إنّ مساعدة الابن على تحقيق النجاح عنصر أساسي في تنميته، فالطفل إنسان يحتاج إلى النجاح ليكسب ثقة في نفسه وينال احترام مَن حوله وبالفشل يحبط ويكسل، وإذا افتقر الآباء والأمّهات على القدرة على بناء الثقة داخل نفوس أبنائهم، فهؤلاء الأبناء في خطر كبير، وسيعانون حتماً من مشكلات ومصاعب كثيرة في التعامل مع الآخرين، بل وفي سائر حياتهم.
إشعار الطفل بالنجاح يدفعه إلى بذل المزيد من الجهد ليستمر في هذا النجاح الذي رأى أثره فيمن حوله من خلال النظرات والتعليقات.
وهنا ننصح المربين بما يلي:
1- لا ينبغي أبداً تكليف الطفل بما يفوق طاقاته وقدراته مما يؤدي به إلى الإخفاق والفشل فيشعر بالعجز والإحباط فيحجم عن مواصلة نشاطاته، ومَن أراد أن يطاع فليأمر بما يستطاع، وربنا تبارك وتعالى لم يكلفنا إلّا بما في وسعنا، قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللهَ ما استَطَعتُم) (التغابن/ 16)، وقال تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللهَ نَفساً إلّا وُسعَهَا) (البقرة/ 286).
2- فشل الطفل لا يكون مسوغاً أبداً للنيل منه والسخرية والاستهزاء والتحقير والإهانة؛ ولكنه يشجع ويؤخذ بيديه نحو تحقيق النجاح تماماً كما إذا سقط فأخذنا بيده ليقوم.
3- لكي تكون نظرة الأبناء لأنفسهم جيدة، لابدّ أوّلاً أن تكون نظرة آبائهم وأمّهاتهم إليهم جيدة.
4- اثبت لطفلك أنه جدير بالحبّ ويستحقه وذلك بأن يكون حبّك له واضحاً وغير مشروط، عندما يحقق نجاحاً أو يواجه فشلاً، ومن النماذج الإيجابية أنه من حين لآخر كانت تضع واحدة من الأمّهات عبارة: "إنِّي أحبّك" على صندوق الغذاء الخاص بابنها.. عبارة بسيطة تعبر بها عن حبّها، ويعد هذا شيئاً لطيفاً يبدأ به ابنها طعامه. وقالت أُم أخرى إنّها لم تكن تنتظر أعياد ميلاد أبنائها أو أي مناسبات أخرى كي تمنحهم هدايا، كانت تمنحهم الهدايا بدون مناسبة.
5- شجِّع طفلك على المشاركة في كلّ أوجه الحياة- المدرسة والعبادة والرياضة والنوادي والهوايات والعمل والأصدقاء- ، مثل هذه المشاركات تساعده على أن يصبح أكثر حزماً، وتعلمه صفة القيادة وتكسبه مهارات وخبرات وتجارب مع دائرة رحبة من الأصدقاء.
6- صحِّح أفكار ابنك وانطباعاته عن ضرورة أن يكون أداؤه خالياً من الأخطاء، أخبره في وضوح لا لبس فيه أنّ هذا الكمال غير ممكن.
7- علِّم ابنك الاعتماد على النفس الذي يقود إلى الاكتفاء الذاتي، وذلك بأن ترفض تدليله أو تقديم العون له في كلّ مرّة يطلب فيها المساعدة، اتركه يطور قدرته على التصرف وعمل كلّ شيء دون مساعدة الآخرين.
8- أكِّد لابنك أنّ مواهبه وقدراته كافية ومناسبة تماماً حتى وإن لم تظهر طوال الوقت، وأنّه طفل متميز؛ ولكن ليس في كلّ شيء، وهكذا نحن أيضاً.
9- إنّ احترام النفس وتقديرها ليس هبة أو منحة نعطيها أو نمنحها لأي فرد.. إنّها شيء لابدّ من اكتسابه.. علِّم طفلك أن يتحمّل مسؤولية سعادته، وأن يخرج للعالم ويضع قدراته موضع التنفيذ بتجربته للأشياء. قال أحد الآباء إنّ القول المأثور المفضل لديه هو: "لا تأسف أبداً لشيء فعلته، بل من الأفضل أن تأسف لشيء لم تفعله"، لذا علِّم أبنائك أن يبحثوا عمّا يسعدهم ويفعلون إن لم يكن عيباً أو محرماً.
10- كن حذراً في اختيار الأنشطة التي يمارسها طفلك، لأنك بلا شك لا تريد أن تهدر فرصة في النجاح باختيارك أنشطة تكون فوق مستوى قدراته، وعليك أيضاً أن تلاحظ اختياراته لأنشطته الخاصة، فإذا اختار أنشطة صعبة وخارج حدود قدراته سيكتشف أنّه لن يستطيع الاستمرار وسيفقد حماسه ويتوقف في منتصف الطريق؛ ولكن ساعده بالرأي عندما يختار وأقنعه باختيارك.
11- امتدح في طفلك تميزه في مجال ما، وأضف إلى هذا أن تساله النصيحة أو الرأي في أُمور تتعلق بهذا المجال.
12- أخبره أنّه لا أحد يتفوق في كلّ شيء.. فاللاعب الذي يتألق في ساحات الملاعب قد لا يكون ممتازاً في العلوم، والعالم الكيميائي قد لا يستطيع أن يقذف بكرة القدم! لكن لكل منهما مساهماته الرائعة في المجال الذي اختاره، لم يتحسّروا على الأشياء التي لم يستطيعوا إنجازها، وبدلاً من ذلك وجهوا كلّ تركيزهم في الأشياء التي يستطيعون عملها ثم صمدوا وثابروا حتى تفوّقوا.
13- شجِّع ابنك على اتخاذ القرارات. عوِّد نفسك على أن تقول له عندما يطرح أسئلة: "ماذا تعتقد أنت؟"، أو: "قرِّر أنت"، حيث يقوم كثير من الآباء والأمّهات باتخاذ أبسط القرارات لأبنائهم ويجهلون أنهم قادرون تماماً على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم. أيضاً استخدم سؤال: "ماذا ترى في ... ؟"، فسؤال كهذا يشعرهم أنك تقدر آراءهم وترغب في الاستماع لما يريدون قوله. وإذا كنت حقاً تقدر آرائهم عليك بتجنب العبارة الهجومية التالية: "أنت مخطئ" عندما يصدر أحدهم خطأ واضحاً في رأي أو حكم.
14- حدِّد ما تتوقّعه من ابنك، بناءً على قدراته الظاهرة لك، ثمّ اهدأ ولا تتوتر، لأنك حين تتوتر تصبح كمن يقول له: "أعتقد أنك تستطيع أن تنجز هذا العمل؛ لكنني غير واثق من هذا"، كرِّر له أنّه ما يهم في المسألة هو أن يبذل أقصى جهد لديه وأن ينهي العمل الذي بدأه وأن يتعلّم من أخطائه.
15- احرص على أن تخفف عنهم الإحساس بالذنب الذي يشعرون به عندما يرتكبون أخطاء، فأنت لا تريد لأبنائك أن يشعروا كلّ يوم كأنهم يمشون على أطراف أصابعهم عبر حقل ألغام.
16- من الأساليب التربوية المهمّة التي تعزز ثقة الطفل بنفسه أسلوب قبول الطفل كما هو في الواقع، ليس الصورة المثالية التي نتمنّى أن يكون عليها. فإن مهمة الآباء والمربين التعامل مع الطفل كمن يبحث عن كنز مدفون ليكتشف مواطن القوّة في شخصيته والتركيز عليها وتعديل الأشياء التي يمكن تعديلها وقبول تلك التي لا يمكن أن تتغير. فإن كلّ طفل في هذا الكون وحدة فردية من نوعها، وكلّ طفل فريد بملامحه وقدراته وشخصيته.
*واعلم أنّ:
الأطفال الذين يعانون من عدم الثقة في أنفسهم يسيطر عليهم إحساس دائم بالضآلة، وبالتالي فهم يتصفون بالصفات التالية:
1- تجنب المواقف التي تسبب القلق: "اليوم لن أذهب إلى المدرسة لأن لدي امتحاناً صعباً".
2- يحط من قيمة نفسه وإمكانياته: "إنّ رسومي ليست جميلة".
3- شعوره بأنّ الآخرين لا يُقدِّرونه: "أصدقائي لا يحبونني وأبي يكرهني".
4- يلوم الآخرين على فشله: "لقد رسبت في الامتحان لأنّ المعلمة لم تشرح الدرس جيداً".
5- يتأثر بالآخرين: "صديقي علّمني أن أغش في الامتحان".
6- يستثار بسهولة: "أنا سوف أكسر هذه اللعبة".
7- يشعر بالعجز: "لا أستطيع أن أحل هذه المسألة".
8- يُعبِّر عن مدى ضيقه من الانفعالات: "أنا لا أهتم إن جاء أبي أم ذهب".
9- خجول يهاب طرق مجالات جديدة ومقابلة أُناس جدد.
10- يعتمد على أبويه في أبسط القرارات.
11- يُسبِّب له النقد خزياً وحرجاً شديداً.
12- يكبله الخوف من الفشل.
13- يسحقه الفشل مهما كان صغيراً.
14- يهتم بشكل مبالغ فيه بالتفوق والتميز.
15- في حاجة دائمة للتأييد والمساندة.
* محمد سعيد موسى
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق