معظمهنّ يصوّتن ليوم مع الزوج بعيداً عن البيت والأولاد
في الوقت الذي يحتار فيه الأبناء في اختيار الهدية المناسبة لأمّهاتهم في عيد الأُم، قد نجد الأم تختصر كلّ الاحتمالات بهدية "ليست على البال ولا على الخاطر، فماذا تتمنى الأُمّهات هدية في عيدهنّ؟ وعلى ماذا يقع خيارهن؟
- استطلاع الهدية المثالية
شاركت في الاستطلاع 180 سيدة
قائمة الهدايا المثالية ليوم الأُم مرتّبة حسب نتائج الاستطلاع:
في المرتبة الأولى: يوم مع الزوج بعيداً عن البيت والأولاد.
في المرتبة الثانية: يوم بعيداً عن الزوج والبيت والأولاد.
في المرتبة الثالثة: يوم من دون ترتيب وتنظيف.
في المرتبة الرابعة: يوم من النوم المريح من دون الاستيقاظ باكراً.
في المرتبة الرابعة "مكرر": يوم بلا صراخ على الأولاد من جانبك.
في المرتبة الخامسة: يوم بغير قلق على الأبناء.
في المرتبة الخامسة "مكرر": يوم بلا طهو.
في المرتبة السادسة: يوم يقوم فيه زوجك بجميع مهامك المنزلية.
في المرتبة السابعة: يوم من دون صراخ الأولاد وضجيجهم.
في المرتبة الثامنة: يوم بلا طلبات من الزوج.
في المرتبة التاسعة: يوم بلا مذاكرة للأولاد.
يبدو أنّ الحالة النفسية التي تعيشها النساء بين جدران بيوتهنّ، وما يعانين من ضغط نفسي نتيجة أعباء ومسؤوليات الحياة، باتت تدفع بأمّهات هذه الأيام إلى اختيار هدايا من نوع خاص في عيدهنّ. هذا ما أظهرته نتائج الاستطلاع الذي أُقترح خلاله على 180 سيدة، عليهنّ أن يخترنّ هدية غير تقليدية بعيد الأُمّهات، حيث أجمعت السيدات في المرتبة الأولى على اختيار "يوم مع الزوج بعيداً عن البيت والأولاد"، بينما جاء "يوم بعيداً عن الزوج والبيت والأولاد" في المرتبة الثانية، وجاء "يوم من دون ترتيب وتنظيف" في المرتبة الثالثة، لتتفق الأُمّهات ب عد ذلك على هديتين جاءتا في المرتبة الرابعة هما "يوم من النوم المريح من دون الاستيقاظ باكراً" و"يوم بلا صراخ على الأولاد من جانبهنّ"، بينما اختارت الأُمّهات في المرتبة الخامسة هديتين بالتساوي أيضاً هما: "يوم من غير قلق على الأبناء" و"يوم بلا طهو". أما في المرتبة السادسة، فقد اختارت الأُمّهات "يوم يقوم فيه الزوج بجميع المهام المنزلية". وفي المرتبة السابعة "يوم من دون صراخ الأولاد وضجيهم"، بينما جاء "يوم بلا طلبات من الزوج" في المرتبة الثامنة. وفي المرتبة التاسعة والأخيرة، اختارت الأُمّهات "يوم بلا مذاكرة للأولاد".
- قراءة النتائج:
استوقفَنا، ونحن نقرأ الأرقام التي توصل إليها الاستطلاع، تصويت السيدات الـ180 على الهدية التي تقول بالابتعاد عن البيت والأبناء برفقة الزوج ولو ليوم واحد. وفي هذا السياق، يجد الطبيب النفسي الدكتور علاء الحويل في هذا الاختيار "رسالة مباشرة موجهة من النساء إلى أزواجهنّ، مفادها أنّ المسؤولية الملقاة على عاتق الزوجة ليست بالقليلة، ناهيك عن مشاعر الزوجة المتعطشة إلى ساعة صفاء، تقضيها مع الشريك على انفراد وسط زحمة الحياة الزوجية بكل مفرداتها".
- الهروب من التهميش:
وتكمن المفارقة في أنّ "الابتعاد عن الزوج" ينضم إلى خانة الابتعاد عن البيت والأبناء، في قائمة الهدايا المقترحة على الأُمّهات. وفي هذا الخيار، "تجسيد لرغبة الزوجة في ترك دورها مسبق الصنع في البيت، لتكون صاحبة شخصية وكيان مستقل" حسب قول الدكتور حويل، مشيراً إلى أنّه "في الوقت الذي ينشغل فيه الأبناء بعالمهم الخاص، والزوج بعمله، يكون على الزوجة أن تقول وبأي طريقة: (أنا موجودة ولي حقوق وأدوار أفعلها غير الجلوس في البيت)".
- Over Load:
كان من الغريب أن تطالب الأُمّهات بـ"يوم من دون ترتيب وتنظيف" في ظل التغيرات الحياتية التي طرأت على الأسر في هذه الأيام، ودخول "الخادمة" معظم البيوت، إلا أنّ الدكتور الحويل يجد في رغبة النساء في هذه الهدية، التي جاءت في المرتبة الثالثة "تأكيداً لمناورات الزوجات التي لا تنتهي، حول إثبات فكرة أنهنّ صاحبات الدور الأهم في البيت، وأنهنّ يتحملن المسؤولية من ألفها إلى يائها". ويشير هنا إلى أن يوماً من دون ترتيب وتنظيف، معناه "اسمع يا زوجي العزيز، أنا أحتاج إلى الراحة من طلبات الأبناء وطلباتك".
- تريد أن تنام:
ومن جهة أخرى، تأتي رغبة السيدات المشاركات في التصويت في "يوم من النوم المريح من دون الاستيقاظ المبكر" في المرتبة الرابعة "بمثابة الرسائل المبطنة إلى الزوج"، كما يضيف د. علاء الحويل "لافتاً إلى أنّ "الرغبة في يوم من النوم، هي رغبة في يوم خالٍ من الالتزامات، خالٍ من الواجبات والنظام، خالٍ من دور تعرف المرأة في قرارة نفسها، أن لا أحد سيقوم به سواها ولو بلغ أبناؤها سن النضوج والاعتماد على النفس".
- الصرخ سيف ذو حدين:
لم يكن من المستغرب، كما يوضح الدكتور الحويل، أن تتلاقى الرغبة في "يوم من النوم المريح" وفي "يوم بلا صراخ على الأبناء" في المرتبة الرابعة وبالتساوي، موضحاً "أن صراخ الأُم على أبنائها هو بمثابة "فشة خلق" لا تدوم لأكثر من لحظات، وبعدها تقع الأم ولا أحد سواها في مطب الألم والقهر على أبنائها الذي صرخت عليهم". وبهذا، تصبح "الرغبة في يوم من دون صراخ على الأبناء" منطقية، خاصة إذا عرفنا مقدار الندم الذي تشعر به الأُمّهات بعد مرور لحظة واحدة على غضبهنّ" حسب قول الدكتور الحويل.
- الهدية المستحيلة:
ما من أحد في إمكانه أن يعترض على الحلم، وما من أحد يستكثر الأمنيات. لهذا، حين اختارت السيدات الـ180 في المرتبة الخامسة أن يعشن "يوماً من دون قلق على الأبناء" كهدية في عيد الأُم، فإنهنّ بذلك "يتحدثن عن حلم لا إمكانية لتحقيقه". يقول الدكتور الحويل، ويضيف: "تعيش الأُم بشكل عام، والأُم المتشائمة بشكل خاص حالة من القلق المستمر على أبنائها، فسمة القلق ترافقها أينما اتجهت، حتى يصبح الخوف والذعر على الأبناء جزءاً من طريقة تعامُل سلبية يصعب عليها التخلص منها. وهنا، تطالب المرأة بيوم خالٍ من القلق، وهي على علم مسبق بأنّ الحصول على هذه الهدية قد يكون من سابع المستحيلات. لهذا لم يأتِ في المرتبة الأولى، على الرغم من حاجة الأُم المستميتة إليه".
- اعفوني من واجباتي:
ومرة ثانية، تتساوى في خيارات الأُمّهات هديتان، فها هو التصويت يضع "يوم من دون طهو" مع "يوم من دون قلق" في المرتبة الخامسة نفسها. على الرغم من أنّ الفرق بين الهديتين كبير في الشكل والجوهر، إلا أنّ الدكتور حويل يؤكد "أنّ المطالبة بيوم من دون طهو، هي مطالبة حقيقية بيوم من دون طلبات الأبناء والزوج على حد سواء"، مشيراً إلى "تمرد المرأة في هذا السياق على دورها التقليدي، الذي يغطي على جوانب أخرى في شخصيتها، لا تملك الحق أو الوقت لممارستها".
- هدية استفزازية:
أما الهدية التي تثير الضحك والتي حلت في المرتبة السادسة، فتتعلق بمطالبة السيدات بيوم يقوم فيه الزوج بجميع مهام المرأة المنزلية. وهنا، يؤكد الدكتور الحويل "أنّ المرأة تريد أن تختبر الزوج، وتستبدل معه دورها، من باب الكشف له عن العبء الكبير الذي تتحمله والذي يجهله معظم الرجال".
- تفاوت ومفارقة:
مطالبة السيدات المشاركات في الاستطلاع بـ"يوم من دون صراخ الأبناء وضجيجهم" والذي حل في المرتبة السابعة، وبـ"يوم من دون طلبات الزوج" والذي حل في المرتبة الثامنة، يدل حسب قول الدكتور الحويل "على تعب الأُمّهات والشكوى الصامتة التي يعانينها"، حيث إنّه يشير إلى أنّ "الهدايا في مجملها كانت وسيلة ورغبة في رفع المسؤوليات عن أكتاف الأُمّهات ولو ليوم واحد، الأمر الذي يجب أخذه في الاعتبار، أكثر من النظر إلى تلك المطالب على أنها جادة أو نابعة من رغبة حرفية في تنفيذها".
- الأُم مدرسة:
ومرة أخرى، تظهر المفارقات في التصويت، فاختيار السيدات الـ180 ليوم بلا مذاكرة للأولاد، يدل، على الرغم من الحقيقة التي تؤكد أنّ الأُم في المجتمعات العربية، هي التي تقوم بمهمة التدريس لأبنائها في البيت، على أنّ المرأة تشير ومن خلال وضع هذه الهدية في المرتبة التاسعة، إلى أنّها "الكل في الكل" في البيت.
- يوم واحد عسل:
بناء على ما تقدم، وبما أن عملية انتقاء الهدايا تبدو وكأنّها تخضع لظروف الأُمّهات العائلية والنفسية. لهذا، هي جاءت مختلفة ومتفاوتة، وسنتوقف عندها واحدة واحدة...
حين تنتهي صلاحية عسل "شهر العسل" بعد انقضاء مدة على الزواج، يصبح "يوم مع الزوج بعيداً عن البيت والأبناء" بمثابة الهدية، إن لم نقل الحلم الجميل، وخير برهان على ذلك تصويت السيدات الـ180 لمصلحة هذه الهدية ووضعها في المرتبة الثانية. من هنا، ها هي غادة عبدالمجيد، وعلى الرغم من مرور 6 سنوات فقط على زواجها، تختار هدية عيد الأُم، منادية بحقها في قضاء يوم واحد مع زوجها بعيداً وبعيداً جدّاً عن أجواء البيت، لافتة إلى أنّ "العلاقة الزوجية تحتاج مثل أي نبتة إلى أن تُروى". ومع أن عملية "الري" هنا لا تتعدى بضع ساعات، ومع ذلك تجدها غادة "ضرورية ولو بهذا القدر القليل من الوقت". "فالبقاء في البيت مع الأبناء" كما تقول غادة: "ليس بقاءً شكلياً، إنّه التزام، وضجيج، وتدريس، وتربية، وكلمات لا تتوقف مثل: انتبه، ادرس، بلا ضجة، على مهل، وغيرها من الكلمات التي تتطلب من الأُم انتباهاً متواصلاً على مدار اليوم". لهذا، تؤكد غادة أنها لن تتردد في طلب يوم إجازة "من كل تلك الأجواء المشحونة" كما تصفها، لتعيش مع زوجها "يوم عسل"، مشيرة إلى أنّ "هذا اليوم البعيد عن البيت والأبناء هو أشبه بجرعة الرومانسية التي تحتاج إليها المرأة".
- بعيداً عن كلّ شيء:
من الطبيعي أن نتفهم حاجة الزوجات إلى قضاء يوم بعيداً عن البيت والأبناء برفقة الزوج، يداً بيد، ولكن كيف نتفهم خيار السيدات، الذي جاء في المرتبة الثانية للابتعاد عن الزوج والبيت والأبناء؟
لم تنتظر ليلى، وهي أم لرضيعة في الشهر من عمرها دقيقة لتخبرنا عن الهدية المثالية التي تتمناها في عيد الأُم، فمن دون تفكير سارعت إلى القول: "أريد يوماً بعيداً عن الزوج والبيت والأبناء". ومع أنّ السبب كان واضحاً للعيان بدءاً من بكاء طفلتها ووصولاً إلى قلة النوم الواضحة في عينيها، إلا أنها راحت توضح إنّه "حين يكون نهار الأُم ليلاً، وليلها نهاراً، وحين لا تملك من الوقت ما يكفي لتطعم رضيعها وتحممه وتقوم ببقية واجبات البيت، يصبح من البديهي أن تطالب بيوم بعيد عن نفسها وحياتها الخاصة"، مشيرة إلى "ضرورة وجود ولو يوم واحد في السنة تمضيه الزوجة بمفردها، فالزوجة في حاجة إلى أن تشتاق إلى بيتها، تحن إلى مسؤولياتها، والأهم أن تلعب دوراً لا يخدم في النهاية إلا شخصها، ولو بوقت محدود لا يتجاوز الساعات".
- القلق ثمّ القلق:
المعادلة في منتهى البساطة، إذا أردتِ أن تكوني أُمّاً، فأنتِ بلا شك اخترتِ القلق عنواناً لحياتكِ. انطلاقاً من ذلك، تختار مها شاكر (ربة منزل) "الهدية الأصعب منالاً في عيد الأُم" كما تصفها، مشيرة إلى أنّ "القلق يظل من نصيب الأُم أينما ذهبت، إنّه يولد مع طفلنا ويكبر معه يوماً بعد يوم". وتضيف: "لهذا، من الخطأ أن تعتقد الأُم أنها سترتاح حين سيكبر أبناؤها، فهمُّ البنات يظل حتى الممات، وهم الصبيان يأكل مع الأُم وينام معها". وتقول: "ما أحلى أن نعيش يوماً من الفجر من دون قلق على أبنائنا"، مشيرة إلى قلقها الجديد الذي بدأ منذ أن حصل ابنها على رخصة القيادة، حيث تلفت إلى أنّه "كلما رن هاتفي أشعر بالفزع وأقول: "ربما يكون قد تعرض لحادث لا سمح الله"، وإذا اتصلتُ به ولم يجب، أضرب أخماساً في أسداس شدة خوفي على أن يصيبه ضرر، وإذا رأيت ابنتي "سارحة" لدقيقة، أشعر بغصة، وبانقباض قلبي من فرط خوفي عليها". من هنا، فإنّ الهدية التي تريدها مها في عيد الأُم تتجلى في "يوم من دون قلق على الأبناء".
- يوم عائلي بامتياز:
في قراءة سريعة للهدايا المفترضة، تؤكد منى (مدرسة لغة فرنسية) وبعد 36 عاماً مرت على زواجها "أنّ المرأة حين تصبح جدة لا تفكر في هدايا شخصية، فالابتعاد عن البيت والأسرة والزوج ليس الهدية المرتقبة، ذلك أن مكافأتها في عيدها تتجلى في جمعها مع من هم بهجة عيدها" كما تقول.
وتلتفت منى إلى الوراء لتتحدث عن الهدايا، التي كان من الممكن اختيارها منذ عشرين سنة، فتقول: "حين تكبر الأُمّهات، تَقِل درجة العصبية عندهنّ، فلا يكترثن بما كان يسبب التوتر والقلق والإزعاج"، لافتة إلى أنّ "الحياة بعد أن يكبر الأبناء، تصبح بمثابة تعايش سلمي مع الأحداث". وتضيف: "لهذا، فإنّ الجدة في عيد الأُم لا تريد يوماً من دون طهو، ولا يوماً خالياً من الصراخ مع الأبناء، إنها تريد أن تطفئ شمعة واحدة برفقة أحفادها".
- يوم مع أمّي:
لم نكد ننهي سؤالنا عن الهدية التي تريدها، حتى امتلأت عينا نوفا شهيب بالدموع. ذلك أن نوفا الأُم، تتحول في هذا اليوم إلى بنت تريد أن تركض إلى حضن أمها وتمضي معها يوماً بأكمله. لماذا؟ لأنّ سنوات الغربة الطويلة أخذتها بعيداً عن أغلى أم في العالم، وهنا تقول نوفا: "في مرحلة ما من حياتنا، ندرك أننا لم نوفّ أمهاتنا حقهن، فنشعر بالقهر على ما فاتنا من عاطفة، كان الأجدر بنا أن نعيشها بدلاً من حملها كلٌّ بمفرده".
وتضيف: "ما زلت أذكر كيف كانت أُمّي تخفي اشتياقها إليَّ، فلم تكن لتسألني أن أزورها لخوفها من أن أترك زوجي وأبنائي لوحدهم. كانت ببساطة تفضل سعادة عائلتي على سعادتها، ومصلحة أبنائي على مصلحتها، وكأم ربتني وتعبت وسهرت عليَّ، وفي النهاية استكثرت على نفسها الحق في مطالبتي بزيارة".
- يوم هادئ:
من الأُمّهات إلى الأبناء، ننتقل لنتعرف إلى الهدية المثالية التي يريد الأبناء تقديمها إلى ست الحبايب، وفي هذا الإطار، يقول محمد ماهر (18 عاماً، طالب جامعي): "لو كان القلق يُمسك باليد، لرميته في سابع بحر"، مشبهاً نفسه بـ"المُلاحَق" لشدة خوف أمّه عليه، ومتعابتها المتواصلة له، الأمر الذي يسبب له الإحراج طوال الوقت، وهو يتلقى اتصالاتها كلّ عشر دقائق. ويضيف محمد هدية أخرى يود تقديمها لوالدته، تتجلى في "يوم من دون صراخ وضجيج". ويضيف: "أعرف أن أمي تحتاج إلى يوم من الهدوء، فتكفيها ضغوط الأسرة، وكثرة المسؤوليات، لهذا، أتمنى أن أهديها يوماً هادئاً بلا ضجيج".
- هاجس:
ومن جهة أخرى، يشاطر محمد صديقه مروان فريد (18 سنة، طالب جامعي) الرأي الذي يؤكد أن "يوماً من دون قلق" هو الهدية التي يريد تقديمها إلى أمه. ويقول وهو يضحك: "إن أمي تقلق عليَّ حتى وأنا أمام عينيها، يدي في يدها، فقلق الأُمّهات، ومن خلال التجربة، هاجس لا يمكن لأي أم العيش من دونه".
- راحة:
ويبدو أن كثيراً من الأبناء متفقون في ما بينهم على أن هدية الأُم المثالية في عيدها هي "يوم من الراحة مهما اختلفت صورها". ولعل في هذا مؤشر إلى شكوى الأُم المستمر من الضجة والتعب اللذين يسببهما الأبناء. وفي هذا السياق، تقول سيمة: "أحب أن أهدي ماما يوماً من الراحة، فتفيق ملكة، وتنام ملكة، لا تقرب الطبخ ولا التنظيف ولا حتى تقوم بترتيب السرير". نسألها: وهل من الصعب تقديم هدية كهذه؟ تجيب: "المشكلة أن أمي لا تعرف أن تعيش ساعة من دون شغل، فالبيت يجب أن يبقى في نظرها (10/10) وكأنّ علامة نجاحها كأم تكمن في الصورة الكاملة والمثالية للبيت، الذي لا أذكر أنني رأيته يوماً من دون ترتيب".
- عادة أسرية:
قد يكون من السهل تفهُّم جميع الأهداف التي تدفع الأُمّهات إلى اختيار هدية دون أخرى من القائمة المعروضة، ولكن كيف نفسر وضع السيدات خيار "يوم واحد من دون الصراخ على الأبناء" كهدية في المرتبة الرابعة؟
يؤكد أستاذ التربية الدكتور محمد سعيد ما تشير إليه دراسات علم النفس التربوي، لافتاً إلى "أن تعديل سلوك الأبناء، لا يكمن في الصراخ والانفعال الزائد، لا بل على العكس، فالانفعال والصراخ يولّدان انفعالاً مضاداً، يدفع الأبناء بدورهم إلى رفع أصواتهم والصراخ في وجه أمهاتهم وآبائهم".
هذه المقدمة التي إستهل بها الدكتور سعيد حديثه "لابدّ أنها تهدف" كما يقول "إلى توضيح أمر يتعلق بالأُمّهات المدركات تماماً تلك الحقائق التربوية". لهذا، يصبح "من المنطقي" حسب تعبيره "أن تتمنى الأم مرور "يوم من دون صراخ على الأبناء" ليقينها أن صراخها سيصبح بمثابة عادة أسرية، كما سيصبح الانفعال طبيعة الحوار، ويصبح العقاب نموذج التربية السائد، الأمر الذي سيُكسب الابن شخصية انفعالية".
وإذا كان مستغرباً أن تضع السيدات "يوم من دون طلبات الزوج" في المرتبة ما قبل الأخيرة، وكأنهنّ بذلك يؤكدن أن طلبات الزوج لم تعد ملحّة ولا تؤخذ في الاعتبار، وإلا لكان الخلاص منها احتل المرتبة الأولى. فالدكتور محمد سعيد يفسر ذلك التهميش بقوله: "إنّ من الواضح أنّ الزوج لم يعد في صدارة أولويات المرأة، فدخولها سوق العمل غيّر من جغرافيا مكانة الزوج، وكأن لسان حالها يخاطبه قائلاً: "عليك أن تؤجل رغباتك لأننا في تحمل المسؤولية سواء"، إضافة إلى أنّ الرجل نفسه تغير، ولم يعد "سي السيد" الذي يأمر ويُملي على المرأة قائمة من الطلبات التي عليها أن تنفذها فور سماعها".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق