إنّ اضطراب نقص الإنتباه وفرط الحركة لدى الأطفال عبارة عن توليفة من سلوك مفرط النشاط، قليل التهذيب، مع عدم إكتراث شديد، وعدم القدرة على الاستمرار في أداء أيّ عمل، وانتشار هذه الخصائص السلوكية عبر مواقف عديدة واستدامتها مع الوقت.
يحدث هذا الاضطراب دائماً في مرحلة مبكرة من نمو الطفل (عادة في السنوات الخمس الأولى من عمره)، ومن أهم مميزاته فقدان المثابرة على النشاطات التي تتطلب اندماجاً معرفياً وميلاً للإنتقال من نشاط إلى آخر دون الإنتهاء من أيّ منها، بالإضافة إلى نشاط مفرط وغير منظم. وتستمر هذه الإعاقات عادة خلال سنوات الدراسة وحتى أثناء الحياة في سن الرشد؛ ولكن كثيراً من الأفراد يُظهرون تحسُّناً تدريجياً في النشاط والانتباه.
والأطفال المفرطون في الحركة كثيراً ما يكونون غير مبالين ومندفعين، وبالتالي يتعرّضون للحوادث. ويجدون أنفسهم في مشكلات مع الأنظمة والقوانين لإخلالهم الدائم بالقواعد نتيجة عدم الإنتباه أكثر من تعمد التحدي.
- المظاهر الشائعة لاضطراب نقص الإنتباه/ فرط الحركة:
* فرط الحركة مثل التململ بعصبية، الحركة المتواصلة، عدم الجلوس في مكان واحد، الركض، التسلق.
* اندفاع، تهور، كأن يقاطع بأجوبة فجائية دون تفكير لديه، قلة صبر، ويكون الطفل غير منضبط ولا يستطيع انتظار دوره.
* مشكلات في التركيز، مثل قلة تركيز، نسيان غير منظم، يفقد الطفل الأشياء، وأكثر أخطائه ناتجة عن عدم الانتباه.
إنتشاره: تذكر المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض (1992) أنّ اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة ينتشر لدى الذكور أضعاف انتشاره لدى الإناث.
وقد وجدت الدراسات أنّ هناك نسبة من أطفال المدارس يعانون هذا الاضطراب، مما ينعكس سلباً على حياتهم المدرسية والاجتماعية.
أسبابه: يفترض أن تلعب العوامل الوراثية دوراً مهماً في اضطراب عجز الانتباه/ فرط الحركة.
وتتم الإشارة إلى تورط بعض المسارات العصبية المحددة؛ لكن الأساس العصبي لأنواع الاضطراب مازال يحتاج إلى بحث. وقد تمّ توضيح وجود علاقة بين الاضطراب والاختلالات في وظيفة الدوبامين.
ومن المحتمل وجود علاقة بين مشكلات الالتصاق المبكر والاضطراب.
ويشير أحمد السيد إلى دور العوامل البيوكيميائية في حدوث اضطراب نقص الانتباه، وإلى وجود علاقة بين عدد من حالات الشذوذ الجسمي في نمو الجنين والنشاط الزائد في مرحلة لاحقة.
ويرى عديد من العلماء تضافر العوامل الوراثية والعوامل البيئية في تشكل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة لدى الأطفال.
- معايير الدليل التشخيصي والإحصائي/ المعدل الرابع:
أولاً: المظاهر السريرية:
1- عدم الانتباه: استمرار (ستة أو أكثر) من أعراض عدم الانتباه التالية، لفترة لا تقل عن ستة شهور إلى درجة سوء التكيف، وعدم التناسق مع المستوى النمائي:
- يفشل الطفل في إعارة الانتباه للتفاصيل ويرتكب أخطاء طائشة في الواجبات المدرسية والعمل والنشاطات الأخرى في غالب الأحيان.
- يجد صعوبة في المحافظة على الانتباه أثناء تأدية المهام أو اللعب في معظم الأحيان.
- يبدو الطفل غير مصغٍ عند توجيه الحديث له في أحيان كثيرة.
- لا يتبع التعليمات ويخفق في إنهاء واجباته المدرسية والروتينية والعملية في غالب الأحيان.
- يصعب على الطفل دائماً تنظيم مهماته ونشاطاته.
- يكره الطفل ويتجنّب أو يرفض المشاركة في المهام التي تتطلب جهداً عقلياً متواصلاً.
- يضيَّع الطفل الأشياء الضرورية لإنجاز المهمات والأنشطة في أوقات كثيرة.
- يسهل إلهاء الطفل بمنبه عرضي في أوقات كثيرة.
- ينسى الطفل في معظم الأحيان النشاطات اليومية.
2- فرط الحركة: استمرار (ستة أو أكثر) من أعراض فرط الحركة/ الاندفاعية التالية لفترة لا تقل عن ستة شهور إلى درجة سوء التكيف وعدم التناسق مع المستوى النمائي:
أ) فرط الحركة:
- يداه تتململان وقدماه تلتويان في غالب الأحيان.
- يترك الطفل مقعده في الصف الذي ينتظر منه ملازمته.
- يتحرّك دائماً من مكان إلى آخر أو يتسلق في مواقف غير ملائمة.
- يصعب عليه اللعب أو المشاركة في أنشطة ترفيهية بهدوء.
- جاهز للنشاط أو يتصرف كأن محركاً يدفعه (على زنبرك).
- كثير الكلام.
ب) الاندفاعية:
- ينطلق الطفل بالجواب قبل انتهاء السؤال.
- يصعب عليه انتظار دوره.
- يقاطع الآخرين ويتدخل فيما لا يعنيه (يحشر نفسه).
ثانياً: وجود بعض أعراض عجز الانتباه أو فرط الحركة أو الاندفاعية قبل سن السابعة.
ثالثاً: وجود درجة من الاختلال نتيجة الأعراض في مجالين أو أكثر (المدرسة أو العمل أو المنزل).
رابعاً: ضرورة وجود إثبات واضح لاختلال وظيفي اجتماعي أو دراسي أو مهني.
خامساً: ألّا تحدث الاعراض حصرياً في أثناء اضطراب نمائي شامل أو الفصام أو الاضطرابات الذهانية الأخرى، ولا يمكن تفسيرها بصورة أفضل نتيجة اضطراب عقلي آخر، مثل اضطرابات المزاج والقلق والاضطراب الانشقاقي أو الاضطرابات الشخصية.
- العلاج:
تمّ استخدام الأدوية في علاج اضطرابات نقص الانتباه وفرط الحركة، حيث أثبتت الدراسات أنّ ما بين 60 و90 في المائة من الأطفال ذوي النشاط الزائد يستجيبون جيداً للأدوية المنبهة (المنشطات)، وقد تمّ استخدام العديد من الأدوية في علاج الاضطراب وأعراضه، منها مضادات اكتئاب ومثبطات؛ ولكنّها لم تحقق تقدماً ملموساً.
يُنصح بالأسلوب الشامل في علاج هذا الاضطراب، حيث يجب تثقيف الأهل والمدرسين حول اضطراب نقص الانتباه/ فرط الحركة لدى الأطفال، وإشراكهم في تصميم وتطبيق استراتيجيات العلاج. ويمكن استخدام المنبهات النفسية (مثيل فينيدات وديكس امفيتامين) في حال تأثير الأعراض على التعلم أو التفاعل الاجتماعي أو الحياة العائلية. وتمكن الأدوية أيضاً الأطفال من المشاركة بنشاط أعلى في العلاج الذاتي لاضطراب نقص الانتباه/ فرط الحركة.
ولابدّ من توجيه الأهل والمدرسين إلى طريقة التعامل المثلى مع الأطفال الذين يعانون هذا المرض، حيث إنّ هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى مستوى ثابت من التنبيه المعتدل والموجه والمركب الذي يستطيعون التحكم به؛ لكن التنبيه الزائد من خلال المشاركة غير الموجهة في أنشطة المجموعات الكبيرة غالباً ما ينتج عنه سوء التصرف.
ومن هنا تستفيد المدارس من الصفوف الصغيرة مع الهدوء وقلة الإلهاء وثبات سلوك المدرس.
* د. ناديا محمد رتيب
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق