بين أزواج يتذمرون منه ونساء يطالبن بالمزيد
هل تشعرين سيدتي بالحرج وأنت تنتظرين مصروفك من زوجك أوّل كل شهر؟ هل تبادرين بطلبه؟ هل تجرُئين على المطالبة بزيادة؟ أم أن مصروف البيت مفتوح وما تحتاجين إليه تجدينه بين يديك؟
قصة "مصروف الزوجة" وإن بدت غريبة عن الموظفات والعاملات، إلا أنها ليست بعيدة عن ربات البيوت، فما من ست بيت، إلا وتعرف ماذا يعني أن تأخذ من زوجها مصروفاً لتشتري به لوازمها، وتقضي به مجاملاتها، وتلبي حاجاتها كامرأة من شراء ماكياج أو عطر إلى شراء ملابس وحقيبة وخلافه. لكن المشكلة في حياة عدد كبير من هؤلاء السيدات هي أن بعض الرجال لا يقدرون سقف وحجم ومقدار ما يلزم الزوجة، فيقتصدون في المصروف، ويتعاملون مع حاجة زوجاتهم باستخفاف وتهميش.
في هذا التحقيق، ثمّة أسئلة طُرحت بهدف الوقوف على علاقة المرأة بالزوج في ما يخص مصروفها. فهل بالفعل هناك حرج في تلك العلاقة، أم أنّ المصروف حق من حقوقها، وواجب من واجباته؟
- حكاية مصروف:
يقترب أوّل الشهر، تستعد هيام لأخذ مصروفها، تردد العبارة التي بقيت عشرة أيام تتدرب على لفظها، وأخيراً تنطق بها من دون تلعثم، تقولها مباشرة وبسرعة وحرِّية وجرأة وشجاعة: "زوجي العزيز، أريد منك زيادة مصروفي". ما حدث مع هيام وهي تفاتح زوجها في موضوع المصروف القليل، فاق تصورها حسب تعبيرها، فالزوج راح يعدد لها كما تقول تكلفة المستلزمات التي تحتاج إليها شهرياً لدرجة أنها خجلت من نفسها وهي تنصت بإمعان إلى حديثه عن دخله وعن المصاريف التي يغطي بها طلبات أولادهما الثلاثة، ناهيك عن حاجات البيت وفواتير الكهرباء والماء، ممنناً إياها بما تنفقه على نفسها وزياراتها واستقبالاتها لضيوفها، في الوقت الذي لا ينفق على نفسه إلا ثمن سجائره.
هيام، التي دخلت لتكلم زوجها وهي تمسك بفنجان القهوة وقطعة من الحلوى، خرجت بخيبة وحسرة، خاصة حين مد يده إليها وأعطاها 500 درهم، هي عبارة عن مصروفها الشهري الذي "لن يزيد"، بحسب ما قال لها.
- أخطاء بالجملة:
"أخطأتُ حين تركت وظيفتي، وأخطأت حين وضعت نفسي تحت رحمته، وأجرمت في حق نفسي حين سمحت لزوجي أن يقول لي وبالصوت العالي "آكلة شاربة نايمة ببلاش.. وتريدين فوق ذلك مصروف؟". كلام وفاء، الخارج من الصميم، يكشف، وباختصار، المعاملة البشعة التي كانت ولا تزال تربطها بزوجها، ذلك الرجل الذي يؤمن بأن احتواء الزوجة يكمن في إطعامها وإيوائها كما لو كانت "مقطوعة من شجرة"، كما تقول وفاء بلهجة ملؤها القهر. فالمصروف الذي تأخذه من زوجها بالكاد يكفيها، وبالكاد يغطي جزءاً قليلاً من حاجاتها، ومع ذلك، هي لم تتجرأ يوماً على طلب ما تريد، فهي تحتاج فقط إلى القليل، إلى مبلغ يساعدها على تبادل المجاملات مع معارفها، على رد دعواتهنّ بدعوة مماثلة، على شراء فستان أو زجاجة عطر، على الذهاب إلى كوافير كبقية سيدات الأرض من دون أن تتقشف وتأخذ من مصروف البيت. كانت تحتاج إلى الإحساس بأنها تملك في حقيبة يدها مالاً، مبلغاً قليلاً من المال لتكون حرة نفسها وصاحبة قرار ولو في أبسط الأمور، ولو تجلى ذلك بمجرد شرب فنجان قهوة مع صديقاتها في مقهى من دون أن تعتذر وتختلق الأعذار لتتهرب. كانت وفاء تحتاج إلى القليل من زوجها الذي هو "كثير" بالنسبة إليها. ولكن.. كانت الحقيقة المرة في أنّ الزوج يعتبر إطعامها وإيواءها جزءاً من المصروف الذي تطالب به. لهذا، أضربت بعد كلامه عن الكلام، مُقسمة بألا تأتي على ذكر المصروف ما دامت حية.
