• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

صلاح الأفراد من صلاح المجتمع

عمار كاظم

صلاح الأفراد من صلاح المجتمع

صلاح الأفراد من صلاح المجتمع، كما أنّ صلاح المجتمع من صلاح أفراده، فصلاح كلّ منهما ينعكس على الآخر، فالمجتمعات الآمنة المطمئنة التي تقلّ فيها حالات الانحراف، ولا نقول تنعدم فليس هناك مجتمع ملائكي على وجه الأرض كلّها، هذه المجتمعات تنتج أفراداً صلحاء، كما أنّ الأفراد الصالحين يقوّون بدورهم النهج الإصلاحي في المجتمع بما يشيعونه من سلوك نظيف يحدّ بدوره من الانحراف، ويجعل المنحرف متردداً في فعل يفعله. وقد يمارسه بعيداً عن مرأى الناس وسمعهم، وإذا حصر الانحراف أو المنكر في الدائرة الضيقة سهلت السيطرة عليه وتطويقه.

بناءً على ذلك، فإن مسؤولية مكافحة الانحراف وحماية الشباب منه مسؤولية تضامنية تنهض بها مجموعة من الجهات والمؤسسات منها الأسرة، فهي المحضن الأوّل للشاب وللفتاة على حدّ سواء، وعلى مدى التربية التي يتلقاها كلّ منهما في صغره يتحدّد مستقبلهما. فإذا حظيا بأسرة صالحة رجح أن يكونوا صلحاء، والعكس صحيح. وقد تلعب عوامل خارجية كثيرة دورها في انحراف الشباب والفتيات، لكن يبقى دور العامل الأسري في الحماية والوقاية والصيانة من أهم العوامل على الإطلاق: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (التحريم/ 6). فالأسرة هي الحجر الأساس في البناء التربوي، وكلّما كان متيناً أمكن التنبؤ بمستقبل يبشِّر بالخير والصلاح. وبخلافه إذا كان هشّاً فإنّه لا يصمد أمام الضغوط والتحديات، وحينها لابدّ من جهود ذاتية استثنائية كبيرة يبذلها الشاب حتى يعوّض حرمانه من ذلك البناء ببناء آخر متين وهو (الدين). كذلك المراكز التعليمية والتربوية، فالمدارس والمعاهد والمراكز التعليمية والتربوية الأخرى هي البيوت الثانية للتربية. ولذا فإنّ رسالة التربية التي يجب أن تضطلع بها المدارس الإسلامية يجب أن تتقدّم على رسالة التعليم، أو لنقل أنّها ينبغي أن تسير بشكل متوازٍ معها وأن لا تتخلّف عنها، فربّ كلمة من معلم أو معلمة تهدي شاباً أو فتاة وتنقذهما من الوقوع في هاوية لا قرار لها. دور المعلم الذي ينظر إلى التلميذ على أنّه ابنه الثاني ويتابعه ويرشده ويهديه ويسدّده ويقوّم سلوكه قد يفوق دور الوالدين في بعض الأحيان. أمّا إذا تظافرت الجهود التربوية وانضمّ الجهد الأسري إلى الجهد المدرسي فإن ذراعين رحيمين سيحتضنان الجيل. أيضاً، لا ننسى دور الثقافة الإصلاحية، فهي أسلوب معاصر في المعالجة على المستوى التثقيفي يُطرح على شكل منشورات ملوّنة ومصوّرة وصغيرة، تناقش كلّ نشرة مشكلة انحرافية محددة وبشكل مكثف، أي إنّها تجيب على أسئلة محددة، فيمكن لنشرة من هذه النشرات أن تعالج ظاهرة التدخين بين الشباب، وتتساءل: ما هي مضار التدخين، وكيف تجتنبه؟ هذه النشرات أشبه شيء بالمنشورات الصحية التي تعالج مرضاً معيناً وبمستوى ما يصطلح عليه بـ(الثقافة الشعبية أو الجماهيرية) أي الثقافة التي تقدم وجبة سريعة من المعلومات المنقّطة والمضغوطة والنافعة كأوليات في التثقيف بالمرض وبسبل معالجته. أما مواقع الشبكة المعلوماتية الخاصّة بالشباب فلها دور مهح. حيث تتولّى هذه المواقع الشبابية مسؤولية جسيمة في رصد الظواهر الانحرافية وطرحها على صفحات مواقعها الشبابية، ذلك أنّ الأنظار اليوم متجهة إلى هذا الاختراع الذي يشدّ الانتباه ويسترق الكثير من الوقت وينافس العديد من وسائل التثقيف التقليدية. فدور المواقع الشبابية هو جزء لا يتجرأ من رسالتها أن توجد حالة من التثقيف الأوسع بالظاهرة الانحرافية وطرق تفاديها، سواء باستشارة أخصائيين أو باجراء استطلاعات للرأي، أو بالردّ على أسئلة الشباب بأبوابها المختلفة، أو إدارة الحوارات التي يشرف عليها مختصون للخروج بأفضل الصيغ وأنسب الحلول.

ارسال التعليق

Top