• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

قواعد لتنمية الذكاء لدى الطفل

قواعد لتنمية الذكاء لدى الطفل

قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع): "إياكم وتزويج الحمقاء فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع".

إنّ عملية تنمية العقل لدى الإنسان عموماً – والذكاء أحد وظائفه بالطبع – حظيت باهتمام الإسلام بمقدار ما حظيت به مختلف القضايا المهمة الأخرى، وشأن الطفل في هذا المجال شأن النبتة التي طلب الإسلام أن لا تُزرع إلا في أرض صالحة خصبة تتمتع بمختلف الميزات الحسنة ومن بينها العقل والنباهة، خصوصاً في ظل التأثير الكبير الذي تتركه الجينات والموروثات على الطفل والذي أشار إليه الإسلام قديماً وتوصل إليه العلم الحديث مؤخراً.

 

بين الذكاء والغباء:

لعل تربية الأبناء هي المهمة الأصعب على الإطلاق من بين المهام الحياتية الأخرى التي يتحملها الوالدان، وتزداد صعوبة هذه المهمة بمعدل الجهد الذي يبذله الآباء والأُمّهات لتوفير الأجواء التربوية الصحيحة التي تضمن لأولادهم سعادة الدنيا وفلاح الآخرة، وذلك في ظل عالم مخيف ومرعب تسوده شتى مظاهر الفساد والانحراف.

هذا العالم الذي جعل المؤمنين في حالة استنفار قصوى وقلق دائم وهم يخوضون المواجهة مع مظاهر الفساد والانحراف التي تحيط بفلذات أكبادهم ليل نهار، فوصل الحال بالبعض منهم إلى درجة الخشية من أن يحظى أبناؤه بنسبة من النبوغ والذكاء لأنّه يعتبر ذلك عاملاً مساعداً على التوصل إلى مواطن الانحراف، ومن هنا جاءت المقولة المعروفة التي يصف فيها الآباء أبناءهم فيقولون: "أولاد هذا الزمان يعرفون كلّ شيء!" و"ابن العاشرة في هذا الزمن يعرف ما كنا نجهله ونحن في العشرين من عمرنا".

لكن؛ هل إنّ هؤلاء الآباء محقّون في خشيتهم تلك، أم أنّ هذه الخشية مبالغ بها كثيراً؟؟

إنّ كون الآباء يتمنون لأبنائهم الإصابة بالغباء بدلاً من التنعم بالذكاء ليس أمراً غير طبيعي فحسب بل هو ما يؤسف له حقاً، لأنّ المفروض العكس تماماً؛ أي أن يسعى الآباء إلى تنمية الذكاء لدى أبنائهم كي يكتشفوا مواطن الانحراف التي تواجههم في الحياة، وبدلاً من أن يخشى الآباء ذكاء أبنائهم؛ عليهم أن يسألوا الله أن يرزقهم أبناءً نوابغ وأذكياء وأن يبحثوا عن الطرق التي تمكنهم من المحافظة على مستوى ذكاء أبنائهم وتنميته أكثر.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الخطط التي يمكن وضعها لتنمية ذكاء الطفل تصلح لأن تكون مزدوجة التأثير، فبإمكان الآباء أن يعدوا لأبنائهم برامج تنمّي الذكاء لديهم وتقوي الحالة الإيمانية والانتماء الديني في نفس الوقت أيضاً.

 

حقائق عن الذكاء:

1-     هناك العديد من الدراسات التي تؤكد على أنّ الذكاء الإنساني يعتمد في نموّه – بالدرجة الأولى – على ما يقوم به الطفل من ممارسات وأنشطة حسية خلال المراحل المبكرة من عمره، وعلى الرغم من أنّ الأطفال يختلفون عن بعضهم البعض في بلوغ مرحلة استخدام الحواس للحصول على المعرفة؛ إلا أنّ السن الطبيعية لهذه المرحلة هي بين السنتين والثلاث سنوات، لكن معظم الآباء لا يمكنهم تشخيص هذه المرحلة في أطفالهم إلا بعد ظهور آثارها على سلوكياتهم. ومن الخطأ أن يترك الآباء أطفالهم – الذين بلغوا هذه المرحلة – يعتمدون على كفاءَتهم في هذا المجال – وهو الأمر الذي يفعله أغلب الآباء وللأسف. بل عليهم أن يعلموهم استخدام الحواس بشكل صحيح، وذلك عن طريق وضع برنامج لاستثارة الحواس الخمس لدى الطفل وترشيد ممارسة الأنشطة الحركية لديه.

2-     تعتبر المهارات الإبداعية والتفكيرية – التي هي قمة نشاط العقل والذكاء الإنساني – من الأمور التي يمكن تعلمها وتطويرها مع مرور الوقت، وإنّ للبيئة المحيطة الدور الهام في البناء العقلي للإنسان خصوصاً في السنوات الأولى من حياته وفي مرحلة الطفولة حيث يكون للتفاعل بين العامل الوراثي والعامل البيئي كلّ الأثر في تنشيط عمل الدماغ وكفاءته.

 

مؤشرات الطفل الذكي:

وقد وضع أحد علماء السلوك الإنساني قائمة بعدد من الأنشطة المعرفية والسلوكية التي تشير إلى ذكاء الطفل وهي كالتالي:

-         حالة المثابرة ومتابعة النشاط والإنجاز الذي يقوم به الطفل.

-         مقاومة الاندفاع، والسيطرة على المشاعر الانفعالية.

-         الاستماع إلى الآخرين بتفهم وتعاطف.

-         طرح عدد كبير ومتسلسل من الاستفسارات.

-         التمتع بمرونة التفكير والتعامل دون تعقيد مع الأفكار المختلفة.

-         حالة التفكير في التفكير وخلق سلسلة من الأفكار المستنبطة والمتسلسلة.

-         السعي نحو الدقة واتقان الأعمال الموكلة إليه.

-         الاستفادة من الخبرات والنتائج المختلفة التي يتوصل إليها باستمرار.

-         التعبير بدقة والتمكن من إفهام الآخرين بيسر.

-         استخدام الحواس بشكل صحيح وناجح.

-         امتلاك القدرة على الإبداع ونسج الخيال.

-         التعامل مع المواقف الحماسية بردود أفعال تناسب حجمها.

-         التمتع بروح مرحة وتقبل الدعابة برحابة صدر.

-         الإقدام على المخاطرة المحسوبة ومن دون تهوّر.

-         التمتع بالقدرة على التفكير مع الآخرين.

من المهم أن يستذكر الأبوان هذه القائمة باستمرار، وذلك لأنّ الآباء والأولاد يمرون بمواقف حياتية مختلفة يمكن أن يستغلوا الكثير منها لتنمية سلوكٍ معيّن – أو أكثر من سلوك – لدى أطفالهم.

 

عناصر مهمة لتنمية الذكاء:

إذن؛ فعليكما أيها الوالدان.. ومن أجل تنمية ذكاء طفلكما، وبالتالي تنشأته بشكل صحيح ومتكامل – على اعتبار إنّ تنمية الذكاء هي أحد الأجزاء المهمة في هذه التنشئة والتكامل – عليكما الالتزام بالنقاط التالية:

1-     اسعيا إلى توفير بيئة آمنة ومحيط هادئ لنمو طفلكما.

2-     اهتما بالتنمية الشاملة للذكاء ولا تغفلا النواحي والأشكال الأخرى له، لأنّ هذه الأشكال المتنوعة هي – في الواقع – منظومة متكاملة داخل الطفل، تصب جميعاً في قناة واحدة هي الأداء المتميز للطفل.

3-     ضعا نصب أعينكما امتاع طفلكما ومرحه، لأنّ هذه هي إحدى البوابات الحقيقية للتعلّم، وبالتالي فإنّ استمتاع الطفل بما يقوم به في كلِّ لحظة من لحظات حياته تساهم بشكل فعّال في تعلّمه وتنميته.

4-     وفّرا لطفلكما الألعاب المناسبة لتنمية ذكائه، وتعتبر الألعاب المركبة من أفضل الألعاب في هذا المجال على الإطلاق، وهي تعوّده على التركيز والانتباه وتكسبه القدرة على إيجاد بدائل وتصاميم جديدة، لكن يجب أخذ رغبة الطفل وقدرته على ممارسة هذه الألعاب بعين الاعتبار عند شرائها.

5-     وفرا له أجواء اللعب التخيلي، وشاركاه في ذلك إن رغب؛ وإلا فدعاه يمارس مثل هذه الألعاب مع الأشخاص الذين يصنعهم بخياله، وليس هناك أفضل من تمتع الطفل بالألعاب الخيالية، لأنّ حالة التمتع هذه لا تمنحه درجة عالية من الذكاء فحسب؛ بل وتطور فيه كفائتين هما: القدرة اللغوية، والقدرة على التوافق الاجتماعي الحسن.

فالقدرة اللغوية إنما يحصل عليها من خلال المفردات التي يستخدمها وهو يمارس هذا النوع من الألعاب، بينما يحصل على التوافق الاجتماعي من خلال المواقف التي يطلقها من خياله ثمّ يجد لها الحلول والبدائل المناسبة وهو ما يؤهله للتعامل الأفضل على صعيد الواقع.

6-     اعتنيا بلغة الطفل وذلك عن طريق الحديث الكثير معه، وقراءة الكتب والقصص المصورة والغنية بالمفردات اللغوية، لأنّ اللغة تساعد كثيراً في تنمية الذكاء في الطفل.

7-     حفّظاه القرآن الكريم بمقدار طاقته وابدءا بالسور القصار وكذلك الأحاديث القصيرة للنبيّ الأكرم (ص) والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، وحفظاه الأناشيد الإسلامية والأشعار الحسينية وقصائد المواليد لأنّ ذلك سيساعد على تنمية الذكاء المنطقي الرياضي لدى الطفل أوّلاً ومن ثم يولد لديه شحنات نفسية وعاطفية هو بحاجة ماسة إليها وهي بديل صحي وسليم للموسيقى والأغاني التي قد يلجأ إليها الطفل فيما لو لم تتوفر له هذه الأناشيد الإسلامية والقصائد الحسينية.

8-     حاولا أن تشبعا حب الاستطلاع لديه، وذلك بالإجابة عن تساؤلاته الكثيرة؛ بل وحفزاه على التساؤل وذلك باعطائه أجوبة تحتاج إلى أسئلة أخرى بدلاً من أجوبة تغلق الباب أمام تساؤلات جديدة.

9-     درّباه على الملاحظة الدقيقة والانتباه الجيد للتفاصيل.

10-وفّرا له وسائل الأنشطة الفنية من أقلام ملونة وورق للتلوين، ومثل هذه الأنشطة يرافقها شعور بالمرح والفخر بالانجاز الذي يتم من خلالها، وهو ما يزيد من كفاءة الدماغ وقدرته على التفسير والتحليل والتنظيم، فبالخطوط الملونة يمكن أن ينمو طفلاً ذكياً وفناناً ماهراً.

 

    الكاتب: السيد أحمد باقر

    المصدر: كتاب فن تربية الطفل

تعليقات

  • ام زيد

    معلومات واضحة وصريحة ومفيدة شكراً جزيلاً

ارسال التعليق

Top