د. هدى محيو
إذا أردت أن تحافظ على ذكائك، فحذار من كل أنواع الشاشات! وإذا أردت أن تحافظ على رشاقتك، فحذار من الفيسبوك! الأولى فهمناها ولكن ما دخل الفيسبوك بالرشاقة؟
لقد ثبت بحسب المقولة الأولى أن كل أنواع الشاشات، من هواتف نقالة أو ذكية وحواسيب ولوحات تفاعلية، تخضع الدماغ الإنساني لمحفزات تتزايد باستمرار. وتكون النتيجة أنّ القدرة على الانتباه تصبح نوعاً من رد فعل على هذه المحفزات الخارجية، فتفقد استقلاليتها إلى درجة أن علماء النفس قد أطلقوا اسماً على هذه الظاهرة هو "عمليات سرقة الانتباه" للحديث عن هذا العالم الذي يسترعي انتباهنا عند كل منعطف وأمام أي شاشة ولدى سماع أي رنة هاتف سواء أكانت مكالمة أو إعلاناً أو "واتس أب" جديداً، فينقطع حبل أفكارنا ونتوقف عن العمل الذي كنا نقوم به. (وقد دهشت إذا استطعت كتابة هذه الجملة الطويلة من دون أن يقاطعني أي محفز من هذا النوع!).
ونحن نقول إننا فهمنا هذه المقولة لأنها استكمال لما كان يجيء على لسان المربين والعلماء من انتقاد لطول بقاء الأطفال أمام شاشة التلفزيون وتأثيراته السلبية على القدرات العقلية عندما يتحول الإنسان من فاعل إيجابي إلى مفعول به سلبي. وقد قيل كذلك أنّ التلفزيون يساعد على السمنة بسبب ما يصاحبه من جمود جسدي وقرقشة وقرمشة دائمة خلال مشاهدتنا له. والجديد هنا أنّ الفيسبوك أيضاً يؤدي إلى السمنة.
هذا ما جاء به بحث في "مجلة المستهلك" الأمريكية أثبت أنّ الإدمان على فيسبوك هو سبب للسمنة وليست السمنة هي السبب في الإدمان على فيسبوك. ويكمن التفسير في الجلسة التي يمضيها المرء وهو يجمّل صورته ليقدمها إلى أصدقائه. إذ يبدو أن بضع دقائق من هذا النوع والظهور في صورة جميلة أمام الأصدقاء يعزز من الثقة في النفس وفي تقدير الذات ما يؤدي إلى خفض السيطرة على السلوك الغذائي فتكون النتيجة "هجمة" على الطعام الدسم والحلو.
يقول علماء نظرية "ترميم الانتباه" إن أفضل طريقة للمحافظة على قدراتنا الذهنية وتوقدنا وطاقتنا الإبداعية هي بتمضية أوقات في الطبيعة، حيث يشرد الذهن ويعيش على إيقاعه الخاص من دون أن يخضع لما يقلقه من الخارج. أما بالنسبة إلى الفيسبوك، فإن اختصاصيي التغذية هم من سيضطرون إلى زيادته على قوائم الممنوعات التي يسقطونها على زبائنهم!
ارسال التعليق