حاول كثير من الأطباء دراسة العلاقة التي تربط ما بين سلامة القلب ونوعية الغذاء التي يتناولها الإنسان. وهل صحيح أنّ هناك بعض الأغذية التي تزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب؟
لعلّ من أكثر أمراض القلب شيوعاً مرض الذبحة الصدرية (Angina Pectoris) ومن أعراضها حدوث آلام شديدة في الصدر يصاحبها صعوبة في التنفس وشعور بآلام في اليد اليسرى أو اليدين معاً، مع زيادة في إفراز العرق والإحساس بالغثيان والدوار (الدوخة).
ويقول الأطباء إنّ حدوث الذبحة الصدرية إشارة واضحة إلى أنّ الشريان التاجي (Coronary artery) الذي يمد القلب بالدم قد أصبح ضيقاً، وبالتالي لا يدفع بكمية الدم المناسبة إلى القلب. ويمكن القول بأنّ مَن يصابون بالذبحة الصدرية أسعد حظاً من أولئك الذين يموتون بأزمة قلبية مفاجئة نتيجة ضيق أو انسداد الشريان التاجي وقد لاحظ الأطباء الباحثون أنّ معدلات الوفاة في ارتفاع مستمر بسبب انسداد الشريان التاجي رغم التطور الهائل في ميدان الطب ورغم استحداث طرق جديدة في العلاج واستخدام مزيد من الآلات والأدوات الطبية الدقيقة.
وبعد أن تعرفنا على أهم أمراض القلب وأكثرها شيوعاً، نحاول الآن الإجابة على السؤال الذي بدأنا به المقال. وهو: هل هناك علاقة بين نوعية الغذاء الذي يتناوله الإنسان وبين أمراض القلب؟
ويجيب المتخصصون: تزداد الشواهد يوماً بعد يوم على أنّ نوع الغذاء يلعب الدور الأساسي الأوّل في الإصابة بضيق الشريان التاجي أو انسداده. وقد لاحظ أحد هؤلاء المتخصصين أنّ الشخص الذي تبلغ نسبة الكوليسترول (Cholesterol) في دمه 260 ملجم لكلّ 100 سم3 يزيد من احتمال إصابته بانسداد الشريان التاجي بنسبة 4 أضعاف عن الشخص الذي تبلغ لديه نسبة الكوليسترول 220 ملجم. أما الأشخاص الذين تقل عندهم نسبة الكوليسترول في الدم بحيث تصل إلى 150 ملجم لكلّ 100 سم3 فإنّ احتمال إصابتهم بانسداد الشريان التاجي تكاد تنعدم.
وهناك عوامل أخرى تساعد على الإصابة بهذا الداء الخطير؛ منها التدخين والوراثة والإجهاد. وقد ثبت أنّ تناول أنواع معينة من الأطعمة تعمل على تحاشي الإصابة بهذا الداء، بل إنّها تساعد تدريجياً في تخفيف حدة الداء بحيث تقضي على أعراضه في النهاية. ومن أهم هذه الأطعمة الحبوب والبقول والفواكه والخضروات وذلك لاحتوائها على كثير من الألياف التي تعمل على تنظيم نسبة الكوليسترول في الدم. لقد أثبتت الأبحاث التي أجريت في كلّ من الولايات المتحدة واليابان والهند أنّ الأطعمة التي تحتوي على نسبة كبيرة من الألياف تعمل على خفض نسبة الكوليسترول في الدم، مما يؤدي بالتالي إلى تقليل احتمال أو انعدام الإصابة بضيق أو انسداد الشريان التاجي. ومن المعروف أنّ زيادة نسبة الكوليسترول في الدم ترجع إلى تناول الأطعمة الغنية بالدهون، وتعمل الألياف على التخلص من الكوليسترول الزائد، إنّ الكوليسترول يتحوّل في الكبد إلى أملاح الصفراء (Bile salts) التي يفرزها الكبد وتذهب إلى الأمعاء الدقيقة. وهنا تقوم الألياف بعملها حيث تدفع الكوليسترول إلى الأمعاء الغليظة ليتم التخلص منه عن طريق التبرز.
وخلاصة القول: إنّ قليلاً من الكوليسترول وكثيراً من الألياف خير وقاية وعلاج للشريان التاجي والقلب ألا ترى معنا ذلك؟
د. يحيى جمال الدين (أخصائي الأمراض الباطنية)
المصدر: مجلة طبِّب نفسك
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق