل حلول موعد الوجبة التالية.

2- يجب ألا نتردد في إدخال البيض إلى وجبة الصباح، فقد أظهرت الدراسات، التي أجراها البحاثة الأميركيون في مركز روشيستر لمكافحة البدانة، أن تناول البيض صباحاً يساعد على التخفيف من مجمل عدد الوحدات الحرارية التي نتناولها خلال النهار، بنحو 400 وحدة. ففي دراسة شملت 30 امرأة ذات وزن زائد، تبين أنّ اللواتي يأكلن بيضتين مسلوقتين صباحاً، عوضاً عن الخبز والإفطار التقليدي، كن يشعرن بالجوع أقل في ما بعد، ويتناولن وجبتي غداء وعشاء أصغر من المعتاد. ويساعد اقتطاع 400 وحدة حرارية يومياً من مجموع ما نتناوله، على التخلص من نحو 6 كيلوغرامات زائدة من أوزاننا في فترة 4 أشهر.

3- إذا اخترنا تناول زبدة الفستق، وهو خيار جيِّد لاحتوائها على نسبة عالية من البروتينات التي تساعد على إحساسنا بالشبع، يستحسن التخلص من الزيت الذي يطفو على سطح الزبدة قبل تناولها. وتقول المتخصصة الأميركية أميليا وينسلو إن إزالة طبقة الزيت المذكورة تخفف 20 وحدة حرارية من محتويات كلّ حصة من زبدة الفستق، ويحذف منها ما بين غرامين و3 غرامات من الدهون. صحيح أنّ الفارق ضئيل لكن مع الوقت، يمكن أن تساعد هذه العادة محبي زبدة الفستق على التخلص من كيلوغرام من الوزن الزائد في السنة.

4- عوضاً عن احتساء القهوة أو الشاي الأسود مع وجبة الإفطار، يفضل احتساء الشاي الأخضر. ولا يجب الاكتفاء بفنجان واحد، بل من المفيد جدّاً احتساء 4 أو 5 فناجين من الشاي الأخضر على امتداد ساعات النهار. فهذا يساعدنا على التخلص من 3 كيلوغرامات من الوزن الزائد خلال فترة عشرة أشهر، وذلك لأنّ الشاي الأخضر يعزز عملية الأيض، ويزيد من عدد الوحدات الحرارية التي يحرقها الجسم.

    

- في وجبة الغداء:

1- من الضروري أن تحتوي وجبة الغداء على أطعمة تتطلب القضم والمضغ الجيِّد، مثل الجزر والخضار الأخرى والحبوب الكاملة. فهذه الأطعمة كما تشير مديرة مركز الأبحاث الغذائية في جامعة بيتسبورغ الأميركية ليزلي بونتشي، تتطلب وقتاً أطول للمضغ، وتجبر كمية الألياف الغذائية، الموجودة فيها، الجسم على بذل مجهود أكبر لهضمها، ما يعني حرق كمية أكبر من الوحدات الحرارية خلال الوجبة. وتضيف بونتشي أن تناول هذا النوع من الأطعمة يساعد على زيادة كمية الوحدات الحرارية التي نحرقها خلال النهار بنسبة 5 في المئة.

2- يعتبر تناول الطعام على مهل شرطاً أساسياً لتجنب الإفراط في الأكل. ويقول المتخصص الأميركي في مقاومة السمنة البورفيسور ج. ج. فيرجين، إنّه يحصر على أن يكون آخر من يبدأ في تناول الطعام، وآخر من ينتهي من الأكل. ويقول إن ذلك يساعده على الإبطاء في الأكل وعلى مضغ الطعام جيِّداً عوضاً عن التهام كلّ ما يوضح أمامه في طبقه. ويضيف أنّ الدماغ لا يبدأ بتسجيل المعلومات المتعلقة بفعل الأكل إلا بعد مرور 10 دقائق. لذلك فكلما أبطأنا في الأكل، ازدادت فرص إبكار الدماغ في إبلاغنا أنّنا شبعنا. وللمزيد من الفائدة يجب تناول الطعام بعيداً عن أي مصدر يشتت انتباهنا، خاصة التلفزيون. وعلينا التركيز على كلّ لقمة نتناولها ونمضغها جيِّداً. ويساعدنا التعود على تناول الطعام ببطء على خفض مجمل عدد الوحدات الحرارية التي نتناولها في النهار بنحو 125 وحدة، ما يعني إمكانية التخلص من 6 كيلوغرامات زائدة خلال فترة سنة.

