◄هناك صنفان من الناس؛ صنفٌ لديه المزايا الإيجابية الكثيرة، من سعة الصدر والحلم واللسان الدافئ والقلب الطاهر والنظيف مع الناس، وبفعل أخلاقه الحسنة المتأصِّلة فيه، تراه يملك قوّة جذبٍ للأصدقاء، ويبني العلاقات الواسعة مع الجميع، ويترك الأثر الطيِّب في نفوسهم، ويؤثِّر فيهم إيجاباً من خلال وعيه وكلامه الطيِّب والنافع، فترى الجميع حوله ملتفّين وملتقين.
وهناك صنفٌ آخر من الناس، للأسف، لديه طباع سيِّئة وخصال سلبية في شخصيته؛ من الانفعال المفرط، والمزاجية الحادّة، وخشونة التعامل مع من حوله، فهذا إنسان يهدم العلاقات بدل أن يبنيها، ويسيء إلى نفسه قبل الآخرين، إذ ترى الجميع يمقته وينبذه، وبالتالي فهو الخاسر الأكبر، لجهة فقدانه حسَّ جذب الآخرين إليه، وبناء العلاقات الطيِّبة معهم، فهو إذاً عاجزٌ عن اكتساب الأخوان والأصدقاء، والأسوأ من هذا الصنف، من اكتسب صديقاً وعجز عن الحفاظ عليه وضيَّع تلك الصداقة بأُمورٍ تافهة، فليست العبرة في اكتساب الصديق، بل المهمّ أن نحافظ على كلّ شيء جميل وجذّاب لدينا، نكسب من خلاله احترام الآخرين ومحبّتهم، وأن نسعى للحفاظ على الودّ دوماً، فلا نعرِّضه لمخاطر الضياع، وإلّا كنّا العاجزين.
يقول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع): «أعجز الناس من عجز عن اكتساب الأخوان، وأعجز منه من ضيَّع مَن ظفر به».
فإسلامنا وإيماننا وأخلاقياتنا الأصيلة، تفرض علينا أن نمتلك الأخلاق الحسنة وننمّيها، وأن نعمل على اكتساب المحبّة والمودّة مع الجميع، وأن نحافظ على ذلك بقوّة، وأن تكون قلوبنا طاهرةً سليمةً نظيفة، تجمع القلوب والنفوس على الخير والبرّ والسلامة. وخير مَن نتأسّى به في هذا المضمار، هو رسول الرحمة محمّد (ص)، إذ يخاطبه الباري عزّوجلّ بقوله: (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران/ 159).
علينا في مجتمعنا، وفي كلّ زمانٍ ومكانٍ، أن نصنع الأصدقاء والأخوان، وألا نكون ممّن يصنعون الأعداء، لأنّ الحياة تحتاج إلى مَن يزرع فيها الخير والأمان والسلامة والبرّ والأخلاق الحسنة التي تُثمر تعاوناً ومحبّةً وتكاملاً وتضامناً وألفة، فقد تعب الواقع من كثرة القساوة وخشونة الأخلاق ومساوئها، ولم يعد يحتمل، وخصوصاً في ظلّ ما نعيشه من أزمات على مختلف الصُّعد.
إنّ المجتمع المؤمن لا يقوم على الشعارات والعبارات، بل على المواقف والسلوكيات التي تنمّ عن صفاء النفس وطهارة القلب، ونظافة العقل والشعور، فمكارم الأخلاق تفرض علينا أن نكون مجتمع جذب الصداقات والعلاقات الطيِّبة والنافعة، لا مجتمع العداوات البغيضة والباطلة.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق