• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دور الأخلاق في بناء الفرد والمجتمع

السيد محمد نجيب

دور الأخلاق في بناء الفرد والمجتمع
   لا نجافي الحقيقة إن ادّعينا أنّ للأخلاق شأناً عظيماً في حياة الناس، توقف عليها مصير شعوب ومجتمعات ساد بعضها حينما وجدت، وباد الآخر حينما فقدت. ولا نقول شططاً أو مبالغة إن ادّعينا أيضاً أن لمفردات هذه الأخلاق وتفاصيلها والحث عليها وتطبيقها يعود سبب بعث الأنبياء في سلسلة طويلة بلغت الآلاف عبر التاريخ أرسلوا لأقوالهم بهدف إرشادهم إلى هذه الأخلاق القويمة، وكان آخر هؤلاء رسول الله (ص) الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق كما جاء في الحديث. والواضح من هذا المروي المشهور أنّ الأنبياء السابقين - عليهم السلام - كانت مهمتهم الدعوة إلى الأخلاق الكريمة، كما أنّ الرسالة الإسلامية كانت مهمتها إتمام هذه الأخلاق والوصول بها إلى غاية الكمال نظراً إلى أنها خاتمة الرسالات وآخر عهد اتصال الوحي الإلهي بالأرض.   - الدين والأخلاق: وحدة في الهدف: وحينما ندرك أنّ الهدف من هذه البعثات السماوية كان تصحيح مسار البشرية من خلال الدين – كرسالة – لتنظيم علاقات الناس وحفظ حقوقهم، وإذا كانت الغاية لهذه البعثات هو الأخلاق السليمة – كما قلنا – وتتميمها عبر خاتمة الرسالات – إذا أدركنا هذا فقد أدركنا عظيم الصلة بين الدين والأخلاق ووحدة الهدف والمضمون والمحتوى بينهما، بل ليس لدينا في الواقع شيئان بل شيء واحد يُعبّر عنه تارة بالدين وأخرى بالأخلاق الكريمة. وإذا كانت الأخلاق هي فن التعامل مع الغير – إلهاً كان ذلك الغير أو إنساناً أو نفساً – ضمن قواعد وأصول وأعراف، فإنّ الدين أيضاً فن في التعامل مع الغير كما جاء في الحديث النبوي: "الدين المعاملة"، وهل الدين إلا دستور ينظّم علاقات الإنسان بربه وبنفسه وبالناس! وذاك هو الخلاف الجوهري بين تعريفنا للدين في مفهومنا وتعريف الغربيين له، فهم يعتبرونه صلة خاصة بين الإنسان وربه تأسّس وتتقوّى في المسجد والكنيسة وأماكن العبادة فقط، ولا شأن للدين في علاقات الناس بين بعضهم البعض. أما مفهومنا نحن فهو تنظيم علاقات المرء بخالقه ونفسه وأبناء مجتمعه وفق شرائع الخالق. إنّنا نريد أن نصل بعد هذه المقدمة إلى نتيجة نعتبرها أساسية في نظرتنا إلى الأخلاق وهي أنها ليست شيئاً كمالياً يمكن التحلي بها في زمانٍ ونبذها في زمان آخر، دون أن تؤثر شيئاً في الحياة العامة للناس، بل نريد أن نوجد توأمية بين الدين والأخلاق، وأن كل واحد منهما يصب في خدمة الهدف نفسه وهو تربية الفرد على أسس سليمة تخرجه من جاهلية عاداته وتقاليده الشارعية غير المتزنة، إلى نور التحضّر الروحي والخلقي لا المادي فقط. وهذا هو سرّ حضارة وبقاء أمّةٍ وانهيار أخرى كما يعبّر عن ذلك الشاعر: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت **** فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا إننا لا نعتبر هذا القول دليلاً وحيداً بذاته وإنما عبّر به الشاعر عن واقع مُتسالم عليه بين عقلاء الناس، ذلك لأنّ الأُمّة التيلا يحكمها دستور أخلاقي معيّن إنما هي أمة تسير نحو الهاوية، لأن أخلاق الغاب هي التي سوف تسيطر على حياة الناس فتتحكم الأنانية والمصلحة الخاصة على ما عداها، وسوف تسود روح الفساد في المجتمع. كما يقرّر القرآن الكريم هذه الحقيقة حيث يقول: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) (الروم/ 41)، وفي القرآن الكريم أمثلة كثيرة تتحدث عن أقوام بلغوا القمة في التحضر المادي ولكنهم كانوا يعيشون مرتبة كبيرة من الانحطاط الخلقي الروحي الذي كان يتمثّل بمظاهر الظلم والطغيان والفساد وارتكاب كثير من حالات الإغتصاب والإعتداء على حريات الآخرين وأعراضهم وكراماتهم، فكان نتيجة ذلك أن دُمِّروا تدميراً وبقيت آثار بعضهم العمرانية تدل على مدى رقّيهم المادي، ولكن ذلك لم يفدهم شيئاً لأنّ البناء النفسي كان خاوياً على عروشه فلم تغن عنهم ماديتهم شيئاً. وهكذا ندرك مدى أهمية الأخلاق في تطوير المجتمعات أو انحلالها، باعتبار أن تلك الأخلاق وخاصة التشريعية منها تمثل الدستور والقانون الذي يتعامل على أساسه الناس، ولذا قلنا في بدء حديثنا بأنّ الأخلاق هي فنّ التعامل بين الناس، بشكل يحفظ المصلحة الخاصة ولا يجحف بالمصلحة العامة التي تتكوّن من خلال تنازل كل إنسان عن بعض مصلحته الذاتية في سبيل إنعاش المجتمع ككل، حيث يُعتبر هذا الفرد في النهاية جزءاً منه وبالتالي يستفيد من هذه الفائدة العامة.   - من يشرّع الأخلاق؟ وهنا نستطرد إلى نقطة مهمّة كانت مدار نزاع بين الباحثين وهي تعيين المشرّع لهذه الأخلاق، أي من الذي يستطيع إيجاد الموازنة الدقيقة بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة فلا تطغى إحداها على الأخرى.. ولا ينبغي إيجاد أي خلل في عملية التوازن تلك، إذ أن طغيان الأولى على الثانية سوف يوجب انعدام هذه الأخيرة وبالتالي سيطرة فئة من الناس سمح لها الزمن بأن تكون ذات سلطة تشريعية، ولن تشرّع أي قانون إلا ذاك الذي يتلاءم مع مصالحها الخاصّة، ولن يكون للمصلحة العامة إلا بعض العناوين الإعلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. وتلك هي مصيبة النظام الرأسمالي الذي أعطى كل شيء للفرد بحجة أنّ المجتمع يتكوّن من أفراد، ومن مصلحة كل واحد مجتمعة مع الأخرى تتشكل مصالح المجتمع. أمّا طغيان المصلحة العامة على المصلحة الخاصة فسوف يُحوّل الفرد إلى آلة ميكانيكية ضمن مؤسسة كبرى لا يستفيد منها إلا شبع بطنه وكسوته، وينتج عن ذلك قتل روح الطموح في نفسه واعتبار ذاته كأي عامل يستوفي أجره في نهاية كل شهر، سواءً عمل بإخلاص أم لم يعمل. وهكذا يتحوّل هؤلاء العمال إلى أناس يتّكل البعض منهم على الآخر في إنجاز أعماله، فتنعدم روح الأخلاق والتفاني والتضحية ما دام هذا العامل لا يستفيد من كل هذا الإنتاج إلا الشيء اليسير. وذلك هو خطأ المجتمع الاشتراكي والشيوعي الذي ينظر إلى الفرد تلك النظرة الدونية القاتلة لذاته المسحوقة. في هذه الحال سوف ينتج عن تغليب إحدى هاتين المصلحتين – العامة والخاصة – على الأخرى إنعدام المسلك الخُلُقي ويتحوّل المرء حينئذٍ إما إلى فرد مادي لا يحسب إلا حساب منفعته فقط، وإما إلى فردٍ سُحقت أحلامه، وذاب في ذلك الخضم المجتمعي الكبير فغدا شمعة تضيء للآخرين دون أن تستفيد شيئاً من نورها. ومن هنا ندرك قيمة الأخلاق التي توازن بين كلتا هاتين المصلحتين وتعطي الإنسان قيمة حقيقية لكل طاقة يؤدّيها لنفسه أو لمجتمعه، وليس هناك من قوّة تعي نقاط الضعف والقوة في الإنسان إلا خالق ذلك الإنسان، وتلك هي مهمّة الدين الذي يحاول تربية المرء بشكل صحيح فيعطي الدواء الناجع، ولا يتركه عرضة لأخلاقٍ يغلب عليها طابع المنفعة والزمن الآني، فتصبح تلك الأخلاق عامل هدمٍ، بدل أن تكون عامل بناء. إنّنا بالقدر الذي نشدّد فيه على دور الأخلاق نشدد كذلك على مصدر تلك الأخلاق إذ لا يكفي فقط معرفة الداء، بل إن معرفة الدواء ومصدره لهما شأن كبير في تصحيح المسار وإزالة المرض، وإلا غدا الدواء هو المرض، أو سبب إطالة المشكلة. وإلى هنا باستطاعتنا أن نؤكد على التوأمية التي أشرنا إليها في بدء الحديث بين الأخلاق والدين، أو هما شيء واحد يعبّر عنه بعنوانين.   - بناء المجتمع الصالح، يستند إلى البناء الأخلاقي للفرد: ولعلّنا لا نعدو الحقيقة إن قلنا بأن بناء المجتمع الصالح والدولة العادلة والأسرة السليمة، كل هذه ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببناء الفرد بناءً صحيحاً وصياغته خالية من العيوب والأدران. ذلك لأنّ الدولة والمجتمع والأسرة كلها أبنية لَبِناتُها وأساسها هو الفرد والأفراد، وبمقدار ما نحرز جودة هذه اللبنات، نحرز فخامة هذه الأبنية – الدولة والمجتمع والأسرة – ومتانة أسسها. وهنا نشير إلى أهمية خطابات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي تخاطب المؤمنين كأفراد لا كجماعات، وهدف هذه الخطابات هو توجيه هذا الفرد وخاصة في العصر الأول لظهور الإسلام حيث كان الإنسان الجاهلي يعيش على مجموعة من الغرائز التي نمت بشكل عشوائي، دون أن تخضع لأية عملية تربوية تزيل عنه تلك العادات والتقاليد القاسية، والتي غالباً ما تخضع لمزاج شخصي أو نمط عرفي أقرب للوحشية منه إلى التحضر؛ وعلى هذا نفسّر عادة وأد البنات وشرب الخمر، والميسر وحالات الظلم المتمثلة بالغزو والنهب والإعتداء على الآخرين. وعلى هذا الأساس ندرك صعوبة المهمّة التي أوكلت إلى الرسول (ص) في ذلك المجتمع البائس.. إذ كان عليه (ص) أن يمارس مهمتين كبيرتين: الأولى: سلخ ذلك الإنسان الجاهلي عن هذه العادات التي أصبحت جزءاً مهماً من حياته العامة، ومحاولة ثنيِهِ عن ممارسة كثير منها وإفهامه مدى خطورتها وخطورة الاستمرار عليها. والثانية: - وتأتي بعد نجاح الأولى – وهي عملية بناء وصياغة شخصيته على أسس إسلامية جديدة وصحيحة تعترف بغرائز تلك النفس البشرية ولا تفكر بإلغائها بل تحاول تهذيبها وعقلنتها والخروج بها من حالات الهيجان التي تردي صاحبها في مهاوي الرذيلة والفساد. وهكذا نرى كم كانت شاقة مهمة الرسول (ص) في إخراج أولئك الناس الاوائل من الظلمات إلى النور: من هدم البناء الداخلي للإنسان بكل ما فيه من عقد وانحرافات وظلمات إلى تشييد بناء آخر يختلف تماماً عن سابقه، خالٍ من أي عيب أو خطأ، بل وقد يصل المؤمن مع هذا البناء الجديد إلى درجة "العصمة الممكنة" إذا استطاع أن يبلغ بنفسه إلى أرقى مراتب الكمال الممكن وذلك في حدود استطاعته وإمكاناته، ولا يمنعه من ذلك أي شيء لو أحسن حالة التربية تلك ولم يتخذ هوى نفسه وغرائزها وشهواتها غاية يسعى لتحقيقها كيفما كان. وهكذا الحال بالنسبة لأي إنسان يريد أن يتربّى على أساس الإسلام سواء كان في عصر النبي (ص) أو في العصور اللاحقة، لابدّ أن يتخلّى عن كثيراً من أنانياته ولا يعيش اللذة الشخصية والآنية بل يعيش لذة أكبر يستأنس بها حتى لو خالطها ألم آني لا قيمة له أمام شعوره وإحساسه بأنه يقدّم شيئاً لأمّته ومجتمعه، متقرّباً إلى الله تعالى ومطمئناً إلى عدم ضياع أي جهد يؤديه ما دام هو يخدم تلك الأمة ونفسه التي بين جنبيه، وما دام يشعر – وهو يؤدّي كل صغيرة وكبيرة – أنه في تجارة مع الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الصف/ 10-11). وهكذا تفتح الأخلاق عند الإنسان الملتزم آفاقاً واسعة لنفسه فلا يحصرها فقط عند حدود الأنا ومنافعها الزمنية نتيجة حبه الدنيوي لذاته، بل يغدو منفتحاً على كل الناس ينظر لهم كما ينظر لذاته ويخلص لهم كما يخلص لها. ويتحوّل حبه لذاته من حب مادي إلى حب أعمق يشمل المادة والروح.   - انحراف الفرد ينعكس على المجتمع: إننا نريد أن نصل ونحن في الحديث عن أهمية التربية الأخلاقية في الإسلام إلى القول بأن هذه الأخلاق التي يتوقف عليها كثيراً بناء المجتمع قد تكون في أغلب الأحيان كذلك سبباً لانههيار المجتمع، إذ أن تفشي ظاهرة التحلل الخلقي بين الناس سوف ينعكس سلباً على احترامهم لبعضهم البعض وينتج عن ذلك بالتالي كثرة الأخطاء في علاقات الناس بل وتعمّد ارتكابها في سبيل تحصيل الربح السريع ولو على حساب الآخرين. إن خطأ الفرد لا ينبغي أن يُفسّر على أنّه خطأ فردي وعيب شخصي بل إننا نعتبر ذلك خطأً تنعكس آثاره على المجتمع كله لا على الشخص الواحد فقط، وكم من الأحداث السيئة والمشاكل الرهيبة بدأت بحادث فردي – كما شاع قول ذلك مؤخراً – ثمّ تطوّر إلى مشكلة اجتماعية أو سياسية أو عسكرية كبرى. إننا لا نقول بفصل الفرد عن المجتمع بل هو جزء أساسي منه مهما بلغ ذلك الفرد من الدونية أو الوضاعة. وعلى هذا فأيّة سلبية أو إيجابية تعود لذلك الفرد إنما تمسّ الأُمّة كلها وتتحمّل بجملتها تبعات تصرفات أفرادها. ولا شك أن لمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومسألة جهاد النفس وكذلك أهمية كفالة اليتيم وإنقاذه من براثن الضياع والفساد وغير ذلك من أمثال هذه المفردات التشريعية في الإسلام التي ترتكز على صياغة الفرد، كل هذه تصب في هدف منع الإنسان المسلم من الوقوع في الخطأ والانحراف كي لا تقع الأمة معه في ذلك.   - الأسلوب التربوي العقلاني.. وليس التثوير الحماسي: وإذا كانت للفرد هذه الأهمية الكبرى في المجتمع فمن الطبيعي أن نجد كل خطابات القرآن أو أكثرها وكذا السنة النبوية الشريفة ترتكز على مخاطبته كفرد وتُغفِل مخاطبة الجماهير التي ترتكز غالباً على الجانب الحماسي وإثارة العاطفة، وهذا هو أسلوب الحركات والأحزاب السياسية التي تحاول الإستعجال في كسب وتحريك الجماهير فتعتمد على عنصر التثوير عبر طرح الشعارات الفضفاضة وعبر قيام التظاهرات والإضرابات. وكان أن نتج عن ذلك فقدان الوعي السياسي والتحرك العقلاني. وقد أدّى ذلك الأسلوب الخاطىء في مخاطبة عواطف الجماهير وإثارتها أن اكتشف أفرادها بعد مدة زيف تلك الشعارات ووجدوا أنفسهم بعد مدّة كبيرة من الزمن – انقضى من عمرهم – أنهم زالوا في مكانهم لم يتقدّموا قيد أنملة وأنّ الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لم تتقدم شبراً واحداً. إننا ندعو إلى نبذ هذا الأسلوب واعتماد أسلوب الاهتمام بالجانب التربوي الفردي أي تركيز الفرد تربوياً وثقافياً وفكرياً وأخلاقياً لأن ذلك سوف يكون الضمانة الحقيقية لاستمرار المسيرة الهادفة ولو استدعى ذلك وقتاً أطول لإقناع الناس بصحتها. إنّ أسلوب تثوير الناس وبث روح الحماسة فيهم قد يخدم آنياً، ولكنه قد لا يدوم طويلاً لأنّه يعتمد على الإعلام والدعاية ومخاطبة العاطفة والتشهير بالآخرين دون مخاطبة العقل والإقناع الفكري، وهذا الأخير هو الأسلوب الانجح الذي يعتمد على بيان الحقيقة والتعلق بها عبر دروس تثقيفية تعتمد على قواعد صحيحة وأسس سليمة يستنتج هو بنفسه منها الرأي الصائب بدلاً من أن يلقّن تلقيناً تلك النتائج فإذا به يجترها دون فهم أو وعي.   - الأزمة الأخلاقية هي المنبع لسائر الأزمات: يمكننا أن ندّعي أخيراً أن أية أزمة تغزو العالم بوجه عام وإسلامي بوجه خاص مردّها إلى فقدان التربية الصحيحة، وإن أية أزمة سياسية أو عسكرية أو اجتماعية فهي تعود في جذورها إلى أزمة أخلاقية تطغى فيها مصلحة "الأنا" على أيّة مصلحة أخرى فينعدم فيها احترام حقوق الآخرين وتسود فيها علاقة الظالم والمظلوم التي سرعان ما تتحوّل إلى أزمة تتخذ شكلاً من أشكال القوة والقهر والتسلّط العسكري أو السياسي أو الاجتماعي، وتلك هي قصة الاستكبار العالمي مع الدول الضعيفة التي لا يُراعى حقها في الحياة الحرة الكريمة فيستاغ الاعتداء عليها وتقع تحت قبضة الاحتلال. إننا نعتبر الأزمة في جذورها العميقة هي أزمة تربوية أخلاقية، تحوّلت على مدار سنوات عدة إلى أشكال متعدّدة فكانت مظاهرها اقتصادية وسياسية واجتماعية وعسكرية وغير ذلك من أشكال خطيرة مرشحة للوصول إليها في المستقبل.   المصدر: مجلة نور الإسلام

ارسال التعليق

Top