• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

خصائص المحبين لله

خصائص المحبين لله

◄ينفرد المحبون لله بخصائص متعددة تميزهم عن مجموع الناس وبها يصلون إلى أعلى مراتب القرب من الله الذي يجعلهم أئمة في الحياة وقادة لمسيرة الإنسانية ومعالم للهدى، ومن هذه الخصائص:

1- ارتباطهم الدائم بالله تعالى وشوقهم العظيم إليه وأنسهم ومتعتهم بذكره أو بمن يذكرهم به، ووحشتهم وغمهم بكلّ ما سواه ممن يبعدهم أو يصرفهم عنه، فقد أوحى الله عزّ وجلّ إلى داود (ع): "قد كذب مَن أدّعى محبتي إذا جنّه الليل نام عني أليس كلّ محبوب يحب لقاء حبيبه. فها أنا ذا موجود لمن طلبني".

ويُروى عن بشر أنّه قال: قصدت عبادان في بدايتي فإذا أنا برجل أعمى مجذوم قد صرع والنمل تأكل لحمه، فرفعت رأسه ووضعته في حجري وأنا أردد الكلام فلما أفاق قال: مَن هذا الفضولي الذي يدخل بيني وبين ربي، لو قطعتني أرباً أرباً ما ازددت له إلّا حباً. قال بشر: فما رأيت بعد ذلك نقمة بين عبد وربه فأنكرتها.

2- حركتهم المستمرة إلى الله تعالى بالقربات والطاعات وأدبارهم عن كلّ ما يمكن أن يؤثر على هذه الحركة أو يوقفها من روابط المادة والهوى وتطلعهم الدائم للقرب من خالقهم ليتكاملوا بذلك لأنّ الحركة إلى الله تعالى يصعد فيها الإنسان سلّم التكامل، قال الإمام علي أمير المؤمنين (ع) في صفتهم: "هم قوم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون وانسوا ما استوعره المترفون وانسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه".

3- المراقبة الدائمة لأنفسهم ومحاسبتهم والتبصر بحالها والإسراع في معالجة أدوائها مع وقايتها وحراستها من كلّ ما يمكن أن يبعدها عن الله.

قال الرسول (ص): "إذا أحب الله عبداً جعل له واعظاً من نفسه وزاجراً من قلبه يأمره وينهاه"، وقال (ص): "إذا أراد الله بعبد خيراً بصّر بعيوب نفسه".

4- ابتعادهم عن الدنيا وما فيها والتعامل معها على ما يمكن أن يوفّر أدنى حدود الكفاية وعدم تمكينها من أي مكان من قلوبهم والرضا بكلّ ما يأتي من الله، ففي أخبار داود (ع): إنّ الله تعالى أوحى إليه: "يا وداد إنّك تحبني فإن كنت تحبني فأخرج حبّ الدنيا عن قلبك فإنّ حبي وحبها لا يجتمعان".

ويرى أنّ عيسى (ع) مرّ برجل أعمى أبرص مقعد، مضروب الجبين بفالج، وقد تناثر لحمه من الجذام وهو يقول الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه، فقال عيسى: يا هذا أي شيء من البلاء تراه مصروفاً عنك، فقال: يا روح الله أنا خير ممن لم يجعل الله في قلبه ما جعل في قلبي من معرفته. فقال له صدقت هات يدك، فناوله يده فإذا هو أحسن الناس وجهاً وأفضلهم هيئة قد اذهب الله عنه ما كان به، وصحب عيسى وتعبد معه.

5- الهدفية الواعية في مسيرتهم الحياتية وفي علاقاتهم الاجتماعية فهم لا ينفكون عن الحركة الهادفة في علاقاتهم ومواقفهم ويتحدد موقهم في كلّ القضايا والأشياء في الوجود تبعاً لحبهم لله عزّ وجلّ.

قال الإمام الصادق (ع): "قد يكون حب من الله ورسوله وحب في الدنيا فما كان في الله ورسوله فثوابه على الله وما كان في الدنيا فليس بشيء". وقال الرسول (ص): "مَن انقطع إلى الله كفاه الله كلّ مؤنه ورزقه من حيث لا يحتسب ومَن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها". ►

ارسال التعليق

Top