• ٥ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

شموخ الإمام الحسين (ع) وتضحيته

عمار كاظم

شموخ الإمام الحسين (ع) وتضحيته

إنّ شموخ الحسين (ع) وتضحية الحسين (ع)، وبطولة الحسين (ع)، أروع أمثلة شهدها تاريخ الشموخ والتضحيات والبطولات. الحسين بن عليّ (ع) هو قمة من قمم الإنسانية الشامخة، وعملاق من عمالقة البطولة والفداء. فالفكر يتعثر وينهزم، واليراع يتلكأ ويقف أمام إنسان فذّ كبير كالإمام الحسين، وأمام وجود هائل من التألق والإشراق، كوجود الحسين... وأمام إيمان حي نابض، كإيمان الحسين... وأمام سمو شامخ عملاق كسمو الحسين... وأمام حياة زاهرة بالفيض والعطاء كحياة الحسين.. إنّنا لا يمكن أن نلج آفاق العظمة عند الإمام الحسين، إلّا بمقدار ما نملك من بعد في القصور، وانكشاف في الرؤية، وسمو في الروح والذات... فكلما تصاعدت هذه الأبعاد، واتسعت هذه الأطر، كلما كان الانفتاح على آفاق العظمة في حياة الإمام الحسين أكثر وضوحاً، وأبعد عمقاً... فلا يمكن أن نعيش العطاء الحي لفيوضات الحسين، ولا يمكن أن تغمرنا العبقات النديّة، والأشذاء الرويّة، لنسمات الحياة تنساب من أفق الحسين. ولا يمكن أن تجللنا إشراقات الطهر، تنسكب من أقباس الحسين... إلّا إذا حطمت عقولنا أسوار الانفلاق على النفس، وانفلتت من أسر الرؤى الضيقة، وتسامت أرواحنا إلى عوالم النبل والفضيلة، وتعالت على الحياة المثقلة بأوضار الفهم المادي الزائف. فيا مَن يريد فهم الحسين، ويا مَن يريد عطاء الحسين، ويا مَن يتعشق نور الحسين، ويا مَن يهيم بعلياء الحسين، افتحوا أمام عقولكم مسارب الانطلاق إلى دنيا الحسين، اكسحوا من حياتكم أركمة العفن والزيف، حرّروا أرواحكم من ثقل التيه في الدروب المعتمة، عند ذلك تنفتح دنيا الحسين، وعند ذلك تتجلى الرؤية، وتسمو النظرة، ويفيض العطاء، فأعظم بإنسان.. جدّه محمّد سيد المرسلين، وأبوه عليّ بطل الإسلام الخالد، وسيد الأوصياء، وأُمّه الزهراء فاطمة سيدة نساء العالمين، وأخوه السبط الحسن ريحانة الرسول، نسب مشرق وضّاء، ببيت زكي طهور. في أفياء هذا البيت العابق بالطهر والقداسة، ولد سبط محمّد (ص)، وفي ظلاله إشراقة الطهر من مقبس الوحي، وتمازجت في نفسه روافد الفيض والإشراق، تلك هي بداية حياة السبط الحسين، أعظم بها من بداية صنعتها يد محمّد وعليّ وفاطمة (صلّى الله عليهم أجمعين)، وأعظم من وليد، غذاه فيض محمّد (ص) وروي نفسه إيمان عليّ (ع)، وصاغ روحه حنو فاطمة (عليها السلام)، وهكذا كانت بواكير العظمة تجد طريقها إلى حياة الوليد الطاهر، وهكذا ترتسم درب الخلود في حياة السبط الحسين. فكانت حياته (ع) زاخرة بالفيض والعطاء، وكانت حياته شعلة فرشت النور في درب الحياة، وشحنة غرست الدفق في قلب الوجود. فهو الشهيد الخالد في دنيا الإسلام الذي قدّم روحه وأرواح البررة الممجّدين من أبنائه وإخوانه وأبناء عمومته وأصحابه قرابين خالصة لوجه الله تعالى بأحيى بها دين جدّه التي جهد الحكم الأُموي على قلع جذوره ومحو سطوره. إنّ ثورة أبي الأحرار أعظم ثورة عملاقة سجّلها التاريخ، فقد أيقضت المسلمين من سباتهم وحطّمت عنه سياج الذلّ والعبودية فانطلقت الثورات يتبع بعضها بعضاً في معظم أنحاء العالم الإسلامي وهي تحمل شعار الثورة الحسينية وتطالب بعزّتها وكرامتها وأمنها ورخائها الذي فقدته أيام الحكم الأُموي، حتى أطاحت به وقلعت جذوره، كلّ ذلك ببركة ثورة أبي الأحرار، التي أوضح الله بها الكتاب وجعلها عبرة لأُولي الألباب. بقيت صرخات الحسين (ع) في كربلاء تدوي مدى التاريخ وتؤتي أكلها كلّ حين بأذن ربها كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. وبقيت شرارتها أزلية دائمة تمد الأُمّة دوماً بكواكب الثائرين والمجاهدين المحافظين عن حريم الأُمّة الإسلامية..

وبقي زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار يومض في ليالي الخوف والإرهاب وفي دياجير الظلمات والضلالة ليكون مصباحاً للهدى يلتمسه الغافلون والحيارى والذابين عن دينهم ورسالتهم..

ارسال التعليق

Top