إنّ المنظمة تشكل نظاماً بيئياً فرعياً يضم عدداً من النظم أو الإدارات المختلفة إحداها إدارة الموارد البشرية، ويعتمد نجاح المنظمة على مدى نجاح هذه الإدارات ودخولها في علاقات تفاعلية تناسقية مع بعضها البعض.
والنظرة التسويقية للمنظمة تقول إن هناك مدخلاتٍ تشكل الموارد – بشريةً وماديةً – من البيئة المحيطة بها، وأن هناك مخرجات يجب أن تأتي متسقة مع احتياجات البيئة من حولها.
فالمنظمة تتكون من مجموعة من الأفراد (موارد بشرية) تشكل اتجاهاتٍ ومعتقداتٍ وعاداتٍ شتى إلا أنّه يجب أن ينصهر هذا كله في بوتقةٍ لا تتصادم مع البيئة الاجتماعية من حولها، وهؤلاء الأفراد – كمجموعة – يتفاعلون مع التجهيزات والتكنولوجيا ومع ما لديهم من خبراتٍ ومعلوماتٍ ومعرفةٍ لتكون المخرجات في أفضل صورها. وهذا ما تسعى المنظمات إلى التسابق إليه، إذ أنّ الموارد البشرية ميزةٌ تنافسيةٌ هائلة.
إذا ما أردنا تعريفاً أو مفهوماً لإدارة الموارد البشرية فإنّه يمكن سرد الآتي:
إدارة الموارد البشرية هي "مجموعة من الاستراتيجيات والعمليات والأنشطة التي يتم تصميمها لدعم الأهداف المشتركة عن طريق إيجاد نوعٍ من التكامل بين احتياجات المؤسسة والأفراد الذين يعملون بها".
أو إدارة الموارد البشرية هي "جميع الأنشطة الإدارية المرتبطة بتحديد احتياجات المنظمة من الموارد البشرية وتنمية قدراتها ورفع كفاءتها، ومنها التعويض والتحفيز والرعاية الكاملة، بهدف الاستفادة القصوى من جهدها وفكرها من أجل تحقيق أهداف المنظمة".
كما أنّه "ويمكن النظر لإدارة الموارد البشرية كمجموعة من الأنشطة المتكاملة والمتداخلة التي يشترك في تصميمها وتنفيذها المديرون وقادة فرق العمل واختصاصيو الموارد البشرية بحيث يسهم كل منهم بدور فاعل في نجاح هذه الأنشطة. وتتمثل أهم هذه السياسات والأنشطة أو لنقل أنها النظم الفرعية ضمن نظام إدارة الموارد البشرية في: تخطيط الموارد البشرية، الاستقطاب، الاختيار، إدارة دوران العمالة، التدريب والتطوير، تقييم الأداء، تخطيط المسار الوظيفي، الحفز، النقل، الترقية، وصياغة علاقات طيبة بين الإدارة والعاملين".
إنّ التعريفات السابقة تقودنا إلى المفهوم الحديث بأن إدارة الموارد البشرية لم تعد مقتصرةً على الوظائف المعتادة التي انطبعت في الذاكرة الجمعية من قديم باعتبارها عملاً روتينياً ينحصر في أنشطةٍ كالتعيين وحفظ الملفات وتحديد الإجازات وصرف الرواتب واستكمال الإجراءات، وإنما باتت نشاطاً استراتيجياً يعمل على تحقيق أهداف المنظمات فهي باختصارٍ تمثل عنصراً حيوياً من عناصر الإنتاج وما يستتبعه من عمليات الإنتاج والتسويق والتمويل.
كما باتت علماً دقيقاً يتطلب الكوادر المتخصصة الماهرة المدربة، ومن هنا أصبحت إدارة الموارد البشرية وظيفةً من الوظائف الهامة والحساسة التي تتطلب دعم الإدارة العليا وتوفير الإمكانيات المادية اللازمة لاستمراريتها وتطورها.
- مؤهلات مدير إدارة الموارد البشرية:
إنّ نجاح إدارة الموارد البشرية يعتمد على عدة عوامل أساسية هي أن تكون المؤسسة داعمة لهذا النجاح، وأن يكون المدراء ناجحين، وأن يكون الأفراد ناجحين أيضاً وإذا افتقدت المنظمة أ؛د هذه العوامل الثلاثة فإن نجاح إدارة الموارد البشرية يبدو أمراً صعباً أو مستحيلاً.
ومن هنا فإن مدير إدارة الموارد البشرية يجب أن يتحلى بقدرات علميةٍ ومواهب فنيةٍ تتمثل في:
1- المعرفة الكمية والنوعية الحالية للوظائف، وكذلك القدرة على التنبؤ المستقبلي بعدد الوظائف المطلوبة ونوعيتها، هذا يتطلب منه استخدام علومٍ تطبيقية للتنبؤ بها. هذا إضافة للقدرة على التقييم الموضوعي للأداء من خلال معلوماتٍ كميةٍ عن إنتاج الأفراد ومعلومات أخرى محددة عنهم.
2- المعرفة التامة بالاستراتيجية العامة والتي تتطلب منه ثقافةً وخبرةً عامة (Generalist)، والمعرفة التامة بالاستراتيجية الخاصة التي تتطلب منه ثقافة وخبرة خاصة في محطاتٍ ومواقع وظيفية خاصة (Specialist).
3- التعاطي باعتدال مع كمية ونوع العمل، ونوعية وحاجات الأفراد المنوط بهم أداء هذا العمل دون إغفال للحاجات والحقوق التي يجب أن تحصل عليها هذه الموارد (Manage Human Resources Cross- Functionally).
4- إدارة الموارد البشرية بأساليب مبدعة وخلاقة (Manage Human Resources Creatively and Innovately) وذلك من خلال البحث عن هذه الأفكار لدى الأفراد والاستفادة منها، وتحفيز العاملين المستحقين للحوافز، ووضع النظم القابلة لالتزام الأفراد بها، وزرع روح الثقة في الموظفين خاصةً المبتدئين، والتدريب المستمر، والتأكد والمتابعة من أن تحقيق الأهداف يسير ولو بشكلٍ تدريجي، وإضافة أهداف جديدةٍ تتوائم والتطور المستمر على صعيد الأ‘مال، وتشجيع الأبحاث والتجارب، ومحاولة التشديد على الالتزام بتقديم المعلومات الدقيقة ليمكن إصلاح الأخطاء وتحديد الاحتياجات بشكلٍ صحيح، والعمل على تحقيق انسيابية العمل والتنسيق بيسرٍ وسهولةٍ بين الأقسام.
5- القدرة على أن تكون تكلفة العمل الإداري تكلفةً اقتصاديةً ومرشدةً بحيث تكون معقولةً نسبةً إلى التكلفة الكلية.
6- القدرة على ربط الأجور بالإنتاج المتحقق فعلاً وإلا حدث التضخم نتيجة دفع أجورٍ دون إنتاج. وكذلك القدرة على الربط المنطقي بين الأجور الإضافية والحوافز بالزيادة الحقيقية في الجودة والإنتاج، أي القدرة على الموازنة بين حقوق العاملين ومسؤوليات العاملين واستيعاب وجود علاقة طردية بين زيادة الأجور وزيادة الإنتاجية.
7- القدرة على التأثير في هيكل الوظائف والهيكل التنظيمي باستخدام المهارات السلوكية، وأساليب طرق العمل، وتقييم الوظائف، ومراعاة اقتصاديات التشغيل مما يعمل – في النهاية – على رفع معدلات الإنتاج.
8- العمل على تحقيق الرضا الوظيفي للعاملين، وفهم علم السلوك التنظيمي وما يرتبط به من علاقاتٍ إنسانيةٍ ومادية، والقدرة على الربط بين قيم العمل والأداء، والتضخم والإنتاجية، وأثر تقليل الوقت في تكلفة وحجم الإنتاج.
9- العمل على تحقيق التوازن بين مستويات الأجور وتكاليف المعيشة والإنتاجية الفردية، وظروف العمل المادية والمعنوية.
10- القدرة على التعامل مع جميع أطراف القوى المحركة وهم: العاملون – أصحاب العمل – الحكومة – النقابة – الإدارة.
11- القدرة على إيجاد حلول للمشاكل الأساسية والفرعية وارتباط ذلك بتوقيتاتها، أي القدرة على تحليل علاقات السبب والنتيجة مع مراعاة الجوانب المختلفة للمشكلة سواء كانت – هذه الجوانب – اقتصادية أو قانونية أو إنسانية أو سلوكية أو إدارية.
ارسال التعليق