إنّني أتعجب عندما يأتيني والد يشكو من ابنه الذي بلغ (14 سنة) بسبب أنّه يجلس كثيراً أمام التلفاز، ألم يكن لدى هذا الوالد سنين طوال ليحل تلك المشكلة؟ وأتعجب عندما يشتكي والد طفل عمره (سبع سنوات) من عدم انتظام وقت النوم لدى طفله، فكم عدد الليالي التي ذهب فيها الطفل إلى فراشه خلال السنوات السبع؟ ألم يكن لدى والده الفرصة لجعله ينتظم في نومه خلال تلك الليالي الكثيرة الماضية؟ إنّ الشيء الذي فقده الوالدان في الحالتين السابقتين هو "عدم وجود قاعدة وروتين لأنشطة الطفل اليومية منذ الصغر"، فالقواعد والروتين يمكنهما جعل البيوت أكثر سلاماً والأطفال أكثر طاعةً وتعاوناً، فمن شب على قانون شاب عليه...
لقد وضع لنا الإسلام قوانين منزلية يومية تريحنا نحن وأبناءنا من العناد والجدال، ففي كلّ مساء نمنع صبياننا عن الخروج للشارع مقدار ساعة.
تقول إحدى الأُمّهات:
الروتين له أهمية خاصة في حياتنا، ففي أسرتنا يتضمن الروتين اليومي مساعدتي لمدة 20 دقيقة كلّ مساء في أعمال المنزل، وتغيير الأسرة، وتنظيم الملابس، وتفريغ سلال القمامة، وما إلى ذلك، ولا يشعر طفلاي بأي ملل، بل على العكس تماماً هما يستمتعان بقيامنا بهذه الأشياء سوياً، بدلاً من أن يدعاني أقوم بها بمفردي، وهما يأخذان عملهما معي بجدية شديدة لأنّه أصبح جزءاً من روتين حياتهما الثابت..
يقول أحد الآباء:
لقد قررت أن أجرب فكرة القواعد اليومية الثابتة (الروتين) مع ابني عمر، فجلست مع أُمّه واتفقنا على القواعد التالية: من الظهر إلى العصر فترة قيلولة فلا خروج إلى الشارع فيها، بين المغرب والعشاء لا خروج إلى الشارع، يلعب عند جده كما يحب لكنّه يصعد بعد صلاة العشاء إلى بيتنا، ولقد تعبنا قليلاً في إرساء تلك القواعد، لكنّها أراحتنا بعد ذلك كثيراً، فهو يطبقها بأقل قدر ممكن من العناد والرفض، وكيف يرفض قاعدة يطبقها منذ أكثر من عامين أو ثلاثة...
كيف تضع قوانين بيتك؟
إنّ وضع قواعد أسرتنا يكون منطلقاً مما نؤمن به كعائلة، وليس ما يؤمن به المجتمع، إنّ القوانين تختلف من بيت إلى آخر، فمثلاً ليس على كلّ الأطفال في سن السادسة أن يناموا ليلاً في الوقت نفسه، فالبعض ينام في الثامنة، وبعضهم في التاسعة، والبعض الآخر في العاشرة، وبعض الأطفال يسمح لهم بالتجول حفاة، وبعضهم غير مسموح له بذلك، بعض الأطفال يجب عليهم ترتيب فراشهم، وبعضهم لا يجب عليه ذلك، بعض الأطفال يذهبون إلى المدرسة سيراً على الأقدام، وبعضهم يذهبون في سيارة المدرسة، فما هي القوانين الصحيحة في هذا كلّه؟ وما أفضل تلك القوانين؟ إنّها جميعاً صحيحة، فاحتياجات الأُسر وظروفها وأهدافها مختلفة، لذا فمن الطبيعي أن تكون القوانين مختلفة... فالصحيح من تلك القوانين هو ما تختاره لأسرتك، بحيث يحقق أهدافك وينظم حياتك بطريقة تريحك، ولا تقلق بشأن ما يفعله جيرانك، ولا تنصت كثيراً للوم الآخرين، ولا تسمح لطفلك أن يجرك للمقارنة مع ما يحدث داخل بيوت زملائه وأصدقائه، فقط ناقشه واستمع لرأيه وفكّر فيه وأخبره أنّ لكلّ بيت قوانينه الخاصّة...
