صحيح أنّه لا يمكن إيقاف عَجَلة الزمن، أو تفادي الشيخوخة، لكن يمكننا أن نُطيل سنوات الشباب التي نتمتع فيها بصحة نفسية وبدنية جيِّدة.
تأخير ظهور أعراض الشيخوخة، والوقاية من الاضطرابات الصحية والأمراض المرتبطة بالتقدم في السن لا يتطلب جهداً كبيراً، وإجراءات استثنائية، أو تناول العقاقير والأدوية. فاتخاذ بعض التدابير الوقائية البسيطة، واتّباع النصائح التي يقدمها الخبراء في العلاجات الطبيعية والطب البديل، كفيلان بجعلنا نَرْفل في الصحة في جميع مراحل حياتنا. ونُورد في ما يلي عدداً من هذه النصائح:
1- التخلص من السموم:
يقول الأخصائي في الطب البديل الدكتور ديباك شوبرا، إنّ أوّل خطوة يجب اتخاذها لإبطاء زحف الشيخوخة، التعرّف إلى السموم التي تُؤذينا على المستويات كافّة، والتخلص منها. ويضيف، إنّ كل الخبرات المزعجة، مثل العلاقات السيئة أو الأطعمة غير الصحية أو الانفعالات السلبية، تستنزف حيويتنا وطاقتنا وتُسرّع الشيخوخة. لذلك، على كل واحد منّا أن يتعرّف إلى سمومه ويتحرّر منها.
2- استخدام النظارات الواقية من أشعة الشمس:
ينصح أطباء العيون باستخدام النظارات ذات العدسات التي يغمق لونها تبعاً لاشتداد ضوء الشمس. وتسمح هذه العدسات بترشيح أشعة الشمس فوق البنفسجية، وتقي العينين بالتالي مخاطر الإصابات والأمراض. واستخدام هذا النوع من العدسات، يزيد من فرص تأخير ظهور أعراض تكدّر عدسة العين أو الماء الأزرق، خاصة لدى الأشخاص الموجودة في عائلاتهم إصابات مبكرة (قبل عمر الستين). كذلك يُريح استخدام هذه العدسات الأشخاص المصابين بالسكري وبقصر النظر. وتُسهم هذه العدسات أيضاً في الوقاية من التنكّس البقعي المرتبط بالتقدم في السن، وهو مرض يلعب العامل الوراثي دوراً في الإصابة به، إلى جانب عامل التعرض لأشعة الشمس من دون وقاية جيِّدة للعينين. وغني عن الذكر، أنّ النظارات تقي أيضاً الغبار والريح والتلوث، ما يخفّف من خطر تهيّج العينين وجفافهما واحمرارهما، وتُسهم في إبطاء ظهور التجاعية حول العينين.
3- الحرص على تناول الثمار الملونة والبروتينات:
يُسجّل عدد المعمِّرين الذين تَخطّوا المئة، رقماً قياسياً في جزيرة أوكيناوا اليابانية. ويؤكد العلماء، أن أحد أبرز أسباب ذلك، النظام الغذائي المتَّبَع هناك. فسكان هذه الجزيرة يُكثرون من تناول الخضار والفواكه ذات الألوان الزاهية والمتنوعة يومياً. ويُذكر، أنّ ألوان المنتجات الطبيعية تُشير إلى وجود مضادات الأكسدة، التي تقي تأثيرات الشيخوخة وتؤخّر ظهور أعراضها، خاصة على الجلد. وترتفع نسبة مضادات الأكسدة هذه عندما تُقطف الثمار عند نضجها، مثل الطماطم التي تكون غنية جدّاً بمضاد الأكسدة القوي الـ"ليكوبين" عندما تُترك لتنضج قبل قطفها. وينصح الخبراء بتناول خمس حصص على الأقل من الخضار والفواكه في اليوم.
أمّا بالنسبة إلى البروتينات، فيجب تناول الأنواع خفيفة الدهون منها في كل وجبة. فعدم تزويد الجسم بالبروتينات بانتظام، يُجبره على الحصول على حاجته منها عن طريق استنزاف العضلات، ما يُضعف النسيج العضلي الضروري للتمتع بالنشاط وبالقوة.
4- الحفاظ على التوازن:
تحسين التوازن يُساعد في الوقاية من السقوط والإصابة بالكسور في فترة لاحقة في الحياة. وبما أنّ التوازن يرتبط بالأذن الوسطى، وبحساسية أخمص القدمين ومُرونة الأنسجة الرابطة، فهو يتراجع مع التقدم في السن. لكن، يمكننا أن نُحسّن توازننا عن طريق القيام بالتمرين البسيط التالي: نقف وقدَمانا ملتصقتان. نغمض عينينا ونرفع القدم اليمنى أمامنا، ونُبقيها كذلك لبضع ثوانٍ، ونُعيدها مكانها. ثمّ نكرر الحركة بالقدم اليسرى. قد يكون من الصعب تنفيذ التمرين في البداية من دون أن نتأرجح، لكننا نُحرز تقدماً مع الوقت والتمرين فنصبح أكثر ثباتاً. والـ"يوغا" مفيدة أيضاً للحفاظ على التوازن، ومثلها الـ"تاي تشي"، الذي يُخفف من مشاكل التوازن، خاصة لدى المصابين بمرض الـ"باركينسون".
5- تنظيم ساعات النوم والاستيقاظ:
عندما يصبح الخلود إلى النوم أكثر صعوبة، وتزداد مرّات الاستيقاظ خلال الليل، علينا أن نتبنّى استراتيجيات جديدة، بهدف الحفاظ على فترة النوم العميق. وهذه الأخيرة هي أفضل فترات النوم، لما يتم خلالها من ترميم لخلايا الجسم وتَزَوّده بالطاقة. ويتوجّب هنا، العمل قدر الإمكان على احترام إيقاعات الجسم البيولوجية. فنستيقظ كل يوم في الوقت نفسه تقريباً، حتى لو كانت نوعية نومنا سيئة تلك الليلة، أو كنّا قد أطَلْنَا السهر. ومن الضروري تقصير مدة القيلولة، فعندما تتعدى ثلث الساعة، تزداد إمكانية دخولنا في فترة النوم العميق خلالها، ما يعني حرمان الليل من هذه اللحظات الثمينة التي يتم خلالها الترميم. والواقع، أنّ كمية النوم العميق تتوقف على فترة اليقظة التي تفصل بين فترتي النوم السابقة والتالية. من جهة ثانية، من المهم تعريض جسمنا بشكل كافٍ لأشعة الشمس، صباحاً وظهراً، بمعدل ثلث ساعة على الأقل يومياً. فمن شأن ذلك أن يساعد على تنظيم إيقاعات الجسم البيولوجية.
6- التفاؤل:
يقول الطبيب النفسي الفرنسي، ميشيل لوجوايو، إنّ تأثير التفاؤل في نوعية الحياة في فترة الشيخوخة معروف منذ آلاف السنين. فالأفكار الإيجابية تُريح الجسم، والأفكار السلبية التي تنتج عن القلق أو الحقد تُوتّره. ومن المعروف، أنّ التوتر المزمن يُسهم في رفع ضغط الدم، ويؤثر سلباً في الأيض، ما يُسرع الشيخوخة.
والمتفائلون ينظمون عادة الكثير من المشاريع والأنشطة. وهم أقل تذمّراً، ويعرفون كيف يتذوّقون متع الحياة اليومية، ويعتبرون السنوات التي تمر فرصة لعيش تجارب جديدة.
7- حُسن اختيار الدهون:
على لائحة أعضاء الجسم وأنسجته، يحتل الدماغ المرتبة الثانية بعد الأنسجة الدهنية، في نسبة احتوائه على الدهون. ويقول الأخصائي الفرنسي، الدكتور جان ماري بوور، إنّ الدماغ يحتاج إلى الدهون، وخاصة أحماض "أوميغا/3" الدهنية، كي يؤدي وظائفه بفاعلية. وتتوافر هذه الدهون في الأسماك، مثل السردين والسالمون التي يُنصح بتناولها مرتين في الأسبوع على الأقل، وفي زيوت الجوز والكولزا والصويا، التي يُنصح بتناول ما بين ملعقة طعام واثنتين منها في اليوم. وفوائد أحماض "أوميغا/3" الدهنية لا تنحصر هنا، فهي تُسهم أيضاً في خفض مستويات الكوليسترول الضار في الجسم، وتُعزز صحة القلب والأوعية الدموية. من جهة ثانية، تحتاج المرأة إلى الحفاظ على بعض الدهون في الفخذين، فبعد سن اليأس، يستمر إنتاج وتخزين هُرمون الأستروجين في الأنسجة الدهنية.
8- مكافحة البلاك:
طبقة البلاك التي تتراكم على الأسنان، لا يمكن إزالتها دائماً بالفرشاة والمعجون. وتراكُم البلاك يتسبب في مرض اللثة ويُضعف الأسنان، وقد يؤدي مع الوقت إلى سقوطها. لذلك، من الضروري أن نقصد طبيب الأسنان مرة على الأقل كل ستة شهور، لإجراء عملية تنظيف فعليّة للثّة والأسنان. وتزداد هذه الحاجة لدى مَن تعدّى الخمسين، لأنّ الأنسجة التي تدعم الأسنان تَضعف وتُصبح أكثر هشاشة. وبعد إزالة البلاك، يقوم طبيب الأسنان بدهنها بمادة تزيد من بياضها، ما يُكسبنا طلة أكثر شباباً.
9- الرياضة:
ممارسة الرياضة لا تساعد فقط على تحسين صحة الجسم (تنشيط القلب والأوعية الدموية والرئتين)، وتقوية النسيج العضلي والعظام والمفاصل، بل تُسهم أيضاً في رفع المعنويات وتحسين المزاج. فممارسة الأنشطة الرياضية تساعد على إفراز الـ"إندروفينات"، الناقلات العصبية التي تجعلنا نشر بالرضا وبالارتياح، وتعزز الثقة بالنفس. وقد أثبتت الدراسات، أنّ المزاج الحسن يساعد على تأخير ظهور أعراض الشيخوخة. والرياضة تساعد أيضاً على مكافحة زيادة الوزن، حيث تسهم بدورها في الوقاية من عدد كبير من الأمراض المرتبطة بالسمنة مثل السكري. وتساعد الرياضة أيضاً (وخاصة تمارين رفع الأوزان)، على بناء النسيج العضلي، الذي يتراجع مع التقدم في السن. ومن الطبيعي أن يُرافق هذا التراجع انخفاض في قوتنا البدنية، وانخفاض في سرعة الأيض. فالعضلات هي أكثر أعضاء الجسم استهلاكاً للوحدات الحرارية.
من جهة ثانية، تُساعد الرياضة على تفادي تَقوّس الظهر وانحنائه. ويمكن أيضاً التعوّد أثناء المشي والوقوف على إمساك أيدينا خلف ظهرنا، فمن شأن ذلك أن يضطرنا إلى شد كتفينا إلى الخلف، ويساعد على الحفاظ على استقامة الظهر التي تمنح قامتنا شباباً على مدى السنوات.
10- تعزيز العلاقات الاجتماعية:
تَبيّن أن صحة الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات عائلية واجتماعية قوية، تكون أفضل من صحة أولئك الذين يعيشون بمفردهم، أو مُحاطين بعدد قليل من أفراد العائلة أو الأصدقاء. فالعلاقات العائلية والاجتماعية الجيِّدة، ترفع المعنويات وتبعث التفاؤل في النفس وتَقينا أمراضاً نفسية وبدنية ناتجة عن الاكتئاب والوحدة.
11- مكافحة التوتر:
من الضروري تخصيص 10 دقائق في اليوم، لممارسة أي نوع من التقنيات التي تخفف التوتر مثل الـ"يوغا"، التنفُّس العميق، الـ"تاي تشي". فالتوتر الذي يطلق عليه البعض اسم "القاتل الصامت"، يُضعف الجهاز المناعي ويُسرع الشيخوخة. وعند التعرض للتوتر، تفرز الغدد الكظرية هُرمونات التوتر مثل الـ"أدرينالين" والـ"كورتيزول".. (المعروفين بتأثيرهما السلبي في حيوية وشباب الجسم)، للمساعدة على التعامل مع الظروف المسبّبة للتوتر. وإضافة إلى تقنيات الاسترخاء، ينصح الخبراء بالتخفيف من تناول المنبّهات مثل الكافيين، السكر والكحول. ومن المفيد أيضاً تفادي المنبهات الأخرى، مثل الموسيقى الصاخبة، الأخبار، أفلام الرعب، المشادّات، الغضب، الضجيج. إضافة إلى ذلك، يجب النوم لمدة 7 أو 8 ساعات كل ليلة، فالنوم العميق والكافي أساسي لخفض مستويات التوتر، ولمساعدة الغدد الكظرية على ترميم نفسها واستعادة أنشطتها.
ارسال التعليق