◄إنّ من أنواع الترفيه المريح الذي يبعث على نشاط الإنسان وحيويته ويترك آثاراً إيجابية على تحسين وضعه النفسي وصحّته الجسمية، هو السفر. والسفر من وجهة نظر الإسلام واحد من أنواع الترفيه التي تعود على الإنسان باللذة والاستمتاع، وقد أكّدت الأحاديث الشريفة والروايات على أهمية السفر، شرط أن لا يكون بهدف الإتيان بمعصية أو القيام بما هو غير مباح لكسب اللذات.
في وصية النبيّ (ص) لأمير المؤمنين (ع): "يا عليّ لا ينبغي للرجل العاقل أن يكون ظاعِناً إلّا في ثلاثٍ، مَرَمَّةٍ لمعاشٍ أو تزوُّدٍ لمعادٍ أو لذَّةٍ في غيرِ مُحرّمٍ".
ثمة ثلاثة أنواع من السفر في هذا الحديث الشريف، النوعان الأوّل والثاني لا يدخلان في صلب بحثنا لأنّهما ليسا سفر سياحة وترفيه، فالنوع الأوّل يقوم به الإنسان لكسب معاش وتأمين لقمة العيش، وهو في الحقيقة سفر لأداء الواجب ضمن ساعات العمل، والنوع الثاني يقوم به الإنسان لأداء واجب ديني أو تكليف معنوي، وهو ليس للراحة والاستجمام، أو النوع الثالث فهو للترفيه عن النفس، وهذا النوع من السفر يقوم به الإنسان في أوقات فراغه للاستجمام وإصابة المباح من اللذات وخاصة للشبابنا.
السفر والسلامة:
إنّ أوّل أثر مفيد يتركه السفر على الإنسان ويضفي جواً ملائماً على حياته، هو سلامة الجسم واكتساب الحيوية والنشاط. فالذين يسافرون في أيام عطلهم لإزالة تعب أشهر من العمل المستمر وتجديد القوى، إنما يساهمون في استعادة سلامتهم وقواهم إلى جانب ترفيههم واستجمامهم.
قال رسول الله (ص): "سافِرُوا تَصِحُّوا".
"كانت مسألة تغيير الماء والهواء – أي السفر – سائدةً ومتّبعة بشكل طبيعي في العصور الماضية، وكان يتم عن هذا الطريق معالجة المرضى المصابين بأمراض مزمنة لا علاج لها، واليوم أيضاً يُعتبر السفر جزءاً من البرامج الضرورية في حياة الناس، وواحداً من أهم عوامل السلامة. وبشكل عام فقد ثبت طبّياً أنّ رتابة الحياة والعمل والغذاء تضرّ بالإنسان وتتلف أعضاءه بصورة أسرع، ومن هنا ينبغي أن تصبح مسألة تغيير الحياة وتنوّعها جزءاً من البرامج الصحية".
"سافروا وحاولوا أن تتجوّلوا مشياً على الأقدام واعلموا أنّ السير يعتبر جزءاً من أفضل أنواع الرياضة، فسيروا عدة ساعات يومياً على الأقل، لينشط جريان الدم في أجسامكم وتقوم الغدد الإفرازية وسائر أعضائكم بأداء واجباتها على أفضل وجه، فتلفظ أجسامكم السموم وتستعيدون حيويتكم ونشاطكم، وتهدأ أعصابكم، وتغطّون في نوم عميق دون الحاجة إلى أقراص منوّمة. فسفرة مريحة واحدة تترك عليكم أثراً أقوى من مئات الزجاجات من الأقراص والشراب المسكن والمقويّات والحقن".
السفر واكتساب المعلومات:
ثمة أثر مفيد ثانٍ للسفر هو تعزيز قدرة الإدراك واكتساب المزيد من المعلومات وتقوية الشخصية. فالإنسان الذي يسافر في عطلته بهدف السياحة والاستجمام، ويجول في المدن والبلدان، يجد أمامه فرصة مناسبة للتعرّف على مختلف الأوضاع الطبيعية والاجتماعية في تلك البلدان ويلمس عن كثب ما بلغته من رقي حضارة أو تراجع وتخلّف، ويشاهد تطور الحالة العمرانية أو تأخّرها فيها، ويتعرّف على شعوب مختلفة بعادات وتقاليد متفاوتة تستأثر باهتمامه وتشغل عليه تفكيره، ويحاول الاستفادة منها علمياً وعملياً لرفع قيمته الشخصية.
قال النبيّ (ص): "سافروا فإنّكُم لَم تَغْنَمُوا مالاً أُفِدْتُم عَقلاً".
فوائد السفر:
وفي ديوان نُسب إلى أمير المؤمنين عليّ (ع):
تَغَرَّبْ عن الأوطانِ في طَلَبِ العُلى *** فسافِرْ ففي الأسفار خَمْسُ فوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ واكتسابُ معيشَةٍ *** وَعِلْمٌ وآدابٌ وصُحبَةُ ماجِدِ
وبخلاصة فإنّ السفر يعتبر من أنواع الترفيه السليم والحيوي، وبمقدور الشباب أن يستفيدوا من التسهيلات التي وفّرتها الصناعات الآلية في مجال المواصلات، ويسافروا في إجازاتهم السنوية ليستمتعوا بفوائد هذا النوع من الترفيه.►
المصدر: كتاب الشاب بين العقل والعاطفة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق