• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

قصص تربوية هادفة في العمل والعاملين والكسل والمُتكاسلين/ ج (1)

أسرة

قصص تربوية هادفة في العمل والعاملين والكسل والمُتكاسلين/ ج (1)
القصة الأولى "العملُ كنزٌ!!" كان لرجلٍ بُستان يشتغل فيه هو وأولاده، ولأنّهم كانوا جميعاً يتعاونون على فلاحته وزراعته وسقياته وحمايته، كان محصوله وفيراً، فلمّا اقتربت وفاةُ الأب، جمعَ أولاده، وقال لهم: إعلموا يا أولادي الأعزّاء أنّ في بستاننا هذا كنزاً عظيماً، فابحثوا عنه! وبعد أن ارتحل الأبُ عن هذه الدنيا، سارع الأولاد للتّنقيب والبحث عن الكنز لتقاسموا تركةَ أبيهم فيما بينهم، فثابروا على تقليب أرض البُستان ولكنّهم لم يعثروا على شيء. أحد الأولاد، وكان أذكى إخوته، فطنَ إلى مُراد أبيهم الراحل من الكنز، فقال: إخوتي الأعزّاء! طالما لم نعثر على الكنز المالي، فإنّني أظنّ أنّ أبانا أراد بالكنز إصلاحَ التّربة ليحسن الزّرع ويزداد المحصول، وها هو البُستانُ – كما ترون – يشهد عمليّة حرث كاملة ستتيح لنا أن نحظى بإنتاجٍ أوفر من السابق، فهلمّوا إلى كنزنا نستزيده بالعمل، فشمّروا عن سواعدهم، وكتب أحدُهم لافتةً علّقها على باب البُستان، تقول: "العملُ كنز"!   - الدروس المُستخلَصة: 1- ليس الكنزُ هو المال المودعُ تحتَ الأرضِ فقط، فكلّ عملٍ أو علمٍ أو خُلقٍ يدرّ على الناس ربحاً مادِّيّاً أو معنوياً، هو كنز حقيقي، فمهما يكن حجم الكنز المالي، سيأتي عليه يوم ينفد فيه، لكنّ العلم والعمل والأخلاق كنوز لا تفنى ولا تنفد. 2- لم يكن الأب كاذباً حينما أخبرَ أولاده أنّ تحت أرضِ البُستانِ كنزاً، ففي كُلِّ أرضٍ زراعيّةٍ (كنزٌ أخضرُ)، ولذلك أُطلقَ على الزارعين (الفلاحين) بكنوز الأرض، وسُمُّوا بالمُبارَكين.   القصّة الثانية: "المالُ بالكدِّ أحلى!!" يُحكى أنّ أمّاً جاهلةً كانت تُقدِّم لابنها المال كأجرةٍ على عملٍ لم يعمله، وقد صدّق الإبنُ الكسولُ الخديعةَ، فكانَ يتصوّر أنّ ما يستلمهُ من المالِ من أمِّه هو أجور يستحقّها. إلى أن جاء يوم عرفَ أبوهُ بما تفعله الأُمّ، فلم تُعجبهُ هذه الطريقة التي علم أنها ستُفسد ولده، فكان إذا رجع إلى البيت سألَ ولده عن أجره الذي استلمه من أمِّه، ويوهمه أنّه يرميه من النافذة، ولكنه يجمعه له في صندوق. وهكذا تكرّر الأمر عدّة مرّات، حتى يئسَ الولد، فقرّر أن يذهب ويشتغل فعلاً، وعندما عادَ في اليوم الأوّل من عملهِ حاملاً أجرته، فَرِحاً بها، أخذها أبوهُ منه ليرميها كالعادةِ من النافذة، فصرخ الولدُ: لا تفعل يا أبي، فإنِّي كسبتها فعلاً بعرقِ جبيني!! قال الأب وقد غمرته الفرحة بتقدير ولده لقيمة العمل: حقّاً يا ولدي، لا يعرف قيمةَ المالِ إلّا مَن تعب في الحصول عليه، وذاقَ حلاوة الكسب، ولمّا أخرج له أمواله (أجوره) التي كان يدّعي أنّه يرميها من النافذة، أبى أن يأخذها قائلاً: إصرفها يا أبتِ على احتياجات البيت، أمّا أنا فطالما إنّني عرفتُ طريقَ الكسب وحلاوته، فإنّني لم أعد بحاجةٍ إلى أن أوهم نفسي بالأجور التي استلمها بلا مقابل من عمل أو شغل، فالمالُ الذي يأتي بلا تعب يذهب بلا تعب، والمال الذي يأتي جرّاء التعب هو الذهب!!   - الدروس المُستخلصة: 1- حتى على فرض أنّ القصّة مختلفةٍ وغير واقعيّة، لكنّ درسها واضحٌ جليّ، فالأجر هو ما تستحقّه في مقابل عمل، فإذا أوهمتَ أنّ ما يُقدّم إليكَ بأنّه أجر، وصدّقتَ الوهم، فإنّك قد تكسب المال ولكنّكَ تخسر روح العمل. 2- قليلٌ تكسبه بتعبك وكدّك وعمل يمينكَ وعرق جبينك، أحلى مرّات عديدة من كثيرٍ يأتيكَ بلا تعب، فلذّة المال لقاء الكسب والتحصيل والعمل لا يُقدِّرها إلّا العاملون، ولا يتذوّقها إلّا المُجِدُّون. 3- ما تكسبه من المال بجهدك تحرص على أن تصرفه في مواضعه الصحيحة، ولكنّ ما يأتيكَ بلا عناء، لا تُدقِّق ولا تُحقِّق في كيفيّة صرفه، لسببٍ بسيطٍ لأنّك لم تبذل فيه جهداً.

ارسال التعليق

Top