• ٦ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٤ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

في ذكرى مولد الإمام المهدي(عج)

عمار كاظم

في ذكرى مولد الإمام المهدي(عج)

الإمام المهدي (عج)، هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (ع)، الذي أدخله الله تعالى في عالم الغيب، فكانت غيبته معجزة إلهية في غيب الله الذي لا يعرف سرّه إلا هو سبحانه، لينفتح بظهوره في هذا الامتداد الكوني الشامل، وفي هذه النتائج الكبرى على الغيب كله أيضاً، في ما يظهره الله من غيبه، فهو الذي أعدّه الله ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.

في الخامس عشر من شعبان، ذكرى ولادة الحجة القائم (عج) الذي أعدّه الله تعالى ليكون المنقذ والمخلّص والمجدِّد للإسلام في حركته وشريعته ومفاهيمه، والذي يؤسس للعدل الشامل في الأرض كلها، فلا يكون هناك ظلم في أيّ موقع من المواقع الخاصة والعامة.

علينا أن نحيي هذه الذكرى بأن نؤمن بالعدل كعنوان إسلامي كبير، وأن نكون مع الناس المظلومين في أي مكان، وأن نكون ضد الظالمين، لأن العدل هو هبة الله للناس كلّ الناس، وهكذا الظلم، فالله تعالى يرفضه من الناس كل الناس. علينا أن نكون المسلمين الذين ينطلقون بالعدل لتكون كلّ حركتهم في الحياة حركة عدل، وأن يكونوا العادلين في كلماتهم، وأن يكونوا العادلين في معاملاتهم، وأن يكونوا العادلين في علاقاتهم، وأن يكونوا العادلين في أحكامهم ومواقفهم في حالي الرفض والتأييد، لأنك لا يمكن أن تكون مسلماً إذا لم تكن عادلاً، ولأن الله ربط الإسلام بالعدل.

علينا أن نتبنّى العدل، وإذا ذكرنا الإمام الحجة (عج) على أنه العدل المنتظر، فإن علينا أن نستلهم منه هذا الخط الإسلامي الشامل للعدل، وأن نفهم بأن طريقنا هو هذا الطريق، فلا نرضى بظلم ظالم، سواء كان فرداً أو مجتمعاً أو حكماً، بل نعمل لنقف ضد هذا الظالم في خطةِ حكمه، حتى نستطيع أن ننقذ الناس من هذا الظلم أو ظلم ذاك، حتى ننشر العدل في الكون كلّه، بأن نكون مع كلّ الدعاة للعدل حتى لو اختلفنا معهم في الكثير من المواقع، وأن نتعاون مع الذين نختلف معهم في الخط الفكري إذا كنا نلتقي معهم في مرحلة معينة أو في خط معين.

إنَّ العدل الشَّامل هو هدفٌ للحياة كلِّها، وهو في الوقت نفسه خطّ الإسلام.. يقول تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (الحديد/ 25)، والقسط هو العدل، فمنذ آدم حتى نبيّنا محمَّد (ص)، كانت الرّسالات حركة عدل، عدل في العقيدة وفي الشّريعة وفي المفاهيم، وفي الواقع في علاقة الإنسان بنفسه وبربّه وبالنّاس من حوله وبالحياة، إنَّ مسألة العدل هي مسألة القاعدة الّتي يرتكز عليها الإسلام، ولا بدَّ من أن نحمله في أنفسنا، فيعدل الإنسان مع نفسه، فلا يظلم نفسه بالكفر والانحلال والانحراف، وأن يعدل مع ربّه، فيوحِّده ولا يشرك به شيئاً، ويطيعه ولا يعصيه، والعدل مع النَّاس فلا يظلم أحداً، والعدل مع الحياة فلا يبغي في الأرض بغير الحقّ، وأن يتحرَّك العدل في حياتنا كشعارٍ ننطلق به في كلِّ مواقعنا، بأن نعيش العدل في أنفسنا وفي علاقاتنا مع بعضنا البعض وفي علاقاتنا بالواقع.

إن هذه الذكريات، هي ذكريات الإسلام في امتداد حركته وخطه، إنها ذكريات قضية الإنسان في تأصيل إنسانيته، إنها الذكريات التي تلهمنا كيف نكون جنود الإسلام في خطّ الحرية، وكيف نكون جنود الإسلام في خطّ العدل، وأن ننطلق مع ذكريات عظمائنا في التاريخ من أجل أن نصنع أكثر من عظيم في الحاضر والمستقبل، عظيم في فكره، وعظيم في إيمانه، وعظيم في ثورته، وعظيم في كلّ مواقفه.

ارسال التعليق

Top