◄ما هي العوامل التي تؤثر على الأوقات المتوفرة للعمل؟
هل جلست يوماً لتعمل ووجدت أنّك بحاجة إلى آلة حاسبة متطورة وموجودة في مكتب مجاور مثلاً وأنت ذاهب لتحضرها تُقرر أن تزور زميلاً في مكتبه لبحث أمر هام بينكما وبعد دقائق من تبادل الحديث تلمح صحيفة على المكتب وتتفحّص العناوين الرئيسية وبعد ذلك تعود إلى مكتبك وقد أهدرت وقتك وجهدك دون طائل لأنّك لم تُخطِّط ولم تُنفِّذ ما هو مطلوب؟
هل تتذكّر أفخاخ الوقت؟ هذا واحد منهما أن لا تكون كل مواد عملك معك فتقوم بعمل أشياء جانبية وتخسر وقتاً ثميناً.
قبل أن تبدأ يومك، انظر إلى برنامج عملك كل صباح وقرِّر ما الذي يلزمك وتأكّد من أنّ المفكرة المسجل فيها البرنامج أمامك. وهناك عامل آخر له أهميّته الكبرى في إدارة الوقت بفاعلية وهو الحوافز. فبدون حوافز كافية وبدون الإطراء يكون تنظيم إدارة الوقت مثل سيارة بدون مُحرِّك. والمحفزات نوعان: داخلية أو خارجية، فالحوافز الداخلية تعني أنّ المرء يعمل في عمل يتمتع به. أمّا الحافز الخارجي، فهو المكافآت التي ستحصل عليها من وراء إنجاز العمل. ولكي تزيد كمية الحافز الداخلي، يجب أن تعرف أيّة حقول من الحياة تثير إهتمامك، والدراسة هي الممر الأساسي الذي يقودك لهذا الطريق، ولكن بقدر إهتماماتك أكثر بهذا الممر من المحتمل أن تصل إلى مبتغاك أكثر. فالراحة النفسيّة عامل إيجابي يساعد على الإنجاز واستثمار الوقت.
والحوافز الخارجية قد تساعدك على إجتياز المهمات المملة الصعبة التي هي جزء من عملية وصولك إلى الهدف. مثلاً أنا اخترت مهنة الصحافة وكتابة المؤلفات لأن هذه المهنة تسمح لي بالتحقيقات الصحفية والكتابة عن الأحداث الجديدة ومع ذلك أجد نفسي مضطراً لبذل الجهد والسهر لساعات طويلة من الليل لإنجاز أعمالي دون تأجيل وذلك من أجل الحفاظ على المهنة التي أعشقها ولقد رأيت بعيني نماذج كثيرة من الناجحين الذين يحرصون على وجود مفكرة أمامهم تذكرهم دائماً ويديرون أوقاتهم بطريقة دقيقة.
قد تكون صورة الهدف النهائي قوّة محرِّكة وحافزة، فحاول أن تتصوّر ماذا ستكون عليه حياتك بعد خمس أو عشر سنوات وكيف ستكون حياتك المهنية. فإذا لم تكن تلك الصورة جاهزة، فاعمل على وجودها كي تعطي نفسك الحافز الداخلي لتعمل نحو الهادف النهائي. وإذا كان لديك هدف واحد مهما كان سامياً لن يدفعكم إلى الإستيقاظ كل صباح، فأنت وأنا وكلنا في حاجة إلى أهداف وليس هدف واحد، أهداف متوسطة الأمد وأخرى قصيرة الأمد وثالثة طويلة الأمد. وإحدى الطرق لتصور أهدافك بسهولة وإيجاد صلة بينهما وبين بعضها، هو إنشاء ما يُسمّى بـ(هرم الأهداف)، على أن يتم وضع الهدف النهائي عند قمة الهرم ثمّ تقسيم باقي الأهداف إلى أن تصل إلى أسفل الهرم.
وهذا الهرم (هرم الأهداف) ليس مبنياً من الحجر وبإمكانك تغييره، قد تقرر تغيير مهنتك أو الطريق الموصل إلى الهدف، وثّق أن تغيير مهامك الأسبوعية أو اليومية تُعطيك المزيد من الطاقة والحماس، وثّق أن تطوير مهاراتك هي الطريق الرئيسي نحو الهدف مهما كان.
عزيزتي القارئة.. عزيزي القارئ
كن واقعياً في أهدافك واحذر الأوهام وركِّز على حقول تعطيك أفضل الفرص للتقدُّم.. راقب ما تنجزه وثابر على وضع الأهداف، والحقيقة التي لاريب فيها أنّ إختيارك لنوعية المكافأة على حُسن إدارة الوقت تعتمد على كم أنت بحاجة للمساعدة كي تحافظ على حوافزك. وإذا كانت المهمة صعبة متعبة، فاجعل مكافأتها أغلى ثمناً كي لا تزعزع حافزك. وكقاعدة عامة يجب أن يكون حجم المكافأة مناسب لصعوبة المهمة، ويخشى الكثيرون أن تكون إرادتهم قويّة بما يكفي وان يكون طلبهم للمكافأة شيئاً يجب أن يقوموا به وإن لم يحدث يكون وسيلة لإخفاق عزيمتهم، والحقيقة التي لاريب فيها أنّ مكافأة نفسك قد تكون وسيلة لتقوية انضباطك الذاتي.
تذكّري عزيزتي القارئة.. تذكّر عزيزي القارئ
أنّ إدارة الوقت تعني الطرق والوسائل التي تُعين الإنسان على الإستفادة القصوى من وقته في تحقيق أهدافه وخلق التوازن في حياته مابين الواجبات والرغبات والأهداف، والإستفادة المقصودة من وقته في تحقيق أهدافه تعني تحديد الفارق مابين الناجحين والفاشلين في هذه الحياة، إذ إنّ السمة المشتركة بين كل الناجحين هو قدرتهم على الموازنة مابين الأهداف التي يرغبون في تحقيقها والواجبات اللازمة عليهم تجاه عدّة علاقات. وهذه الموازنة تأتي من خلال إدارتهم لذاتهم التي تعني إدارتهم لحياتهم ومن ثمّ إدارتهم لأوقاتهم، والحقيقة التي لاريب فيها أنّه لا حاجة إلى تنظيم الوقت أو إدارة الذات بدون أهداف يضعها الإنسان لحياته. وبدون تنظيم الوقت وإدارته ستسير حياة الإنسان في كل الإتجاهات مما يجعل من حياة الإنسان حياة مشتتة لا تحقق شيئاً، وإن حققت شيئاً فسيكون ذلك الإنجاز ضعيفاً وذلك نتيجة عدم التركيز على أهداف معيّنة.
والمطلوب منك عزيزتي القارئة.. عزيزي القارئ
قبل أن تبدأ في تنفيذ أمر ما أن تضع أهدافاً لحياتك.. ما الذي تريد تحقيقه في هذه الحياة وما الذي تريد إنجازه ليبقى إنجاز وعلامة بارزة لحياتك بعد أن ترحل عن هذه الحياة؟ لا يعقل في هذا الزمان أن تشتت ذهنك في أكثر من إتجاه وعليك أن تقوم بالتخطيط لحياتك وبعدها تأتي عملية تنظيم الوقت وإدارته.
تنظيم الوقت ضرورة من ضروريات الحياة، وبدون تنظيم الوقت لا تستقيم أمور الحياة، فكل شيء له أوان أي وقته الذي يناسبه حتى العبادات والفرائض لها أوقاتها التي يجب أن لا نتعدّاها أو نؤجِّلها. وفي علم الإدارة يقولون أنّ تنظيم الوقت مصطلح غير دقيق والأصل أن يكون إدارة الوقت، ولكن الناس تعودوا على مصطلح تنظيم الوقت، لذلك استخدموه. والحقيقة التي لا جدال فيها أنّ تنظيم الوقت يعني تحديد ما تُريد أن تفعله في فترة زمنية معينة أو مطلوب أن تفعل شيء في وقت محدد دون تاجيل، وهذا هو أساس تنظيم الوقت. وهناك مَن يضيع الكثير من الوقت دون أن يدري، يُخطط ويرتب ولا ينفذ، ثمّ يعيد التخطيط. وهكذا يدور في حلقة مفرغة ولا ينهي شيئاً، بل تتراكم عليه الأعمال ويزداد الضغط عليه. ومن الأفضل لهذا الشخص أن يقوم بالتنفيذ مباشرة لأنّ الإنجاز أهم بكثير من التخطيط الذي لا يتم تنفيذه والتخطيط يجب ألا يأخذ الكثير من الوقت لأنّه وسيلة وليس غاية.
ومن أجل التنظيم الفعّال للوقت يمكنك القيام بالآتي:
1- ابحث عن قمة أعلى:
إذا قمت بتحديد هدف ثمّ أنجزته، فعليك أن تكافئ نفسك الكثير من الناس من حولك لا يخططون أصلاً ومَن يخطط منهم قد لا يحقق شيئاً مما خطط. في نفس الوقت، عليك ألا تقف كثيراً عند ما حققته وابحث عن هدف آخر، هدف يحتوي على تحدياً أكبر بقليل، تصوّر إنّك شخص يتسلق جبل فتبدأ بقمة صغيرة، ثمّ تبحث عن قمة جبل أعلى بقليل، وهكذا يجب عليك أن تتدرج في خطواتك وتنظم وقتك من أجل تحقيق أهدافك.
