• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دستورنا هو هويتنا

عمار كاظم

دستورنا هو هويتنا

ها هي الكويت ترتدي ثوب البهجة والفرحة تعود لتذكرنا ببهجة الحرّية... ولتؤكد إلتفاف الشعب حول حكومتهم... يداً واحدة... قلب واحد... نبض واحد... صوت واحد... يهتف باسم الكويت ولأجلها. حيث تحتفل الكويت، بمرور أربع وخمسين عاماً على تصديق الشيخ عبد الله السالم -الحاكم الحادي عشر للكويت- على دستورها، الذي كان حلماً راود الجميع بعد الحصول على الاستقلال، تلك الذكرى التي تأتي والبلاد تشهد تطوراً على جميع الأصعدة، ونشاطاً دؤوباً للنهوض بها في شتى المجالات، وسعياً حثيثاً نحو تبوئها المكانة التي تستحقها إقليمياً ودولياً. ويرتبط تاريخ 19 يونيو عام 1961، في أذهان الكويتيين بوداع تاريخ طويل سطره الآباء والأجداد بكفاحهم المرير في سبيل العيش الكريم والذود عن حمى الوطن، رغم أنّ إعلان الاستقلال كان أول الخطوات التي اتخذها الشيخ عبدالله السالم، حيث أصدر مرسوماً أميرياً في 26 أغسطس عام 1961، يدعو إلى إجراء انتخابات عامة لمجلس تأسيسي يتولى بعد إنشائه إعداد دستور للبلاد. وهكذا بدأت مرحلة جديدة من مراحل الديمقراطية في الكويت، و تمثلت في إجراء انتخابات أعضاء المجلس التأسيسي الذي عقد أولى جلساته في 20 يناير 1962، وكان من أهم ثمار ذلك المجلس إنجازه خلال تسعة أشهر مشروع دستور دولة الكويت الذي تكون من 183 مادة، وقدمه للشيخ عبدالله السالم الذي صادق عليه وأصدره في 11 نوفمبر 1962، وكان العمود الفقري لهذا الدستور، الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره. فالوطن، ملجأ القلب والروح، والملاذ الآمن الذي يضمّ أبناءه ويصون كرامتهم وعزتهم، ويمنعهم من ذل التشرّد والحاجة؛ فالوطن أكبر من مجرد المساكن والبيوت والشوارع، بل هو الأهل والجيران والخلان، وهو المكان الذي تسكن إليه النفس، وترتاح وتهدأ، وهو أولى الأماكن بالحب والحنين، فحب الوطن بالفطرة، وليس تصنّعاً ولا تمثيلاً. لأنّ الوطن أكبر من كلّ شيء، فحمايته واجبٌ على جميع أبنائه، فهو أغلى من الروح والدماء والأبناء، لأنّ الإنسان لا يستطيع العيش دون وطنٍ يحفظ له كرامته وهيبته، ويقيه من الهوان والضياع، حتى أنّ حب الوطن ممتدٌ من الإيمان بالله تعالى، وقد أوصى الله سبحانه وتعالى ورسوله بالذود عن الحمى، والوقوف في وجه كلّ مَن يحاول النيل منه، وتخريبه، وإيقاع الدمار فيه، وجعل جزاء مَن يموت في سبيل الوطن، جنةً عرضها السماوات والأرض. على مرّ التاريخ، كان حب الوطن هو الأساس، فكم من دولٍ فقدت الآلاف من أبنائها دفاعاً عن الوطن، وكم من الممالك قامت وتطورت بفعل سواعد رجاله ونسائها؛ لأنّ الوضع الطبيعي في الحياة أن يكون للإنسان وطنٌ ينتمي إليه، يعيش فيه بعزةٍ، ويموت ويُدفن في ترابه، فتراب الوطن ليس كتراب الغربة، وسماء الوطن أكثر رحابةً من سماء البلاد الغريبة. من واجب جميع الآباء والمربين، أن ينشؤوا جيلاً يحب الوطن، وينتمي إليه، ويحترم دستوره، ويستميت بالدفاع عنه، فبناء الوطن وعمارته يكون بأشكالٍ كثيرة، بالعلم والعمل، والدراسة. فالأوطان المحظوظة، تلك التي يحرص أبناؤها على تنمية جميع الميادين فيها، من صناعة، وتجارة، وتعليم، وصحّة، وسياسة، واقتصاد؛ لأنّ رفعة الوطن تعني رفعتهم. ربما لم يذكر الشعر والأدب مفردةً مثلما ذكر الوطن، ففيه تحلو الأغنيات، وله تتزين الكلمات؛ فالفخر بالوطن يزيد الإنسان رفعةً، ويرفع شأنه؛ لأنّ الانتماء يعني الوفاء والإخلاص، ومَن لا يخلص لوطنه، فلن يخلص لأي شيء، ومَن لم يكن خيره لوطنه فلا خير فيه، فطوبى لكلّ مخلصٍ، وطوبى لكلّ العيون الساهرة على الحدود لتحرس الوطن، وطوبى لكلّ القابضين على جمر الحرّية، ليرفعوا الرايات، والبنيان، ويُحلّقون في سماء الوطن، آمنين مطمئنين، وعيونهم تقرّ بالنصر والرفعة والكرامة، وليحيا الوطن.

ارسال التعليق

Top