3- محبو تناول التحلية بعد الوجبات ليسوا مضطرين بالضرورة إلى حرمان أنفسهم منها، لكن عليهم تفادي الأنواع الدسمة جدّاً منها، مثال على ذلك وعوضاً عن تناول جاتوه الجبن، الذي تحتوي القطعة المتوسطة منه على 426 وحدة حرارية، يمكنهم أن يأكلوا علبة من اللبن خفيف الدسم (80 وحدة حرارية) مع ملعقة صغيرة من العسل (15 وحدة حرارية). كذلك يمكنهم أن يأكلوا تفاحة مخبوزة بالفرن (50 وحدة حرارية) مع ملعقتين صغيرتين من الزبيب (40 وحدة حرارية). وتجدر الإشارة إلى أنّ التخلي عن 3 أطباق من التحلية الدسمة في الأسبوع تساعدنا على التخلص من 6 كيلوغرامات من الوزن الزائد في فترة ثمانية أشهر.

    

- عند العصر:

الوجبات الصغيرة التي نتناولها عصراً تساعد على التخفيف من حدة الجوع الذي يدفعنا إلى الإفراط في الأكل في وجبة العشاء، لكن علينا أن نحسن اختيار نوعية وكمية ما نأكله عصراً. وتنصح خبيرة التغذية الأميركية تانيا زوكيربروت بالحرص على تناول أطعمة غنية بالألياف الغذائية. لذلك، وعوضاً عن الكعك مثلاً، يمكننا أن نأكل الفوشار (البوب كورن) خفيف الدهون، فهو غني جدّاً بهذه الألياف، ولا يحتوي مقدار 6 أكواب منه إلا على 90 وحدة حرارية. وكانت دراسة حديثة قد أظهرت أن أجسام النساء اللواتي يضاعفن كمية الألياف الغذائية التي يأكلنها، من 12 إلى 24 غراماً، تمتص من الأطعمة يومياً 90 وحدة حرارية أقل مما كانت تفعل من قبل. ويمكن أن يساعدهنّ ذلك على التخلص من نحو 5 كيلوغرامات من الوزن الزائد في السنة.

    

- في وجبة العشاء:

- أول ما يجب الانتباه إليه في ما يتعلق بوجبة العشاء هو توقيتها. فتناولها في وقت مبكر جدّاً يجعلنا نشعر بالجوع في الفترة المسائية، فنقضي السهرة أمام شاشة التلفزيون ونحن نقضم الأطعمة المختلفة التي غالباً ما تكون دسمة. وتشير الإحصاءات إلى أنّ الواحد منا قد يتناول ليلاً أطعمة تحتوي على عدد الوحدات الحرارية نفسها الموجودة في وجبة كاملة، إضافة إلى كمية كبيرة من الملح الذي يؤدي إلى انتفاخ البطن. وتقول المتخصصة الأميركية في التغذية هيثر باور إنّ الإحساس بالجوع ليلاً قبل حلول موعد النوم، قد يعني أنّنا تناولنا وجبة العشاء في وقت مبكر جدّاً، ويستحسن أن نؤخر موعدها قليلاً. وهي تنصحنا بتناول ثمرة فاكهة نحو الساعة الثالثة بعد الظهر، ثمّ حفنة من المكسرات النيئة نحو الساعة الخامسة، ثمّ بتوقيت وجبة العشاء نحو الساعة السابعة والنصف. وتضيف أن تناول وجبة العشاء في هذا الموعد يبعد عنا شبح الجوع قبل النوم.

2- أفضل ما يمكن تناوله عوضاً عن طبق المقبلات التقليدي هو قصعة من الحساء، مثل حساء الطماطم، فقد تبين أن تناول الحساء في بداية الوجبة يساعد على التخفيف من مجمل عدد الوحدات الحرارية التي نتناولها في الوجبة بمعدل 100 وحدة حرارية على الأقل. وإذا تبنينا عادة تناول الحساء يومياً في بداية الوجبة، فإننا سنتمكن من التخلص من 6 كيلوغرامات زائدة خلال فترة ثمانية أشهر. لكن يجب التأكيد على ضرورة تفادي أنواع الحساء الغنية بالقشدة والدهون، والاكتفاء بتناول حساء الخضار بأنواعه.

3- إذا كنا نلبي دعوة لتناول العشاء في الخارج، تنصحنا المتخصصة الأميركية في التغذية كيري غانز (مؤلفة كتاب "حمية التغييرات الصغيرة") بارتداء ملابس قياسها ملائم تماماً لقياس أجسامنا، أي أنّها غير فضفاضة. فمجرد النظر إلى هذه الملابس يذكرنا بأن أي إفراط في الأكل سيؤدي إلى بروز بطوننا.

    

- عند ممارسة الرياضة:

1- ينصح المتخصص الأميركي في اللياقة البدنية جانير بيترسون، برفع مستوى التحديات التي تواجهها أجسامنا، وذلك بزيادة وزن الأثقال التي نحملها ونتدرب بها عادة في النادي. وخلال المشي السريع أو الركض، علينا أن نضيف إليها الركض إلى الخلف، والقفز بشكل جانبي في دفعات متقطعة مدتها دقيقة لكل منها. ويعلق قائلاً إن من شأن ذلك أن يدفع عضلاتنا إلى العمل بطرق جديدة، وبزوايا مختلفة، ويعزز توازن أجسامنا. وتسهم هذه الحركات والتمارين غير المألوفة في تقوية الجسم وحرق المزيد من الوحدات الحرارية.

2- من المفيد، حسب ما تؤكد مجموعة كبيرة من المدربين الرياضيين، ممارسة الرياضة في صباح أول يوم من أيام أسبوع العمل. ويقول هؤلاء إن من شأن ممارسة الرياضة في هذا الوقت أن يمنحنا دفعة إيجابية كبيرة، ويعزز ثقتنا بأنفسنا، ويقوي إرادتنا ويحثنا على المواظبة على تناول الأطعمة الصحية، وعلى ممارسة الأنشطة البدنية المختلفة بقية أيام الأسبوع.

3- يجب ألا تنحصر مسألة النشاط البدني في ممارسة الرياضة بشكلها التقليدي، فأي نوع من الحركة البدنية التي نقوم بها خلال النهار يساعد على حرق الوحدات الحرارية. وقد وجد البحاثة الأميركيون في مايو كلينك أنّ النحيفين يحرقون نحو 350 وحدة حرارية إضافية يومياً عن طريق قيامهم بحركات بدنية مختلفة بسيطة خلال النهار، مثل التجول في أنحاء المنزل أو المكتب، الوقوف أثناء إجراء المكالمات الهاتفية، وحتى نقر الأرض بالقدمين أثناء الجلوس، أو نقر الطاولة بالأصابع وغير ذلك من حركات يعتبرها الكثيرون غير مهمة. ويؤكد هؤلاء البحاثة أن زيادة عدد الحركات البدنية التي نقوم بها يومياً تساعدنا على زيادة عدد الوحدات الحرارية التي نحرقها في اليوم الواحد بشكل ملحوظ.

4- من الطبيعي أن يزداد إقبالنا على ممارسة النشاط البدني عندما يكون مصدراً للفرح والمتعة. لذلك، يمكننا، كما تقول المتخصصة الأميركية ميسي لابين، عوضاً عن تمضية ساعة من الركض على آلة المشي داخل النادي الرياضي، الخروج إلى الحديقة العامة واللعب مع أطفالنا أو أطفال أصدقائنا. كما يمكننا أن نتوجه معهم إلى حلبة التزلج، أو ركوب الدراجة. وتقول لابين إن حتى اللعب معهم في غرفتهم يمكن أن يساعدنا على حرق 80 وحدة حرارية في ثلث ساعة. ومن جهتها تصف كريستين أفانتي، الخبيرة الأميركية في مكافحة السمنة، الرقص بأنّه أكثر الوسائل متعة لحرق الدهون. وتقول إنّ الرقص على إيقاع موسيقى سريعة لمدة ساعة، يمكن أن يساعدنا على حرق ما يتراوح بين 400 و500 وحدة حرارية في الساعة. وتضيف أن هذا العدد يساوي ذلك الذي نحرقه أثناء الهرولة الخفيفة على آلة المشي للمدة نفسها، لكن الرقص أكثر متعة بكثير.

ارسال التعليق

Top