• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

قبسات من فضائل الإمام الصادق «عليه السلام»

عمار كاظم

قبسات من فضائل الإمام الصادق «عليه السلام»

الحديث عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، إمام المسلمين وأستاذ الفقهاء والمحدثين ومرجع العلماء والمفكرين، إنما هو حديث عن عَلَم من أعلام أهل البيت (عليهم السلام)، ومرحلة من مراحل امتداد الامامة والقيادة الفكرية والسياسية في حياة المسلمين. لم يحتل أحد المكانة المرموقة والمقام السامي في عصر الامام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) كالمكانة التي احتلها هو. فقد كان له موضع خاص ومقام فريد في نفوس كلّ الذين عاصروه، فعامة المسلمين وجمهورهم كان يرى جعفر بن محمد (عليهما السلام) سليل بيت النبوة، وعميد أهل البيت (عليهم السلام). فقد فاق الجميع بسعة إدراكه وشدّة ذكائه.

شَقَّ الإمام الصادق (عليه السلام) عُباب العلوم ببصيرتة الثاقبة حتى ملأ الدنيا بعلومه، وهو القائل: «سلوني قبل أن تفقدوني فإنّه لا يحدّثكم أحدٌ بعدي بمثل حديثي». ولم يقل أحد هذه الكلمة سوى جدّه الإمام أمير المؤمنين (ع). وأدلى (ع) بحديث أعرب فيه عن سعة علومه، إذ قال (عليه السلام): «والله إنّي لأعلم كتاب الله من أوّله إلى آخره كأنّه في كفّي، فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، قال الله عزّ وجلّ: فيه تبيان كلّ شيء».

كان (عليه السلام) من أعبد الناس لله في عصره، وقد أخلص في طاعته لله أشد الإخلاص، ومن عبادته:

- صلاته (عليه السلام): كان (عليه السلام) إذا أراد التوجّه إلى الصلاة اصفَرَّ لونه، وارتعدت فرائصه خوفاً من الله تعالى ورهبة وخشية منه، وقد أُثرت عنه مجموعة من الأدعية في حال وضوئه، وتوجّهه إلى الصلاة، وفي قنوته، وبعد الفراغ من صلاته.

- صومه (عليه السلام): لقد حثّ الإمام الصادق (عليه السلام) الصائم على التحلّي بالأخلاق والآداب العالية. قال (عليه السلام) : «وإذا صمت فليصم سمعك، وبصرك، ولسانك من القبيح والحرام، ودع المرء، وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصيام، ولا تجعل يوم صومك مثل يوم فطرك سواء...». وكان الإمام الصادق (عليه السلام) صائماً في اغلب أيامه تقّرباً إلى الله تعالى. أمّا شهر رمضان المبارك فكان يستقبله بشوق بالغ، وقد أُثرت عنه بعض الأدعية المهمّة عند رؤيته لهلاله، كما أُثرت عنه بعض الأدعية في أيّامه وفي ليالي القدر وفي يوم عيد الأضحى.

- حجّه (عليه السلام): حجّ الإمام الصادق (عليه السلام) مرّات متعدّدة، كما التقى كثيراً من الحجّاج المسلمين، وكان المعلَّم والمرشد لهم على مسائل الحج. فقد جهد هو وأبوه الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) على بيان أحكام الحج، وعنهما أخذ الرواة والفقهاء أحكام هذه الفريضة، ولولا هما لما عرفت مسائل الحجّ وأحكامه. وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يؤدي بخضوع وخشوع مراسيم الحجّ من الطواف والوقوف في عرفات ومنى.

بعد هذا العمر المليء بالعلم والعمل والسعي والجهاد والفضل والتقوى، فارق حفيد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في شهر شوال، الحياة التي لم يُرَ فيها إلَّا عالماَّ زاهداً، مدافعاً عن الحق والعدل، داعياً إلى الله تعالى، فاعلاً للخير ودالاً عليه، ناهياً عن الشر ومحذّراً منه، محتسباً منيباً إلى الله تعالى، صابراً على كلّ ما أصابه من ظلم وجور، منيراً للأمة طريق سعادة الدارين، رافعاً للأجيال راية الكفاح من أجل الحفاظ على شريعة الله تعالى، ومقاومة كلّ ضلال وانحراف، مبرهناً للناس بشخصيته المباركة الفذّة أن «مدرسة الاسلام» تُنشئ الرجولة والبطولة، وتبني العقيدة والخُلق، وتفجّر العلم النافع والفهم الواسع، وتشيع الخير في العالمين.

ارسال التعليق

Top