1- فكّر وضع القواعد مبكراً:
خذ ما يكفي من الوقت لتجلس مع زوجتك وتفكّر فيما تريده من أطفالك، ثم دوّن تلك القواعد، وقم بتحديثها بين الحين والآخر، والصقها في مكان بارز بحيث يستطيع أي فرد رؤيتها كوسيلة تذكير مهذبة، ويمكن للشباب في مرحلة الخطوبة والعقد فعل ذلك، فما أجمل أن يتشاورا في تلك الفترة الذهبية حول ما يريدانه من أطفالهما وما هي قوانين بيتهما المستقبلية.
2- ضع قواعد تستطيع تنفيذها:
اجعل حياتك أكثر سهولة بوضع عدد أقل من القواعد على أن تكون أكثر أهمية، فإن كان لديك عدد غير معقول من القواعد، أو قواعد صارمة إلى حد لا يطاق، فإنّك بذلك تصعب الأمر على نفسك وعلى أطفالك، وستضطر إلى أحد أمرين: الصراخ الدائم وراء طفلك المتمرد على قواعدك، أو ستتغاضى كثيراً عن القواعد المنتهكة، ولكن بعدد أقل من القواعد المهمة تستطيع أنت وأطفالك مواصلة العمل بها بيسر وسهولة، وتذكر أنّ القاعدة يجب الالتزام بها، فعلى سبيل المثال: قد ترغب في أن يعلق أطفالك ملابسهم في المكان المخصص لذلك، وأطفالك أحياناً ما يفعلون ذلك، وكثيراً ما لا يفعلون، وأحياناً تذكرهم، وربما تفعل ذلك بنفسك نيابة عنهم، وأحياناً تتغاضى عن تذكيرهم بوضع الملابس في مكانها، هنا يجب أن تفهم أنّ هذا لا ينبغي أن يكون تعليق الملابس قاعدة، بل يمكن أن تقول لطفلك أنّ تلك أمور تحب أن يقوموا بها...
3- حدِّد عقوبات عند انتهاك القواعد:
هناك قانون لوضع القواعد يقول: عندما يتم وضعها فإنّ الأطفال سوف ينتهكونها، لذا كن مستعدّاً لمعالجة هذا الأمر برفق وحزم... وعندما تحدد العقوبة أو الإجراء التأديبي الذي ستتخذه عند انتهاك إحدى القواعد، فإنّ هذا سيمنع أطفالك – إلى حد كبير – من محاولة التفاوض والجدال معك بشأن العواقب، ويمنحك خطة للتعامل عند خرق أحد أطفالك لإحدى القواعد، فالقوانين المكتوبة تصبح "سيدة الموقف" وهذا يزيح عبء الظهور بمظهر الأشرار عن كاهل الوالدين، وهذا مثال لملصق قوانين إحدى العائلات:
قوانين العائلة
القانون
عقوبة المخالف
1- لا يؤذي بعضكم بعضاً
استبعاد مؤقت لمدة خمس دقائق، يتبعه اعتذار، ويؤدى المعتدي مهمة عن الشخص المعتدى عليه.
2- أداء الواجب المدرسي قبل العشاء
منع اللعب بعد العشاء أو مشاهدة التلفاز.
3- لا مخاطبة بوقاحة أو نحيب أو إلحاح
إنهاء الحوار والعودة إلى الحجرة فوراً لمدة خمس دقائق ليعود هادئاً ونتحاور برفق.
4- الصلاة في وقتها
نذكرك ثلاث مرات، وبعدها لا نحدثك حتى موعد الصلاة التالية، وإن زاد الأمر عن حده نفكر في عقوبة جديدة.
الكاتب: عبدالله محمّد عبد المعطي
المصدر: كتاب أطفالنا كيف يسمعون كلامنا؟
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق