• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

سيدة نساء العالمين بفضائلها

عمار كاظم

سيدة نساء العالمين بفضائلها

الزهراء (عليها السلام) هي سيدة نساء العالمين بفضائلها، سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، لأنها تجمع عناصر الشخصيّة التي تتميّز بها المرأة وترتفع بها حتى تكون في مواقع القمَّة، لأنّ قضيّة أن تكون سيدة نساء العالمين، ليست مجرّد مرتبة تُعطاها دون أن تملك عناصرها في شخصيّتها، ولكنّها مرتبة تُعطاها من خلال ما يعرفه الله سبحانه وتعالى الذي خلقها من عناصر هذه الشخصية. ولم يكن اصطفاء الله لأنبيائه ولأوليائه وللنّساء اللاتي كرّمهنَّ، ينطلق من فراغ، بل كان اصطفاءً ينطلق من الخصائص التي تجذب هؤلاء إلى الله، وتجعلهم في المستوى الذي يملكون حمل الرّسالة وتجسيد القيم الروحيّة في الحياة. كانت (عليها السلام) تعيش الحركيّة النبويّة في كلِّ وجدانها وكيانها، وتُعطي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ ينابيع الحنان المتفجّرة من قلبها. وهكذا، أعطاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلمته الخالدة «إنَّها أمّ أبيها»، فلقد شعر بأمومة ابنته له، أمومة الرّوح والحنان والعاطفة.
كانت تملك ثقافة التّوحيد، وثقافة النبوّة، وثقافة حركيّة الإسلام وانطلاقاته، وثقافة الواقع الاجتماعيّ الّذي كان المسلمون يعيشونه، وثقافة الجدال في القضايا التي أثيرت آنذاك للاستدلال بالقرآن في محكم آياته. وكانت عندما تتحدَّث عمّا تؤمن به من حقّ عليّ (عليه السلام)، لم تكن تتكلَّم بطريقة عاطفيّة، ولكنّها كانت تتكلّم بطريقة علميّة وثقافيّة وحركيّة في الواقع كلّه، علينا أن ندرس الزهراء (عليها السلام) في الجانب الثقافيّ من شخصيَّتها، وفي الجوانب الأخرى من شخصيَّتها، كالجانب الإنسانيّ في الشّموليّة الإنسانيّة، وفي المعنى الّذي تعيشه تجاه الإنسان الآخر، وفي هذا الانفتاح على الواقع كلّه، وأن ندرس الجانب الرّوحيّ الّذي كانت تعيشه مع الله سبحانه وتعالى، إضافةً إلى الجانب الحركيّ في حركتها الثّقافيّة والجهاديّة. وهكذا، نجد أنَّها الشّخصيّة النّسائيّة المقدَّسة في الإسلام لدى المسلمين كلّهم، لا لأنها ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن لأنّها عاشت في شخصيَّتها شخصيّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كثيرٍ من عناصرها المميَّزة المستلهمة من عناصر شخصيّته المميّزة. نحن نأخذ من قول الزهراء (عليها السلام): «الجار ثم الدار»، أنها كانت تعيش هموم الناس قبل همومها، وآلام الناس قبل آلامها، وكانت تتطلَّع إلى أحلام الناس في كلّ حياتهم قبل أن تتطلَّع إلى أحلامها الشخصيّة، وأن يصل الإنسان إلى مستوى، بحيث ينفتح على الناس وهو المثقل بالآلام والهموم، قبل أن ينفتح على نفسه، فإنّ هذه الأريحية هي قمّة الإنسانيّة وقمّة الروحيّة، وتلك هي قصّة أصحاب الرّسالات الّذين يفكّرون في الناس قبل أن يفكّروا في أنفسهم، وقد سقط من سقط ممن حملوا الرّسالة في حركتهم، من خلال اعتبار الرّسالة جسراً للعبور إلى ذواتهم.
لذلك، علينا في تربيتنا الإسلاميّة أن نتربى أولاً، وأن نربي الناس ثانياً على أن يحبّوا الناس، ذلك أنَّ الإنسان الَّذي يحمل في قلبه البغض للناس، لا يستطيع أن يملك مفتاح قلوبهم، بينما بإمكان المحبّة المنفتحة على إنسانيّة الإنسان أن تفتح قلوب الناس، وقد جاء في كلمة الإمام علي (عليه السلام): «احصد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك»، فابدأ بقلع الشرّ من صدرك، فإنك بذلك تخطو الخطوة الأولى لتحصده وتقتلعه من صدورهم.

ارسال التعليق

Top