• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

عيشوا طبيعياً قبل أن يدق ناقوس الخطر

عيشوا طبيعياً قبل أن يدق ناقوس الخطر

الشفاه الباهتة إنذار بالسكري والشيب يردعه فيتامين (B12)

وجهُكِ شاحب؟ جلدكِ جاف؟ عيناك، البياض في عينيك، بلون يكاد يميل إلى الأحمر والقزحية محاطة بلونٍ يميل إلى الأبيض؟ أظافركِ تتكسر؟ تعانين الشيب المبكر؟ حكاك؟ متكرر يُلازمكِ، يزعجك، ينتهي باحمرار في الجلد وبثور وتقرحات؟ لماذا تجتاحُكِ من حين إلى آخر إشارات مرضية مزعجة مقلقة؟ لماذا هناك دائماً من يسألكِ: لماذا أنتِ شاحبة؟ هل أنتِ مريضة؟ لماذا شعرك متقصف باهت؟

تُرى هل سبب كلّ هذا أنّك لا تعرفين كيف تُنصتين طبيعياً إلى نداءات جسدك؟

ثمة مقولة كانت زمان رائجة: من عينيها تعرفون أسرارها! فلنضف إليها: ومن جلدها وأظافرها وشعرها ولونها أيضاً تعرفون صحّتها. فهل علينا بالتالي أن نُصغي إلى نداءات صحتنا باكراً عبر اتباع أنظمة غذائية وسلوكية طبيعية مئة في المئة؟

فلنتكلم بالصيغة العامة متوجهين إلى الإناث والذكور على حدّ سواء، لأنّ السلوكيات الصحّية الخاطئة قد تصدر من الجنسين... فماذا في التفاصيل؟

ليس سراً القول إنّ أغلبية البشر يهملون العلامات التحذيرية التي تلوح على محياهم وأجسادهم منذرة بمرض ما داهم. فإذا قال لهم أحد: لماذا هذا الشحوب على وجوهكم؟ يجيبون: ربما تعب. وإذا حذرهم أحد من جفاف الجلد الظاهر يتذرعون بالطقس ويعللون بأسباب غالباً وهمية لا أساس لها.

الشحوب له أسباب أبعد من التعب، والجفاف له أسباب أعمق من طقس بارد أو حار. الجلد، على سبيل المثال لا الحصر طبعاً، تلزمه إمدادات بفيتامينات متنوعة، من قلب الجسم، ليبدو في صحّة جيدة. افتقار الجلد إلى فيتامين (أ) مثلاً يجعله يبدو جافاً، يتقشر بسهولة، وخطوطه قد تبدو أكثر وضوحاً. ويؤثر فقدان هذا النوع من الفيتامينات في الأظافر فتتكسر بسهولة وسرعة.

كثيرون يصابون بالحكة الجلدية، ويصبح لون جلدهم أحمر، وطبيب الأمراض الجلدية قد يصف كريمات ستيرويدية أو مضادات حيوية، وهنا، في مثل هذه الحالة، لابدّ أن تسألوا أنفسكم: ما أسباب هذه الحكة؟ وهل يكفي أن نتعالج أم علينا أن نبحث عن الأسباب لنقي أنفسنا من تكرارها؟ قليلون جداً يبحثون عن الأسباب وكثيرون جداً يكتفون بوصفة الطبيب العلاجية و"نقطة ع السطر". الجلد، لمعلوماتكم، يحتاج إلى تغذية، وهو يتأثر في بعض الحالات من سوء أداء الكبد، وهو ما يسمى بالركود الصفراوي، أي حين تعجز الصفراء، ونعني بها السائل الذي تفرزه المرارة، عن عبور القناة الهضمية فتتراكم في الدم وتسبب الحكة.

ماذا يعني إصفرار الجلد؟ ماذا يعني بكلام آخر شحوب الجلد؟

لعلّ هذا السؤال يلوح في بال الكثيرين، ممن عانوا أو يعانون هذا الشحوب الجلدي. فماذا يقول الأطباء في مثل هذه الحالة المرضية التي تلتقطها العين المجردة؟ يؤثر تناول كميات كبيرة من الأطعمة التي تحتوي على بيتا كاروتين، مثل الفاكهة والخضار التي يميل لونها إلى الأحمر والبرتقالي والأصفر، إلى شحوب البشرة. أما في حال مالت أكثر إلى اللون الأصفر فهذا قد يكون مؤشراً إلى حالة يرقان أو إلى مشاكل في الكبد، وذلك نتيجة اختزان الجلد الصباغ الطبيعي "بيليروبين" بسبب سوء عمل الكبد.

ضروري جدّاً تناول كميات كافية من المياه والسوائل، لأنّ نقصها يؤدي إلى نقص المياه في خلايا الجلد، ما يرتدّ شحوباً على سطحه، ولا يعود جسم الإنسان قادراً على الحصول على السوائل الضرورية الكافية من أجل المحافظة على حيوية وظائف الأعضاء. وفي هذا الإطار يُنصح بتناول أكثر من ليتري مياه في اليوم، خصوصاً إذا كانت الحرارة تميل إلى الحرّ، والجسم يتصبب عرقاً.

أمر آخر يلفت البشر دائماً، إناثاً وذكوراً، ويربكهم أحياناً ويجعلهم يتساءلون: ما سبب هذا الشيب المبكر؟ هل المسألة مجرد تقدم في العمر أم جينات وراثية أم تحولات داخلية تستحق العناية ليبقى التاج شاباً جميلاً؟

طبياً، قد يكون الشيب الزاحف إلى رؤوسنا باكراً إيذاناً بنقص فيتامين "ب12" في أجسامنا، وهو ما يطلق عليه اسم: الأنيميا الضارة. و"ب12" هو الذي يساعد على نمو الشعر ويكسبه لونه. وفي التفاصيل، أنّه حين ينقص هذا الفيتامين يتقلص إنتاج كريات الدم الحمراء، وتصبح أكثر عرضة للتكسر، وهذا ما قد يسبب ظهور فقر الدم. وتترافق هذه الحال في أحيان كثيرة مع تعب وفقدان في الوزن وإسهال.

كيف نواجه فقر الدم الذي يؤثر أيضاً، كما سبق أن قلنا، في ظهور الشيب المبكر؟

الجواب البديهي طبعاً هو عبر الإكثار من تناول المأكولات التي تحتوي على فيتامين "ب12"، خصوصاً الأطعمة ذات المصدر الحيواني، مثل: اللحوم والأسماك والأجبان والبيض... وأكثر مَن يعانون أو مَن قد يعانون افتقار هذا الفيتامين هم الأشخاص النباتيون.

سماكة الشعر نذير إيجابي أيضاً، وعدمها دلالة إلى خلل ما، قد يكون نقص في عنصر الحديد الذي يحتاج إليه الشعر لينمو بصحّة ونضارة. وتعاني السيدات غالباً نقص هذا العنصر خلال الدورة الشهرية، لهذا يفترض بمن يعانون أو يعانين بالتحديد شعر ضعيف أخذ إمكانية نقص الحديد في أجسامهم في الاعتبار، ويمكن علاج هذه الحالة بتناول مكملات الحديد والمأكولات الغنية بهذه المادة.

إذا كان نقص الحديد يضرّ بالشعر، فإنّ تدني عمل الغدة الدرقية قد يكون عاملاً آخر تتأتى عنه حواجب ضعيفة وشعر باهت، ويمكن التأكد من هذه الحالة عبر اختبار دم بسيط، وعلاجها يكون بتناول مكملات مادة "الثيروكسين" التي تفرزها في الحالات الطبيعية الغدة الدرقية.

ماذا عن شفاهكم؟ هل تتشقق بسهولة؟ هل تتشقق كثيراً؟ هل هي باهتة؟ ماذا عن اللسان؟ هل يعاني بقع بيضاء وتقرحات؟

الأسباب هي هنا أيضاً أبعد من حدود الشفاه وأعمق من مشهد اللسان. ففقر الدم قد يسبب تشققات على جانبي الشفتين، وربما تكون هذه العلامة أيضاً دليلاً على إصابة الإنسان بالسكري، لأنّ مستويات الغلوكوز العالية تؤدي إلى نمو نوع من الفطريات التي تجد زوايا الشفاه مرتعاً خصباً لها. الشفاه الباهتة قد تكون، في بعض الأحيان، إشارة إلى وجود مشكلات في القلب والرئتين أيضاً، بسبب تدني مستوى الأكسجين في الدم، الذي يؤدي انخفاضه إلى ازرقاق في الشفتين، ولعلّ إهمال مثل هذه الحالة الظاهرة قد يؤدي إلى مضاعفات داخلية جمة.

وجود بقع بيضاء على اللسان واللثة دلالة أيضاً على وجود فطريات، ما يقتضي استخدام غسولات مضادة لها. أما في حال لم تستجب الأماكن المصابة لهذا النوع من العلاج واستمرت متقرحة، تميل إلى الأبيض الناصع، فهذا قد يكون إنذاراً مبكراً بحدوث تغيرات خطيرة في خلايا الجسم.

ماذا عن النزف المتكرر في اللثة؟

السبب قد يكون بسيطاً ويتمثل في تراكم طبقة البلاك على الأسنان بسبب إفرازات حمضية مفرطة في اللعاب، كما قد تتسبب التهابات العظام التي تثبت عادة الأسنان في مكانها بنزيف في اللثة نتيجة الإكثار من شرب الكحول وتناول المأكولات الحارة. وينصح الأطباء هنا بتنظيف الأسنان مرتين في اليوم على الأقل عبر استخدام الخيط لا الفرشاة وحدها. أما في حال استمر الدم ينهمر باستمرار من اللثة، فهذا قد يقتضي وضع ما هو أخطر في الحسبان، فلربما ما يحصل إيذان مبكر بإصابة سرطانية داهمة.

نعود للعينين اللتين هما بمثابة مرآة حقيقية شفافة قادرة على أن تروي الكثير من خبايا الجسد الصحّية والنفسية.

وفي هذا الإطار، ماذا يعني وجود دوائر بيضاء مثلاً في العينين؟

يردّ الأطباء هذه الحالات التي قد تحيط بقزحية العيون إلى إنذار واضح بارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم. وبالتالي لا يجوز إهمال هذه الحالة، ويجب التذكر دائماً أنّ إنقاص الوزن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام عاملان يساعدان على تخفيض مستوى الكوليسترول في الدم.

احمرار العينين قد يكون أحياناً نتيجة سوء اختيار مواد التجميل، أو علامة على وجود التهاب في القزحية، نتيجة عدوى فيروسية تأتي من التهابات في المعدة على سبيل المثال طبعاً لا الحصر. شحوب أسفل الجفنين قد يكون بدوره إنذاراً بالإصابة بفقر الدم ونقص في الحديد، وهذا النقص قد تنتج عنه أيضاً هشاشة في الأظافر فتتكسر بسهولة. وما دمنا قد تحدثنا كثيراً عن الحديد نشير إلى حاجة العنصر الخشن، أي الرجال، إلى ما لا يقل عن 9 ملليغرامات من الحديد يومياً، في حين تحتاج النساء إلى نسبة أعلى بسبب خسارتهنّ الدم خلال الدورة الشهرية، وهن يحتجن يومياً إلى 15 ملليغراماً من الحديد يومياً.

محظوظ مَن له أحد يهتم به، ومحظوظ هو الجسد الذي يعرف صاحبه فلسفة الحياة في أنّ مَن يملك الصحّة يملك الأمل ومَن يملك الأمل يملك كلّ شيء. فلتحيا الصحّة وليحيا الأمل ولتحيا قدرتنا على استكشاف الخلل في أجسادنا بالعين المجردة ومداواته طبيعياً قبل أن يُصبح الإنذار حالة والحالة مرضاً.

ارسال التعليق

Top