"تجد الرجل لا يُخطئ بلام ولا واو، خطيباً مصقِعاً ولقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم، وتجد الرجل لا يستطيع أن يعبّر عما في قلبه بلسانه وقلبه يزهر كما يزهر المصباح".
وهو مع ذلك يسلك الصراط المستقيم وينتهج في سيره الروحاني الجادة السوية والصراط المستقيم، وذلك من خلال:
أوّلاً: لم يخرج قلب المؤمن من الفطرة التي فطره الله تعالى عليها، بل سار على ضوء فطرة التوحيد التي هي التوجه والإنشداد إلى الكمال المطلق والجمال التام. فينطلق بهذا السير الروحاني من مرتبة الفطرة إلى منتهى الكمال المطلق ضمن صراط مستقيم ليس فيه أدنى إعوجاج وانحراف. وقد نقل عن رسول الله (ص) أنّه رسم على الأرض خطاً مستقيماً ثمّ رسم خطوطاً متقاطعة مع الخط المستقيم ثمّ قال:
"إنّ الخط المستقيم هو صراطي ومنهجي".
ثانياً: يستسلم الإنسان في المسير كلياً للإنسان الكامل ومقام الخاتمية، ويحافظ على صفاء قلبه من تصرف الشياطين والأنانية، ولما كان الإنسان الكامل مَظهراً لجميع الصفات والأسماء، ولم تطغَ عنده صفة على أخرى، كما قال الشاعر في وصف أمير المؤمنين (ع):
جمعت في صفاتك الأضداد *** فلهذا عزت لك الأنداد
زاهد حاكم حليم شجاع *** فاتك ناسك فقير جواد
شيم ما جمعن في بشر قط *** ولا حاز مثلهنّ العباد
فاحتوى على مقام الوسطية وتم سيره على الصراط المستقيم الطريق الوسط الذي هو الاسم الجامع، وأما الكائنات الأخرى فيكون كلّ واحد منها مظهراً لاسم من الأسماء متأثراً به، فإما تنزع نحو جانب اللطف والجمال، أو نحو جانب القهر والجلال.
وأما المؤمنون فلما كانوا تابعين في مسيرتهم للإنسان الكامل واضعين خطاهم في موضع أقدامه وسائرين على ضوء نور هدايته ومعرفته غير معتمدين على أنفسهم خطوة واحدة في سيرهم الروحاني إلى الله، استطاعوا أن يكونوا على الصراط المستقيم أيضاً وكان حشرهم مع الإنسان الكامل، ووصولهم تبعاً لوصول الإنسان الكامل، شرط محافظتهم على صفاء قلوبهم من تصرف الشياطين والأنانية بل واستسلامهم في المسير كلياً للإنسان الكامل ومقام الخاتمية.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق