• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فلسطين رمز الوحدة والإخاء

فلسطين رمز الوحدة والإخاء

أكّدت الرسالة الإسلامية على الوحدة الإنسانية بالمساواة بين أجناس البشر وشعوبهم وقبائلهم، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات/ 13). وقد بلّغ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الرسالة في حجة الوداع، فتلا الآية، وقال ما خلاصته: «ألا لا فضل لعربيٍّ على عجمي، ولا عجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود، إلّا بالتقوى». وهذه الوحدة الإنسانية تتضمّن الدعوة إلى التآلف بالتعارف، وإلى ترك التعادي بالتخالف.

ولما كان الإسلام قد أوجب الإيمان بجميع الرُّسل وعدم التفرقة بينهم، (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) (البقرة/ 285)، وبيّن أنّ التفرقة بينهم في الإيمان هي الكفر حقّ الكفر، وأنّ الإيمان بالجميع بغير تفرقة هو الإيمان حقّ الإيمان، فإنّ ذلك يؤكّد تأكيداً قاطعاً على عالمية الرسالة الإسلامية، ويثبّت إنسانية هذا الدِّين.

إنّ الإيمان بأنّ دين الله تعالى الذي أرسل به جميع رُسُله، واحدٌ في أصوله ومقاصده من هداية البشر وإصلاحهم وإعدادهم لسعادة الدُّنيا والآخرة، وإنما كانت تختلف صور العبادات والشرائع باختلاف استعداد الأقوام، ومقتضيات الزمان والمكان، حتى بُعث الرسول العام بالأصول الموافقة لكلّ زمان ومكان، مع الإذن بالاجتهاد في المصالح التي تختلف باختلاف الأطوار والأحوال، وقد انفرد بهذه الحقيقة العادلة، المسلمون من دون أهل الملل والأديان. فقد كرَّم الإسلام بهذا نوع الإنسان، ومهد به السبيل للألفة والأخوّة الإنسانية العامّة.

وفي الدِّين الإسلامي الحنيف نتوحّد وفي قضاياه أيضاً نتوحّد، ومن أهم القضايا العالقة في العالم العربي والإسلامي هي قضية فلسطين.. حيث تحتل أرض فلسطين مكانة عظمى في الإسلام، إذ بها القدس ثاني مدينة أشرق بها نور التوحيد بعد مكّة المكرمة، حيث بُني بها المسجد الأقصى بعد بيت الله الحرام أوّل بيت وضع للناس بأربعين عاماً، هذا المسجد الذي كان أُولى القبلتين، ونال المنزلة الثالثة في القدسية بعد المسجد الحرام ثمّ المسجد النبويّ، وأُطلق عليه لذلك ثالث الحرمين، وامتدت حوله البركة لتشمل أرض فلسطين كلّها، حيث قال الله عزّوجلّ عنه: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)  (الإسراء/ 1).

نحن المسلمون أمام مسؤوليات كبيرة أمام الله تعالى، بأن نحيي الحقّ ونحميه، إنّ إعلاء كلمة الحقّ يحتاج إلى نوعٍ من المواجهة على مستوى الكلمة والموقف والحركة والعلاقات، لتعزيز الحقِّ على كلِّ الصُّعد، وهي مواجهة تحتاج إلى يقظةٍ وعزمٍ لا يلين. القرآن الكريم ندَّد بأُولئك الذين يصمتون عن الحقّ، أو يكتمون البيِّنات، حتى استحقّوا أن يتوعّدهم الله بالطرد من رحمته حين قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (البقرة/ 159).

لذلك يجب أن تبقى فلسطين في وجدان الشعوب الإسلامية والعربية وفي تفاصيل اهتمامها، لأنّ التخلّي عنها هو تخلٍّ عن القضية المركزية الأُمّ، وهذا ما لا يرضاه المسلمون والعرب الشرفاء، ولا يقبلون به.. فلنوحّد كلّ طاقاتنا في سبيل حفظ الحقوق والكرامة، ومواجهة الظلم والظالمين، مهما كانت التضحيات، حتى نثبت حضورنا وفعلنا وتأثيرنا العزيز المشرّف في كلّ ما يهمّ حاضرنا ومستقبلنا.

ارسال التعليق

Top