• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مستويات الاتصال وأنشطته

د. تيسير مشارقة

مستويات الاتصال وأنشطته

◄أوّلاً: مستويات الاتصال:

يمكن تحديد أربعة مستويات أساسية في الاتصال وهي: الاتصال الذاتي، والاتصال ما بين الأشخاص، والاتصال الوسطي، والاتصال الجماهيري.

·      الاتصال الذاتي:

وبما أن مستوى الاتصال الذاتي يقتصر على الفرد ذاته، فإنّ التوسع في هذا المجال هنا لا ضرورة له لأنّ المسألة تتعلّق بالفرد ذاته والتفاعلات الجوّانية الباطنية بين الإنسان ونفسه. "ففي الاتصال الذاتي نرى أحد الأشخاص يمشي وهو يعض على أصابعه أو يكلّم نفسه أو يجرّد من نفسه إنساناً آخر فيخاطبه ويحاوره" ويصعب رصد هذه التفاعلات باعتبارها شخصية وتدخل ضمن حدود الذات وقد ينفع علم النفس لاستشراف السلوك البشري بناء على هذه التفاعلات الداخلية. وقلما ينفع علم الاتصال في عملية التفسير لهذا النمط أو المستوى من مستويات الاتصال.

·      الاتصال ما بين الأشخاص:

يمكن تعريف الاتصال ما بين الأشخاص بأنّه عملية اتصالية تتم بين شخصين أو أكثر، باتجاهين، أو وجهاً لوجه، دون استخدام لوسائل الاتصال الجماهيري (سينما وراديو وتلفزيون وصحف وانترنت).

خصائص الاتصال ما بين الأشخاض:

يتم هذا المستوى من الاتصال باتجاهين، وهو عملية تبادلية، والاستجابة فيه تكون فورية، ومباشرة، ويكون المرسل والمستقبل في نفس المكان والزمان. هذا الأمر يتيح التعارف الأفضل، ويرفع الحواجز والتكلفة، ويضفي الود على اللقاء، ويقوي العلاقات الاجتماعية، ويبني جسوراً من الثقة والألفة بين الطرفين. ويتيح هذا النمط من الاتصال للمشاركين تحديد أهدافهم، وتعديل رسائلهم الاتصالية، والحذف والزيادة، واكتشاف معلومات جديدة. كما أنّ الاتصال ما بين الأشخاص مرن، أي يتم التحقق من الرسائل قبل نطقها شفوياً، ويتم الرد عليها بدقة، ويقوم المرسل باختيار الفكرة التي تناسب المستقبل. فإذا حصل إرباك أو تشكك من الرسالة فإنّ المرسل يقوم مباشرة بتعديل فكرته. وقد يستخدم هذا النوع من الاتصال في عمليات الضغط الاجتماعي: التعذيب، التحقيق، الاستجواب. ويتم الاتصال ما بين الأشخاص باستخدام كافة الحواس الإنسانية: السمع، البصر، الشم، الذوق، اللمس. وهذه الحواس هي قنوات الاتصال الشخصي. وهو أكثر أنواع الاتصال إقناعاً. والاتصال ما بين الأشخاص هو عبارة عن مشاركة اجتماعية إيجابية بين المشتركين في الاتصال مثل: الحفلات، الندوات، الزيارات وغير ذلك.

·      الاتصال الوسطي:

المستوى الثالث من مستويات الاتصال هو الوسطي. ويقوم على عمليات إرسال رسائل باتجاهين بين أشخاص باستخدام وسط فني كالهاتف مثلاً. ويتسم هذا النوع بأنّه غير محكم البناء، وباهظ التكلفة ويفتقد للحميمية ولكنه فعّال إذا ما بعدت المسافات بين الأشخاص.

·      الاتصال الجماهيري:

المستوى الرابع المهم في العمليات الاتصالية يكون باستخدام الوسائط الجماهيرية والمتعددة لإرسال الرسائل وتبادلها بين الأفراد والجماعات. وهذه الوسائط هي السينما والراديو والتلفزيون والصحف والانترنت.

 

ثانياً: أنشطة الاتصال الأساسية:

·      الاتصال عبر الثقافات:

هو التفاعل الذي يتم بين أعضاء من ثقافات مختلفة مهما تراوحت ضآلة أو ضخامة هذه الاختلافات، وهو يشمل عادة شخصاً متصلاً من ثقافة ما، ومتلق (متصلاً به) من ثقافة أخرى. وعملية الاتصال هذه تكون باتجاهين.

وعلى الصعيد العالمي تنشط عمليات الاتصال عبر الثقافات، أثناء الهجرات المتكررة وفي العواصم الكبرى وأثناء عمليات النزوح الكبرى من دولة إلى أخرى تتكلم لغة أخرى وثقافتها تختلف وأثناء الحرب والكوارث التي تسبب نزوح الفراد كما في أفريقيا وأوروبا الشرقية مثلاً.

ومن خصائص هذا الاتصال:

-         ينشط هذا الاتصال على المستوى الثقافي البحت ويتأثر القائمون به بثقافاتهم أكثر من تأثرهم بانتمائهم القومي.

-         اتصال أقل رسمية من غيره، وغير محكم البناء يستخدم فيه المتصلون مستويات متعددة من اللغة التي توفر عملية التفاهم.

-         الاتصال وجاهي شخصي.

·      الاتصال السياسي:

عرّف (د. محمّد بن سعود البشر) "الاتصال السياسي" بأنّه "النشاط السياسي الموجّه الذي يقوم به الساسة أو الإعلاميون أو عامة أفراد الشعب والذي يعكس أهدافاً سياسية محددة تتعلق بقضايا البيئة السياسية وتؤثر في الحكومة أو الرأي العام أو الحياة الخاصة للأفراد والشعوب من خلال وسائل الاتصال المتعددة" وهو أيضاً يعني التبادل للرموز والرسائل التي يتم انتاجها في النظم السياسية الفاعلة بطرق مختلفة. والظروف السياسية الداخلية هي التي تحدد طبيعة ونوعية وكمية الاتصال السياسي. وهذا الاتصال له تأثير على عمل الدولة السياسي وقد يؤثر على طبيعة العلاقة الدولة مع الإطار المحيط. ويجري هذا الاتصال في داخل إدار الدولة والأُمّة الواحدة.

وأمثلة على الاتصال السياسي نذكر: خطابات السياسيين والبرلمانيين والوزراء ورجال الأحزاب وتصريحاتهم وندواتهم وحملاتهم الأيديولوجية، والحملات الانتخابية، والمناظرات السياسية، والتغطيات الصحفية والإذاعية للأحداث السياسية.

ومن المؤسسات التي تقوم بالاتصال السياسي:

المنظمات، كالأحزاب والاتحادات والنقابات والوزارات. والجماعات، كاللجان، والمؤسسات غير الحكومية. كذلك وسائل الإعلام، التي تلعب دوراً في ربط النخب السياسية بعضها بعضاً. وقنوات خاصة، مثل الإضطرابات والاعتصامات والأحداث الخاصة.

·      الاتصال الدولي:

الاتصال الدولي هو مجموعة التفاعلات التي تأخذ مكانها عبر (خارج) الحدود القومية. مثل: المفاوضات الديبلوماسية والمؤتمرات التي تناقش قضايا التضخم والتجارة العالمية والحملات الصحفية تدفّق المهاجرين وقضاياهم، والاحتلال العسكري. وأبرز خصائص هذا النوع من الاتصال:

أ‌)       يتضمن موقفاً سياسياً.

ب‌) هذا الاتصال يتم على مستوى قومي وجمهوره كبير.

ت‌) يحدث بين أفراد من شعبين أو أكثر.

ث‌) تفاعل بين أمتين مختلفتين.

ج‌)   هدف الاتصال الدولي إحداث التأثير على الحديث السياسي في أُمّة أخرى.

ح‌)   والاتصال الدولي رسمي الطابع، وجمهور الاتصال الدولي معروف لكلا الطرفين ويتم بشكل مدروس ومتعمد وواضح.

·      الاتصال الدولي السياسي:

الاتصال السياسي في معناه الدولي، هو ذلك الاتصال المعني بخلق سياسات يمكن أن تؤثر على سياسات الدول الدول ذات السيادة والعلاقات فيما بينها. من خلال هذا الاتصال يتم تبادل الرموز والاشرات التي تشكل التصورات السياسية للدول. وتنشأ بين الأعضاء الرسميين وغير الرسميين من الدول ذات السيادة. وهناك أربعة أنواع من الاتصال السياسي الدولي:

-         اتصال بين مؤسسات تمارس النفوذ السياسي في الخارج، مثل الوكالة الأميركية للإعلام وإدارات الإعلام الخارجي لجامعة الدول العربية.

-         الاتصال الرسمي بين الرسميين في الخارج والذي لا يقصد منه بشكل رئيسي ممارسة نفوذ سياسي في الخارج.

-         الاتصالات السياسية الخاصة بين الدول لإحراز نفوذ سياسي ما، أي التي يقصد منها التأثير السياسي؛ ولتحسين التفاهم الدولي، أو من أجل التباحث والتشاور لدراسة الحركات السياسية العالمية. مثال دراسة الباحثين من مختلف الدول لمسألة الحركات الأصولية في العالم العربي والتطرف.

-         الاتصالات الخاصة التي ليس لها أهداف سياسية مطلقاً ولا تخضع للرقابة السياسية كمحادثات السياح في إجازاتهم في بلد غير بلدهم. ►

 

المصدر: كتاب مبادئ في الاتصال

ارسال التعليق

Top