علي ياسين
الذي لا يُحسن أن يؤذي بالكلمة، لا يُحسن – بالضرورة – أن يُصلح بالكلمة.. هي كالمدية؛ أداؤها واحد ولكن في مقامين وغايتين، فإن فلّ حدُّها في المقامين؛ فذلك "لغو الحديث".
الحيوية التي افتقدناها في ساحة النقد، مردّها إلى "حياد الكلمة"، والكلمة عندما "تحايد" تصبح لغواً، لا تحق حقاً ولا تبطل باطلاً، وإن ملأت أطناناً من المجلّدات، وسالت على الألسن والشفاه.
وما "الحيوية" التي نعني، سوى ذلك الأثر أو الآثار التي تتركها الكلمة في أنفس مستمعيها من غضب، وسرور، وحقد، وفخر، وأسف، وندم، وحب، وبغض، واحتقار، واحترام، وازدراء، وتعظيم.
وهي، وغيرها من مشاعر درجت الكلمة – منذ قديم – على بثها في النفوس ورعايتها حتى تثمر، شراً أو خيراً.
فلم يجاوز تاريخ الإنسان منذ كان – شرُّه وخيره – أن يكون ابناً شرعياً للكلمة.
يموت التاريخ عندما تموت الكلمة.. وتموت الكلمة عندما نقلّم مخالبها.. أو عندما تحاول إرضاء الجميع، أو إغضاب الجميع؛ لأنها تصادم نواميس الفطرة حينذاك.. فيموت أضعف المتصادمَين.
الكلمة "واجب جماعي" أو – على أسوأ الفروض – "لعبة جماعية"، فماذا خرقت حواجز "الحياد" بقي عليها أن تجتاز حواجز اللامبالاة، وتستغرق قطبي الفريق، القائل والسامع، أو الكاتب والقارئ، فإن مقبضها إن كان في يد القائل؛ فزنادها في يد السامع، إن شاء أمضاها وإن شاء أبطلها.
معذرة "للكبار" عن حديث المتبدئين هذا، ولكن "الكبار ينسون أحياناً" ولابدّ للمبتدئين من تذكيرهم.
ارسال التعليق