يعاني الكثير من أولياء الأمور من عناد أطفالهم وتصميمهم على رأيهم وتلبية رغباتهم، وعناد الأب أو الأم بممارسة السلوك المناقض لما يطلبونه منهم حتى مع تهديدهم بالعقاب والحرمان.. فلماذا يتبع الأطفال هذا السلوك ويتحملون كلّ ما يترتب عليه من نتائج سلبية؟ وما هي الوسائل الأفضل للتعامل مع هؤلاء الأطفال واكتساب طاعتهم لنا؟
إنّ العناد ظاهرة نفسية يتبعها الطفل لتحقيق حاجة معينة قد تمثل هدفاً ظاهرياً أو غير معلن، لذلك فإنّ البحث عن أسباب هذا السلوك وعن الغاية التي يهدف الطفل لتحقيقها جراء اتباعه له هو أمر مهم لعلاجه.
وقد يكون السبب أحياناً هو جلب انتباه الوالدين أو الآخرين لحصوله على الثناء منهم والإطراء جراء قدرته على التحمل والمقاومة. وقد يكون الأمر نوعاً من الرغبة في إظهار الشخصية وإبراز عنصر الاستقلال عن الوالدين، وإثبات قدرة الطفل بأنّه قادر على الاختيار والفعل والحركة دون والديه. وقد ينجم الأمر عن ضيق يساور الطفل نتيجة التدخل المستمر في شؤونه الحياتية اليومية ورغبته في اتخاذ زمام أموره بيده.
ومن المهم للوالدين محاولة تحديد الأمور التي يظهر عناد الطفل خلالها، فهل هي تتعلق بأمور الطعام والشراب أم الملابس، النوم، الواجبات المدرسية، أم كلّ هذه الأمور معاً.. ومع من يعاند الطفل، هل شخصاً بذاته أم يتبع هذه الطريقة مع الكل..
وقد أثبتت بعض الدراسات أنّ الأطفال يميلون إلى اتباع هذا الأسلوب مع الأُم أكثر من الأب رغبة في الحصول على المودة والحنان واستدرار العطف والمنفعة، كون الأم تميل بسهولة لتلبية رغبات الطفل وتعتبر المصدر الأوّل لإشباع حاجاته، وقد تكون الغيرة من أحد الأخوة سبباً في ذلك وشعور الطفل بأن حقه مهضوم، وبالتالي فهو يسعى إلى مقاومة أوامر الوالدين كنوع من المطالبة بهذا الحق.
وتظهر أولى ملامح هذا السلوك في السنة الثانية من العمر عندما يبدأ الطفل بالتنقل والإفلات من يد الأم واستكشاف العالم الخارجي من حوله والرغبة بالتحرر من القيود وصرامة التعليمات والممنوعات. ويظهر العناد بشكل أكبر لدى الأطفال الذين يتربون في أسر صارمة غير متسامحة تفرض قوانينها على أبنائها دون نقاش، مع أنّ الطفل الذي يحظى بحماية والديه الزائدة قد يظهر عنده العناد أيضاً رغبة في التحرر من الاتكالية والخروج عن الدائرة المسموح بها.
وفيما يلي مجموعة من الإرشادات العامة التي تفيد الأُم والأب في التعامل مع هذا السلوك:
- أن تحرص الأُم على جذب انتباه الطفل كأن تقدم له شيئاً يحبه مثل لعبة صغيرة أو قطعة حلوى، ثمّ تعطيه الأوامر بأسلوب لطيف.
- تقديم الأوامر دون تشدد أو تسلط وإتاحة المجال للمناقشة، مع إظهار بعض الحنان كالتربيت على الكتف أو الإحتضان.
- عدم إعطاء مجموعة من الأوامر في نفس الوقت، خاصة عندما تكون فوق طاقة الطفل.
- تجنب أن تكون المهمة التي سيقوم به الطفل تحرمه من حاجة أخرى يريد إشباعها، أو تتعارض مع ميوله ورغباته.
- إعطاء أمر واحد لمرة واحدة دون تردد والثبات عليه، أي أن لا نأمر بشيء ثمّ ننهى عنه بعد ذلك.
- توضيح للطفل أنّ الأسرة كلها مستفيدة من هذا الأمر كذلك هو من ضمن الأسرة.
- تعزيز الطفل (مكافأة) عند قيامه بالأمر المطلوب مباشرة وعدم التأخير في ذلك خاصة عندما نعده بالمكافأة.
- تجنب اللجوء إلى العقاب اللفظي أو البدني كوسيلة لتعديل سلوك العناد عند الطفل.
- يجب متابعة الطفل بأسلوب لطيف وبعيداً عن السيطرة، وسؤاله عما إذا نفذ الأمر أم لا، كمتابعته عند الطلب منه أداء الواجبات المدرسية.
- اعتبار التكليفات المعطاة له نوعاً من تحمل المسؤولية حيث إذا لم ينجزها يتم حرمانه من معزز محبب له.
- شرح مفهوم طاعة الوالدين من منظور ديني، وتوضيح الأجر الرباني الذي يترتب على هذه الطاعة.
- إهمال سلوك الطفل في بعض الأحيان التي يعاد فيها سلوك العناد والتظاهر بعدم الاكتراث بالسلوك، ما دام ذلك لا يشكل خطراً على أحد.
- ضرب نماذج وقصص مسلية لأطفال أو أناس مطيعين وقد أخذوا حظهم نتيجة طاعتهم.
- عدم الرضوخ لمطالب الطفل عندما يصمم عليها وأن يكون لتلبية هذه المطالب ضوابط وقواعد.
- تعويد الطفل على تحقيق حاجاته بطلبها شفهياً والحوار من أجل الوصول لها، دون اللجوء إلى العناد أو البكاء والغضب.
المصدر: كتاب حياتنا النفسية/ إعداد وتأليف د. حسان
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق