• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

لنبدأ سنتنا الجديدة بتفكّر ومسؤولية

عمار كاظم

لنبدأ سنتنا الجديدة بتفكّر ومسؤولية

في العام الجديد لابدّ لنا أن نقف موقف حساب؛ نحاسب فيه أنفسنا على ما قدّمناه في السنة الماضية؛ ليخاطب كلٌّ منّا نفسه، فيقول لها: يا نفسُ، هذه سنة قد مضت لا تعود إليك أبداً، والله سائلك عنها. فماذا صنعتِ فيها؟ هل أدّيتِ حقوقَ الله عليكِ؟ هل عبدتِ الله حقّ عبادته؟ هل أقمتِ الصلاة التي هي عمود الدين؟ هل آتيتِ الزكاة التي فرضها الله عليك؟ كيف كان طلبُك للعلم؟ هل أكّدتِ التقوى في حياتك تجاه مواقف الحقّ فلم تتنازلي عنها؟ وتجاه مواقف العدل فلم تنحرفي عنها؟

هل أمرتِ بالمعروف في كلّ ما يرفع من مستوى الإنسان؟ وهل أنكرتِ المنكر؟ وهل رفضتِ الظلم من نفسك للناس ومن الآخرين؟ هل جاهدتِ في الله حق جهاده ؟

وهكذا... حتّى نحصي كلّ الخير في كلّ ما قدّمنا ونحصي كلّ الشرّ فيه؛ فنحمد الله تعالى على توفيقه للخير، ونستغفره على شرور أفعالنا التي جنينا بها على أنفسنا. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحشر/ 18).

كما نقوم بجردة حساب ماليّ في رأس السنة، علينا أن نقوم بجردة حساب تقوائيّة في رأس السنة بأشدّ من ذلك؛ لأنّ هذا هو الذي يبقى للإنسان وللآخرة: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف/ 46).

إنّ معنى أن تمضي سنةٌ من عمرنا، هو أن جزءاً من هذا العمر عشنا مسؤوليته ونتحمّل مسؤوليته، لأن الله تعالى سوف يحاسبنا على كلِّ ما أسلفناه في هذه السنة، ولأنّ ما عملناه في تلك السنة سوف ينعكس سلباً أو إيجاباً على المستقبل الذي يُصنع في الماضي والحاضر، ولذلك لابدّ لنا من أن نجلس للتأمل بما سلف من أعمالنا، وهل نستطيع التخفّف من سلبياتها والتكثير من إيجابياتها؟ وعندما تبدأ سنة جديدة، ما هي مخططاتك لهذه السنة، ما هي مخططاتك بين يدي الله، ومخطّطاتك لرعاية عائلتك، وللانفتاح على حياتك الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. إن مسألة ذهاب سنة ومجيء سنة، يمثل قراراً من أخطر القرارات، لأنّها جزء من عمرنا، ولذلك لا ينبغي لنا أن ندخل الزمن من دون وعي وتأمل وتفكير، وأن نخرج من الزمن من دون حساب".

إنّ كلّ المؤسّسات المالية في العالم تعيش حالة طوارئ في نهاية السّنة وبدايتها، لتحسب حساب الخسارة والرّبح، ولتخطط لموازنتها في العام القادم، والمال ليس كلّ شيء، لكنّ الأخطر أن تخسر مستقبلك ومسؤوليتك وعقلانيتك، والخسارة الكبرى هي أن تخسر علاقتك بربك، وأن تخسر مصيرك في الآخرة: (قل إنَّ الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين)، (قل هل ننبّئكم بالأخسرين أعمالاً* الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدّنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً).

لنحتفل بسنتنا الجديدة، ولا مشكلة عندنا في أن تكون السنة ميلاديّة أو هجريّة، لأنّنا نؤمن بالسيّد المسيح (عليه السلام): (لا نفرِّق بين أحد من رسله)، ولننطلق من أجل أن نتفكّر، لأنّ (تفكّر ساعة خير من عبادة سنة).

ارسال التعليق

Top