• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كيف نربّي الأطفال على الصيام؟

كيف نربّي الأطفال على الصيام؟

لقد اهتم الإسلامُ بتربية الأطفال سواءً من الناحية الدينية أو العقلية أو الجسمية، ذلك أنّ تربية الأطفال على العبادات في الصغر، يجعل هذا الأمر سجيّةً لهم في الكبر، مثال ذلك تعويد الأطفال وتربيتهم على الصيام، فمن المعلوم بأنّ الصيام واجبٌ على البالغ العاقل المستطيع، أمّا الصبي الذي لم يبلغ الحلم فلا يجب عليه الصيام وإنّما التأكيد على صيامه من أجل التعوّد عليه في الكبر، إذ ينبغي للأطفال أن يتعرّفوا على المسائل الدينية تدريجياً وبهدوء، ومن الأفضل أن يتعرّف الولدُ قبل بلوغه سنّ التكليف تدريجياً على فريضة الصيام، فيُهيئ نفسه للالتزام بها بعد سنّ التكليف، ومن المفيد اتّباع بعض الإجراءات لترغيب الأطفال بالصيام؛ من قبيل إيقاظهم لأجل تناول طعام السحور مع ذويهم ومنحهم الجوائز، ولقد أثبتت التجربة أنّ الأطفال ـ عادةً ـ يستمتعون بهذه البرامج، ويُقبلون عليها برغبة.

يبدأ التمرين على الصيام من العام السابع ويستمر بالتدريج كلّما تقدّم العمر مع مراعاة الطاقة والقدرة البدنية والاستعداد النفسي له، فقد ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (ع) أنّهُ قال : «إنّا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين، بما أطاقوا من صيام اليوم، فإن كان إلى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل، فإذا غلبهم العطش والغرث أفطروا حتى يتعوّدوا الصوم ويطيقوه، فمروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام فإذا غلبهم العطش أفطروا». فإذا تمرّن الصبي على الصيام في السنوات السابقة لسن التكليف فإنّه سيؤدِّيه بأتم صوره ولا يجد في ذلك حرجاً عند البلوغ.

ويمكن للأُسرة أن تعوّد أطفالها على الصيام من طريق اتّباع الإجراءات والنصائح التربوية الآتية:

* تهيئة الأطفال نفسياً للصيام بحيث يكونوا أكثر استعداداً وقبولاً لمبدأ الصيام.

* التدريج في الصيام، حيث يتم التغاضي عن أخطاء الأطفال في الصيام في أوّل مرحلة، فلو شرب مثلاً لا يتم تعنيفه بشدّة وإنّما حثّه على إكمال الصيام شيئاً فشيئاً وهكذا.

* التشجيع المستمر الذي يولِّد الحافز الكبير للطفل من مثل مدح الطفل الصائم أمام الآخرين.

* إذا كان في البيت أكثر من طفل فلتُوجد الأُمّ بينهم روح التنافس على الصوم والعمل الصالح، وتعدهم بالهدايا لمن أتم صيام رمضان كاملاً، ثمّ لتنفّذ ما وعدتهم به بعد ذلك.

* ضرورة إشغال الأطفال الصائمين في النهار بما يعود عليهم بالنفع من جهة، ويقاوموا الجوع والعطش ويمرّ عليهم الوقت من دون إحساس منهم بالجهد والتعب، فتارة يتم إشغالهم بلعبٍ لا يجهدهم، وتارةً بتكليفهم ببعض الأعمال البسيطة التي يحبّونها، أو من جهة أُخرى إلى السوق مثلاً، وهذا الأسلوب له أثر في زيادة تحمّل الطفل، ونسيانه الحالة التي يمرّ بها، وبالتالي لا يرى مشقّةً عظيمة تحول بينه وبين الصيام.

* استخدام الإيحاء الإيجابي في تربية الأطفال، من طريق إشعارهم بإمتلاكهم الإرادة القوية على الصيام.

* الإفادة من إحساس الأطفال بالجوع والمعاناة أثر الصيام، بتذكيرهم بالفقراء والمساكين والمقاتلين المجاهدين الذين يصومون ولا يجدون ما يفطرون به، ومن ثمّ حثّهم على الصدقة لأمثالهم وعلى شُكر نِعَم الله عليهم.

* عدم الشفقة الزائدة الموصلة إلى منع الأبناء من الصيام، فإنّ ذلك يؤدِّي إلى حرمانهم من فوائد تربوية عديدة، وقد يؤدِّي بالطفل إلى فقدان الثقة بنفسه إذا تكرر هذا الأمر كثيراً كما أنّ ذلك يقتل في الطفل روح المبادرة والمغامرة. وفي الوقت نفسه يجب ألا يكلّف الآباءُ الأطفال بما لا يطيقون من العبادات ومنها الصيام، فإنّ هذا يؤدِّي إلى مخاطر صحّية وأخرى تربوية، وقد يجني بسبب ذلك أخلاقاً سلبية وعكسية مثل الكذب والخيانة وعدم الأمانة؛ إذ يحاول إظهار غير الحقيقة لوالديه خوفاً منهم وفراراً من إلزامهم.

 

* أ‌. وسيم النافعي/ باحث تربوي

ارسال التعليق

Top