تصوّر أنّ عليك إعداد تقرير ما لمديرك. ما هي أوّل خطوة يجب أن تقوم بها؟ الجواب أن تعرف متى يجب أن تنتهي من هذا التقرير أي تقوم بتحديد الوقت وتقوم بتنظيم نفسك على أساس الوقت المتاح أمامك، ثمّ تقوم بجمع المعلومات وهذا الأمر يعتمد على نوعية التقرير.
2- أنجز ما تريده الآن:
إذا كان مطلوب منك عملٍ ما، ولابدّ أن تقوم به اليوم، فلماذا لا تقوم به الآن؟ لماذا التأجيل والتسويف؟ تصوّر مثلاً أنّ عليك إنجاز بحث يستغرق منك خمس ساعات لإنجازه لماذا لا تقوم بإنجازه في جلسة واحدة؟ ولماذا تقوم بتقسيمه إلى عدّة جلسات؟ ولماذا لا تُجرِّب أن تُنجز هذا البحث في جلسة واحدة؟ وثق أنّ هذا الأسلوب في العمل يجعلك أكثر فعّالية لأن عقلك دائماً لا يُفكِّر إلا في مهمة واحدة في الوقت الواحد، وعندما تقوم بعمل ما ثمّ تنتقل إلى عمل آخر يُضيّع الكثير من الوقت ومن طاقة عقلك في عملية الإنتقال هذه. حاول أن تتذكّر لحظة أو يوماً كنت فيه تنجز عملك بفاعلية عالية، في الغالب سيكون عقلك في هذا اليوم أو في هذه اللحظة مُركّزاً على شيء واحد فقط ولم يقاطعك أحد أو أي شيء آخر أدّى إلى إنشغالك.
والحقيقة التي لا جدال فيها أنّ تركيز العقل على مهمة واحدة يشبه تحليق الطائرة حيث تحتاج الطائرة في بداية التحليق إلى طاقة كبيرة للطيران، وبعد ذلك يكون التحليق سهلاً ولا يستهلك الكثير من الطاقة. وكذلك تركيز العقل على عمل محدد، أنت تحتاج في البداية إلى بعض الوقت لكي تركز إنتباهك على عمل ما وبعد ذلك سترى أنك تنجز العمل بشكل أسرع وأكثر فاعلية، ولكن إن قاطعك أحدهم سيتغير الوضع تماماً. وثّق أنّ تقسيم العمل وإنجازه في أوقات مختلفة يستهلك الوقت وقد يدفعكم إلى أن تؤجل إنجاز جزء منه أو تتكاسل، بينما إنجاز العمل في جلسة واحدة قد يجعلك تنجز كل أو معظم العمل في هذه الجلسة وتوفر على نفسك الكثير من الوقت.
3- اجمع كل شيء تريد فعله:
إذا أردت فعلاً أن تحصل على راحة العقل، فاجمع كل شيء تريد فعله ودوِّنه وبعد ذلك قرِّر ما الذي ستفعله تجاهه؟ بعض المهام لا تحتاج سوى دقائق قليلة، إنجزها فوراً، ستتخلص بهذا الأسلوب من بعض المهمات، وستبقى لديك مهمات أخرى تحتاج لوقت أطول، ضعها في قائمة أعمالك، وبعض المشاريع والأفكار يجب أن تضعها في قائمة الإنتظار أو قائمة (في يومٍ ما). فمثلاً تريد السفر إلى اليابان في وقتٍ ما في المستقبل، ربما بعد سنتين أو ثلاث سنوات، ضع هذه النقطة في قائمة الإنتظار، هناك أمور كثيرة تُريد أن تفعلها لكن لم تُحدِّد وقتٍ ما لإنجازها. هذه يجب أن تضعها في قائمة منفصلة ولا تترك عقلك يذكرك بها بين حين وآخر.
وهناك أعمال يجب ألا تقوم بها، أعمال لا تُحقِّق أهدافك، ولم تعد هناك حاجة لإنجازها، تخلص منها ولا تلزم نفسك بإنجاز كل شيء لأنّك فكّرت فيه في الماضي، أنجز ما هو مطلوب فقط.
4- الحد الأدنى من التنظيم:
لابدّ أن يكون لدينا جميعاً الحد الأدنى من التنظيم.. إذا كنت تشكو من ضيق الوقت وكثرة الأعمال، فاصنع معروفاً لنفسك ودوِّن ما عليك فعله، هذا أقل شيء يمكنك أن تفعله، اكتب ما عليك أن تفعله غداً في ورقة أو هاتفك النقّال أو حاسوبك المحمول أو بأي وسيلة أخرى، لا تكن واثقاً بذاكرتك لأنّ الذاكرة ستخونك كثيراً، اكتب لأن هذا يزيل بعض الحمل عن عقلك فيجعلك اكثر استرخاء، عقلك يدرك أنّ أعمالك قد كُتبت في مكان آمن ويمكنه أن يفكِّر في أشياء أخرى.. إنّها الحقيقة التي لا جدال فيها.. لابدّ من تنظيم تفكيرك وتنظيم أعمالك ويمكنك أن تُحسن هذا الأسلوب قليلاً، والأعمال التي يجب أن تقوم بتنفيذها مقسمة إلى نوعين: الأوّل مُحدَّد بيوم أو وقت محدَّد، والثاني غير مرتبط بأي وقت. فمثلاً لديك موعد عند طبيب الأسنان في يومٍ ما، وعليك إجراء إتصال بشخصٍ ما في أي وقت من يوم محدد، هذه الأعمال عليك أن تضعها في المفكرة أو أي وسيلة أخرى يمكنها أن تُذكرك بهذه الأعمال.. بعض برامج الحواسيب توفر وسيلة لتدوين هذه الأعمال وتنهبك قبل حلول موعدها، ربّما هاتفك النقال يحوي مثل هذه الخاصية، فحاول أن تستفيد من أي وسيلة تناسبك.
أمّا النوع الثاني من الأعمال الذي لا يرتبط بأي وقت محدَّد، عليك أن تضعها في قائمة، ثمّ تنجز هذه الأعمال في الوقت المناسب لك. هذا في إعتقادي هو الحد الأدنى من التنظيم، وإن لم تستخدمه فبكل تأكيد ستنسى إنجاز الكثير من الأمور، ويزداد الضغط عليك ويزداد لوم الآخرين لك بسبب نسيانك بعض الأعمال.. فأرح أعصابك ونظِّم نفسك ولو قليلاً في البداية.
5- تخلّص من كل شيء لا تحتاجه:
هذه النقطة تبدو سهلة، لكن بعض التجارب والمشاهدات أثبتت أنّها صعبة لدى البعض وشبه مستحيلة لدى البعض الآخر. وأنا شخصياً لا أجد شيء أسهل من التخلص من ممتلكاتي غير الهامة، وأراجع أوراق دائماً لأتخلص من ما لا أحتاجه ولم يحدث مرّة أن احتجت لورقة تخلّصت منها سابقاً. مكتبتي الآن اصبحت صغيرة جداً مقارنة مع مكتبتي قبل ثلاث سنوات. أكثر الهواتف النقالة التي اشتريتها إمّا قمت ببيعها بسعر رخيص بعد فترة أو أعطيها لشخصٍ ما، ودائماً أحاول التخلص من كل شيء لا أحتاجه.
الكثير من الناس يجمعون الأوراق، المجلات، الكتب، الصور، الساعات، هواتف نقالة، هدايا تذكارية، ملابس وغيرها الكثير من الأشياء ولا يتخلصون من شيء أبداً، فتضيع أوقاتهم في تنظيم وترتيب وتخزين كل هذه الممتلكات، وغالباً ما تكون لديهم عادة الإحتفاظ بهذه الأشياء. ونرى البعض يتباهى ويقول لقد أنفقت 50 جنيهاً لشراء هذه الساعة و1400 جنيه لشراء هذا الهاتف، ومع إنّه اشترى هاتفاً آخر ولا يستخدم القديم، إلا أنّه لا يُريد التخلص من القديم لأنّ التخلص من القديم يعني الخسارة ولا أدري كيف يكون الإحتفاظ بالهاتف القديم يعني أنّه لم يخسر شيئاً! فعدم الإستخدام يتساوى مع التخلص من الأشياء التي لا تحتاجها، البعض طبعاً يتحجج بأنّه قد يحتاج إلى هذا الشيء أو ذلك في المستقبل، (وقد) هذه تتسبب في تراكم الأشياء بدون فائدة، والأشياء المتراكمة مصدر من مصادر إضاعة الوقت.
جرِّب أن تُعطي الآخرين بعض ما تحتفظ به، فمثلاً الملابس القديمة والنظيفة التي لم تعد تلبسها تبرَّع بها، أهدِ ما لديك للآخرين مما تحتاجه فعلاً، وتخلّص من كل الأوراق التي لا تحتاجها والتي تشك في حاجتك لها، إحتفظ بها في صناديق لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك تخلص منها.. فأنت في الغالب لا تحتاجها.
بإختصار: بَسِّط حياتك بقدر الإمكان، في وقتنا هذا كل شيء يسير بنا نحو التعقيد، وتخزين الأشياء لا يزيد حياتنا إلا تعقيداً.. فتخلّص من الأشياء التي لا تحتاجها فوراً.►
المصدر: كتاب تعلّم كيف تنجز أكثر في وقت أقل
ارسال التعليق