- قهر وانتظار:
حين يختلف واقع النساء ومعطيات حياتهنّ، تختلف أيضاً المشاكل التي تعانيها كل منهنّ على حدة، فها إيلان دياب (موظفة) تُخرج نفسها من حلقة الحديث على المصروف الذي يدفع الزوجة إلى الوقوف في طابور الانتظار أوّل كل شهر، لأنّها ببساطة "مستقلة مادياً".
إيلان، التي تصف حالة انتظار المصروف بـ"القهر"، تتحدث عن معارفها من السيدات اللواتي يشغلهنّ ذلك الموضوع، فتقول: "من غير الممكن مزج طلبات الزوجة بطلبات البيت، واعتبار كل منهما بمثابة أمر واحد، ذلك أن حاجات الزوجة مختلفة، ولها تكلفة خاصة لا تدخل ضمن سياق المصروف المنزلي بأي شكل من الأشكال"، مشيرة إلى أنّ "الزوجة أو الأُم، هي امرأة في النهاية، وهذه المرأة تحتاج إلى أن تصرف على مظهرها وهذا أمر مرتفع التكلفة، وإن لم تكن موظفة، فالحل الوحيد المتاح هو مصروف شهري محترم من زوجها". وتضيف: "هنا، لا يمكن للزوج أن يبخل في المصروف، فالمسألة لا تقبل بخلاً أو تقصيراً، فإما هو أو لا أحد". إيلان، التي تُحَمّل المصروف الكثير من التبعات النفسية المضرة بالزوجة، تؤكد أنّ "المصروف القليل يخدش العلاقة الزوجية، ويضع المرأة في ضفة بعيدة عن ضفة الزوج"، لافتة إلى أن "أبشع ما في الأمر، هو أن تشعر المرأة بأن زوجها مستخف بها وبحاجاتها، الأمر الذي يحرمها من إحساسها باهتمامه، أو على الأقل بموقعها كشريكة أو ربة منزل، خاصة أن تلك المرأة ستقارن بينها وبين صديقاتها من حيث المصروف والمظهر، لتكون النتيجة دائماً في غير مصلحتها".
- حرج:
يقول المثل: "زوجك كما تعودينه"، ويقول الواقع: إذا لم يصرف الرجل على زوجته، فمن سيسدد لها مصاريفها؟ وفي سياق الحديث عن الحرج في طلب المصروف تقول زينة طه (موظفة): "إنّ الحرج في طلب المصروف هو عبارة عن حالة خاصة لا تشعر بها إلا المرأة الموظفة إن استقالت. فالعادة تلعب دوراً في التعاطي النفسي مع الزوج. لهذا، حين تستقيل الموظفة، تجد نفسها وجهاً لوجه مع حقيقة حاجتها المادية للزوج، فتشعر بالحرج والإرتباك من فكرة أن تمد يدها وتأخذ منه مالاً". ولكن، في الوقت نفسه، تجد زينة أن "ست البيت معتادة منذ زواجها على أخذ مصروفها من زوجها، الأمر الذي يبعدها عن الشعور بالحرج والخجل من فكرة أن تخبره عن متطلباتها والمصروف ومن ناحية أخرى، تؤكد زينة أن "حرج الزوجة من المصروف، يعود إلى طريقة الزوج في منحها إياه". فتقول منتقدة: "حين يقدم الرجل لزوجته مصروفها، ويتبع ذلك بالمحاسبة والمساءلة والأخذ والرد والسؤال أين تنفق المال؟ وعلى من؟ وكيف ينتهي معها المصروف بهذه السرعة؟ وإلى آخره من الأسئلة المحرجة، لابدّ أن تعدّ الزوجة للعشرة، قبل أن تتحدث عن مصروفها أو قبل أن تطالبه بالمزيد".
- موازنة:
"حق المرأة في المصروف حق لا يجادل عليه أحد، ولكن من الظلم أن نفصل ذلك الحق عن مقدرات الزوج المادية". بهذا، تبدي رحاب حمدان (موظفة) رأيها في فكرة التحقيق، واضعة البيت ومتطلباته في مقدمة الأولويات التي يجب على المرأة العاقلة أن تفكر فيها.
إلا أن قناعات رحاب لا نفصلها عن الواقع، ولا تخفف من معاناة المرأة التي لا يكفيها مصروفها، ولكنها تحاول حسب تعبيرها أن تخفف من حدة المشكلة، وتوجهها إلى مسار آخر. تقول: "لو كانت المرأة تعمل على قاعدة: "على قد بساطك مدّ قدميك" لأراحت نفسها من النظر إلى كلمة مصروف من زاوية تؤذي مشاعرها، فدخل الزوج لن يكفي، مهما كان كبيراً ليغطي متطلبات البيت والأبناء ويجعلها ملكة الأناقة في الوقت نفسه. لهذا، عليها أن تتقبل الواقع وتتعامل معه دون نرجسية تبعدها عن المكانة الطبيعية لربة المنزل". ومع ذلك، تشير رحاب إلى الزوج "كطرف أساسي أو وحيد في رفع مشاعر الحسرة من قلب زوجته". وتقول: "يتمثل ذلك في الأسلوب اللطيف والرقيق الذي عليه أن يشرح فيه أولويات البيت وتطابقها مع دخله الشهري".
- شريكة في راتبه:
وإذا كان مصروف الزوجة يشكل حالة من الحرج لمعظم سيدات البيوت العربيات أو لبعضهنّ، خصوصاً أنهنّ ينتظرن الزوج أوّل كل شهر ليمد يده إلى جيبه ويخرج ما فيه النصيب، فماذا تقول النساء في المجتمعات الغربية في ما يتعلق بالمصروف وعلاقتهنّ به؟
"لست موظفة عند زوجي لآخذ منه مصروفي، أنا شريكته في راتبه من الألف إلى الياء". هكذا، تعلق إيرينا (كندية الجنسية) على حكاية المصروف، معتبرة أنّ "الظروف النفسية التي تخول الزوج للعمل والإنتاج، هي في النهاية من نتاج الزوجة، فلو تركت البيت مثله ودخلت سوق العمل، ولو فضلت أن تستقل عنه مادياً وتركت تربية الأبناء إلى أخريات، ولو لحقت طموحها خارج أسوار بيتها، لما حصل الزوج على تلك الطمأنينة التي يوفرها وجود الزوجة في البيت". وتقول: "لهذا، فإنّ الرجال مدينون لزوجاتهم بالكثير، وأقل شيء من الممكن تقديمه لهنّ هو نصف الراتب أو كل الراتب"، مشيرة إلى تجربتها التي لا تسميها "شخصية"، باعتبارها "تجربة كل سيدات كندا" حسب قولها. وفي هذا الإطار تكشف إيرينا أنّ "البطاقات الائتمانية كلها معي، أصرف منها وقت ما أريد، وعلى ما أريد، وكيفما أريد، في حين أن زوجي لا يسألني، ولا يحاسبني، ولا ينتقد طريقة صرفي. فهو يؤدي دوره، وأنا أؤدي دوري، وكلانا شريكان في كل دولار يجنيه".
إيرينا، التي كانت تتكلم بطلاقة وعفوية، تؤكد أن كل كلمة تتفوه بها هي "أمر عادي وطبيعي"، فهي لا تتخيل حسب قولها "كيف أن في إمكان المرأة أن تنتظر زوجها تحت أي مسمى وخانة وعنوان أن يعطيها من تريد أن تشتري به أحمر الشفاه"، لافتة إلى أن "منتهى الذل هو أن تشعر المرأة بأنها تحت رحمة زوج، حتى لو كانت واثقة بتلبيته لرغباتها". وتقول: "من المنطقي أن يكون ماله في حوزتها، حتى لا تضطر إلى أن تطلب أو تسأل أو حتى تنتظر، فالزواج شراكة بالمطلق لا في أشياء وأشياء".
- واجب وأصول:
هل تقدر عزيزي الرجل حاجة الزوجة إلى المصروف؟ هل تأخذ غلاء الأسعار بعين الاعتبار وأنت تعطي زوجتك مصروفها أوّل كل شهر؟ ومتى تقول للزوجة: "Stop كفاك إسرافاً واقتصدي في مصروفك؟".
أسئلة نوجهها إلى الطرف المعني بالموضوع، فهو صاحب المال والشأن، وهو من يقرر ويحدد ويختار، إنّه الزوج الذي يجيب عن أسئلتنا بصراحة. فماذا يقول؟
محمد عبدالمنعم واحد من الأزواج الذين لا ينكرون الحرج الذي تشعر به الزوجات "خاصة أولئك اللواتي دخلن لتوهن القفص الذهبي" حسب تعبيره، "فالعروس في هذه الأثناء، تشعر بالخجل والتوتر في علاقتها مع السوق والمشتريات. لهذا، تعد للعشرة قبل أن تقدم على شراء ما تريد تحسباً للإحراج". ولكن محمد يرى أنّ "الوقت كفيل بتغيير العلاقة بين المرأة وزوجها في ما يخص المصروف". ويقول: "بعد زمن يذوب الخجل، ويصبح من الطبيعي جدّاً أن تقول المرأة لزوجها: "أين مصروفي لهذا الشهر؟" في حال تأخر عنها ليوم واحد". لهذا يرفض محمد، المتزوج منذ 6 أشهر، فكرة أن يترك الرجل زوجته تنتظر مصروفها، فـ"الواجب واجب" كما يقول، و"ما من منطق أو أصول تمنع تنفيذ ذلك الواجب". ويؤكد محمد أنه "ما من رجل إلا ويعرف حاجة زوجته إلى المصروف، ولكنّ هناك رجالاً يجيدون فن التطنيش وتجاهل تلك الحاجة نظراً إلى بخلهم أو رغبتهم في خلق ما يسمى "تبعية" مادية، وفي كلتا الحالتين تكون المرأة في وضع لا تحسد عليه".
وإذا ينتقل محمد إلى الحديث عن تجربته الخاصة، يقول: "من غير الممكن أن أترك مجالاً لزوجتي أن تطلب زيادة المصروف، فأنا ألبي حاجاتها قبل أن تطلبها، وأعرف أن أميز بين مصروف البيت ومصروفها الشخصي. لهذا، ما من داعٍ لأضعها في موقف تطلب فيه وأنا من علي أن أراعيها وأصونها".
- المصروف مفتوح:
ويبدو أنّ الحديث في مصروف الزوجة يفتح الكثير من المحاور والنقاط وأحياناً الخلافات، ولكن "الزوجة وحدها هي التي تملك نقطة الفصل في هذا الموضوع" كما يقول المهندس جهاد نصر، حيث يؤكد "أن إدارة مصروف البيت بشكل جيِّد وحسن تدبيرها، يجعلها في النهاية بعيدة عن مسألة الحرج أو السؤال، فالمصروف الذي يقدمه الرجل بشكل عام لزوجته يكون مفتوحاً، بمعنى أنه لن يحدد لها مبلغاً ما وإذا صرفته سيمتنع عن إعطائها فلساً واحداً". ويضيف: "المسألة نسبية، وما يحتاج إليه البيت والزوجة واجب لن يقول الزوج لا في ما يتعلق به"، ويتابع: "يجب أن نعرف ونحن نتكلم عن مصروف الزوجة، نوعية النساء المبذرات، فالمنطق لا يخفى عن المرأة، والمنطق يتساوى مع القدرة على الموازنة والتقدير. لهذا، أؤكد، أنّ المرأة الواعية تعرف كيف تصرف، وتدرك أنها لا تحتاج إلى أكثر مما تعطى شهرياً".
ويتعرض جهاد على كلمة "تبعية"، التي قد تتكئ عليها بعض السيدات وهنّ يتحدثن عن المصروف، لافتاً إلى أن "قاموس الزواج لا يتحمل هذه الكلمة، فالمصروف حق للزوجة ولكن ضمن المعقول. والمعقول هنا يحدده دخل الزوج والتزاماته المادية". ويضرب جهاد مثلاً من واقع حياته الزوجية، فيقول: "سنوات زواجي العشرون جعلتني أعرف وأقدر ما تريده زوجتي، وفي الوقت نفسه جعلتها تقيس الحاجات واللوازم، فلا تشتري ما لا يلزم، ولا تنفق على ما لا ضرورة له. وبالتالي، فالمصروف يكفي ولا تضطر إلى طلب المزيد".
- تقدير:
العلاقة بين مصروف الزوجة وغلاء الأسعار "علاقة أكيدة" يتحدث عنها ناصر الجنيبي (موظف) بكثير من الإيمان بحق الزوجة على الزوج، فيقول: "مصروف الزوجة مسألة محسوسة مع المرأة التي لا تعمل، فإذا لم يقدم لها الزوج المصروف، فمن أين ستأتي به؟"، مشيراً إلى "أنّ المصروف الذي تحصل عليه الزوجة لا يغطي الأساسيات فحسب، بل والكماليات". "فإذا أدرجنا الماكياج" حسب تعبيره و"العطر والذهاب إلى الكوافير في خانة الضروري، فلن تعود تلك الأشياء كمالية بل أساسية وهذا يعزز فكرة منح الزوجة مصروفاً قد يساوي راتب موظف".
وينتقل ناصر إلى ضفة أخرى من الحديث، حيث يجد أن "كثيراً من الزوجات يخجلن من الطلب، ويترددن في الحديث عن مصروفهنّ في حال كان قليلاً". ويقول: "لهذا، على الرجل أن يتقي الله في زوجته، وأن يعرف أنه مسؤول عن رعيته، وأن زوجته جزء من تلك الرعية". لا بل إن على الزوج كما يقول أن "يقدر الزوجة التي لا تطلب، فيضاعف مصروفها، ويدللها، ويقدر تقديرها لوضعه، خاصة أننا نسمع عن زوجات يردن أن يصرفن في يوم واحد كل ما يجنيه الزوج في شهر". ويتحدث ناصر عن موقف حدث معه ذات يوم بهذا الخصوص، فيقول: "ذات مرة، طالبتني زوجتي بزيادة في مصروفها، وكنت يومها في وضع مادي صعب، فطلبت منها أن تؤجل النقاش في هذا الأمر، وبالفعل، تقبلت طلبي، وتكيفت مع الواقع. إنما زاد مصروفها بنسبة الضعف حين مرت تلك الأزمة، وعادت الأمور إلى طبيعتها".
- من أين لها يا حسرة؟
"غلاء متطلبات الزوجة ولوازمها مقارنة بلوازم الزوج، مسألة لا تغيب عن بال الأزواج" كما يقول هاني بركة (موظف). ويضيف: "إذا كان أقصى ما يصرفه الزوج من راتبه الشهري ثمن فنجان قهوته مع أصحابه في أحد المقاهي، فأقل ما تصرفه الزوجة هو تكلفة ذهابها إلى صالون تصفيف الشعر". إلا أن هاني، وإن بدا واعياً لحاجة المرأة أو ست البيت إلى المصروف، فهو في الوقت نفسه يدرك أن كلمة مصروف هي كلمة "مطاطية" في إمكانها أن تخترق سقف المعقول، وفي إمكانها أن تمشي جنباً إلى جنب الراتب المتواضع الذي يحصله الزوج. لهذا، تراه يرمي بالمسؤولية على عاتق المرأة، محملاً إياها تبعات الصرف الزائدة على اللزوم، ولكنه في الوقت نفسه لا يحاسبها أو يسألها أو يلومها إن صرفت أكثر مما ينبغي، لماذا؟ لأنّه يعلم أنها "لن تقدم مصلحتها على مصلحة البيت، ولن تبالغ في الصرف وهي على علم بما يجنيه وما ينفقه".
وعن رأيه في الأزواج الذين يقترون في مصروف الزوجة، يقول هاني: "لا أعتقد أنّ الرجل يقتر من باب البخل أو الحرمان، فالوضع المادي الصعب هو الذي يخلق حالة مضطربة في مسألة مصروف الزوجة، ففي النهاية الرجل يصرف على أم أولاده وشريكته وليس على امرأة غريبة".
- أزواج محظوظون:
إذا كان الحديث عن مصروف الزوجة حديثاً عادياً في عرف ربات البيوت، فهو حديث لا يدخل بيوت الموظفات لا من الباب ولا من الشباك، فها هو محمد شداد (موظف) يؤكد، ومن واقعه اليومي، أنه لا يتعامل بهذه المفردة، لأن زوجته ببساطة موظفة. إلا أن ذلك لا يعفي محمد من الرد على بعض الاستفسارات، حيث يجيب رداً على سؤال يتعلق بأن زوج الموظفة مرتاح نسبياً من مصروفها قائلاً: "لا يفكر الرجال بهذه الطريقة، وإن كان وجود مصروفين في البيت أفضل من وجود مصروف واحد، فثقل الحياة الزوجية يتطلب أكثر من راتب واحد، وأكثر من مصدر دخل، ناهيك عن مشاعر الزوجة بالاستقلالية المادية التي تجنبها المفاوضة على مصروفها وانتظاره على أحر من الجمر في أحيان كثيرة". ولكن، أليس الزوج هو من يجعلها تنتظر المصروف بهذا الشكل؟ يجيب: "بالطبع، فلكل رجل طبعه ومزاجه وطريقته في التعامل المادي مع زوجته، ومن الصعب على المرأة أن تتكهن بما قد تلاقيه مع زوجها، خاصة في مسائل حساسة ومحرجة مثل المال والمصروف".
- ضمن المستطاع:
وإذا كان وضع مصروف الزوجة في خانة المشاكل محتملة الحدوث، مسألة يأخذها الزوج على عاتقه في نظر الرجال والنساء معاً، فهل من تبعات نفسية تلحق بالزوجة حين يتذمر الرجل من مصروفها؟ سؤال تجيب عنه الطبية النفسية الدكتورة نسرين السعدوني، التي تشير إلى أنّه: "لا يمكن غض النظر عن تلك التبعات النفسية التي تؤثر في الزوجة وتسبب ما يسمى تراكمات دفينة". وتقول: "لهذا، على الزوجة، ومنذ البداية، أن تضع النقاط على الحروف في ما يخص مسألة مصروفها حين تكون ربة منزل، حتى لا تعاني بصمت ولا تعيش مع هواجسها بصمت أيضاً"، لافتة إلى أهمية الصراحة والمكاشفة بين الزوجين وإلى ضرورة المناقشة والحوار، خاصة في الأمور المادية، فلا يجب على المرأة أن تكتم حاجتها أو أن تخفي متطلباتها. ولكن، عليها في الوقت نفسه ألا تطلب أكثر من المستطاع، فتنظم أمورها تحت مظلة التفاهم والتفهم وتبتعد قدر الإمكان عن الأنانية في مسألة مصروفها". وتتابع: "يجب ألا يكون في طريقة تعامل الزوج مع الزوجة في ما يخص المصروف شيء من الإجحاف وسوء التدبير. وكذلك طريقة تعامل الزوجة مع الزوج، يجب ألا تنتابها كثرة إلحاح وسوء تعامل، وبذلك لا يدخل الزوج والزوجة في صراع نفسي متكرر بسبب قلة المادة، أو الطرق السلبية التي يتعامل بها الزوج والزوجة في طلب وإعطاء المصروف".
- ترتيب أوراق:
الواقع أنّ الحديث عن مصروف الزوجة يأخذ أبعاداً أخرى في النقاش، فالرجل الذي يمنّ على زوجته بالمصروف، ويحاول أن يضيق عليها، "ليس إلا نتاج تنشئة خاطئة" حسب قول استشارية العلاقات الزوجية غالية نزار، التي تؤكد أنّ التربية تلعب دوراً كبيراً في رسم ملامح المرأة أو الزوجة في عقل الرجل، فالبيت هو الأساس، وهو الذي يصور المرأة (الزوجة) على أنها "عالة". لهذا، يأتي سلوك الأزواج في ما يخص مصروف الزوجة وليد تربية وسلوك ومنهج، حيث يظن الزوج أن حق الزوجة في بيته هو الأكل والشرب، وما تبقى كماليات لا تدخل في دائرة الواجب".
وتتابع غالية نزار كلامها عن الموضوع، مشيرة إلى أنّ "الهوة التي تحدث بين الزوجين في هذه الحالة كبيرة، فالعلاقة الزوجية ستكون علاقة ظالم ومظلوم، ولن يكون سهلاً على المرأة أن تتعاطى مع زوجها بصفته ظالماً بسلام ومن دون ضغينة وقهر". وتضيف: "لهذا، على الزوجين، ومنذ البداية، أن يرتبا أوراق العلاقة المادية بينهما، وذلك من خلال تخصيص مبلغ من المال للزوجة أو راتب شهري يمكنها من تلبية حاجاتها ولوازمها. وبالطبع، يجب أن يكون هذا الراتب متحركاً حسب غلاء الأسعار وتنوع المناسبات". وتختم نزار، مؤكدة "أن على الرجل ألا ينتظر من زوجته أن تطلب منه ليعطيها، كما أن على الزوجة في الوقت نفسه أن تقدر وضعه المادي، ولا ترهقه بالمتطلبات، كونه العائل الوحيد للأسرة".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق
تعليقات
حامد محمد إسماعيل
الزواج حياة مشتركة ومتطلبات الزوجة المعقولة الخاصة بها حق لها ، إذ من أين تأتي بحاجاتها ، وياحبذا لو أتى بها الزوج بين الحين والآخر دون طلب منها . حتى لو كانت عاملة ،لأن المردود للزوج فهو يرى المظهر اللائق والزوجة الودودة \" تهادوا تحابوا .\" وكذلك الزوجة العاملة عليها الأ يكون الشغل الشاغل لها حساباتها المادية واستقلالها ماديا ، نعم الشرع يعطيها حق التملك ، ولكن حين يطغى هذا التعامل المادي تحولت الحياة الزوجية التي يعتبر أن تكون مودة ورحمة وسكن ، إلى شريكين في تجارة لا ينتهي الحساب بينهما .
ايمان
انا ولا باخد مصروف ولا بمسك فلوس ولو اتكلمت فى قصة المصروف دى يقولى ماانتى بتجيبى الا انتى عايزاه اقصى حاجه بتكون معايه 20 درهم مش اكتر ممكن اقل