• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مقياس السمنة وعلاقته بالأمراض

د. ساره مهدي

مقياس السمنة وعلاقته بالأمراض

◄لاشكّ أنّ السمنة وتجمع الدهون والشحوم في الجسم من جملة الآفات التي تتسبب في وجود أمراض وأعراض في غنى عنها وبعض هذه الأمراض قائلة.. وهي حقيقة معروفة على أمر الأزمنة والدهور وقد توصل العلماء في الفترة الأخيرة إلى أنّ المقياس الواقعي للسمنة الضارة والأمراض هو قياس محيط أوسط الجسم (الخصر) وليس الوزن نفسه أو شيء آخر.

وقد ظهر أن تراكم الدهون حول منطقة الخصر وفوق المعدة يتسبب بشكل حقيقي لأخطار التعرض لمرض السكر وأمراض القلب حيث جاء في تقرير علمي أعده فريق من العلماء في جامعة برمنكهام البريطانية أن تراكم هذه الدهون يضاعف أخطار التعرض لأمراض السكر وأمراض القلب بنسبة أربعة أضعاف، ويقول الدكتور انثوني باريت. إنّ الخلايا الدهنية التي تتراكم حول الخصر تقوم بافراز مواد كيمياوية تجلب الضرر لنظام الأنسولين في الجسم ويقول العلماء إنّ الرجال الذين يتجاوز عرض الخصر عندهم (40) إنج والنساء اللواتي يتجاوز عرض الخصر لديهنّ (35) إنج هم الذين يشملهم الخطر، وهو ما يؤكده العلماء بأن مقياس الخصر هو الذي يحدد الخطورة من السمنة وليس الوزن العام للجسم.

فالخصر العريض ما هو الا تراكمات الشحوم الساكنة كما يعتقد، في حين أثبتت البحوث أنّ هذه التراكمات من الشحوم نشطة جدّاً وتقوم بافراز البروتينات والهرمونات أيضاً. هذه الافرازات تكون مفيدة للجسم حينما تكون بنسب معقولة ومناسبة أما الزيادة في افرازها للهرمونات والبروتينات تؤدي إلى ضرر في نظام الأنسولين وترفع من ضغط الدم وتزيد من الكولسترول في الدم.

لذا فإن مراقبة جسم المرأة من خلال خصرها يمكن أن يساعد على معرفة تعرضها للإصابة بمرض السكر. وبالتالي فالحفاظ على الجسم من مرض السكر حتى وأن كان وراثياً في العائلة يتم بالمحافظة على وزن أقل بحوالي 10% من الوزن المثالي.

كما توصل الباحثون إلى أنّ الوزن الإضافي في منطقة البطن والخصر يضعف الوظائف الرئوية والقدرة على التنفس بعمق، وهو ما يؤدي بدوره إلى إنخفاض كبير بالحجم الرئوي، إذ يسبب تراكم الدهون هذه تمدد الحجاب الحاجز وكذا التمدد الكامل للرئتين خاصة عند الرجال حيث أنّ الرجال أكثر عرضة لتكوين الكرش، بينما تتسرب الدهون إلى الأوراك والأرداف في النساء.

كما إنّ الأبحاث أكدت إن إستعداد النساء المصابات بالسمنة في الجزء العلوي من أجسامهنّ (أي فوق منطقة الخصر) للإصابة بالسكر يكون شبه تام في حين لا توجد نفس هذه الإستعدادات لدى اللاتي يعانين من سمنة الجزء السفلي من الجسم.

ففي جامعة ويسكونسن الأمريكية أكدت الأبحاث بعد دراسة طويلة أجراها باحثون على مدى ست سنوات وشاركت فيها 52 سيدة تم تقسيمهنّ إلى 3 مجاميع تألفت مجموعة من 25 سيدة يعانين جميعاً من السمنة في أعلى الجسم أو ما يعبر عنه بشكل التفاحة والمجموعة الثانية من 18 سيدة بدينات في أسفل الجسم هو ما يعبر عنه بشكل الكمثري ومجموعة ثالثة من 9 سيدات في المجموعتين الثانية والثالثة.

وثبت لدى هؤلاء الباحثين أنّ المرأة الممتلئة فوق مستوى الخصر والتي تزيد على تلك التي بوزن طبيعي أو بدينة في القسم الأسفل من الجسم (تحت الخصر) ثمان مرات، إذ أن تمركز معظم الوزن يكون في منطقة الأوراك. لذا أكّد الباحثون أنّ السيدات اللاتي تتمركز الدهون في منطقة البطن أكثر من الأوراك أكثر عرضة للتوتر من اللاتي أوزانهنّ تتمركز في أوراكهنّ. وأما التدخين والكحول وقلة الرياضة فأنها تساعد في تراكم الكرش عكس النشاط البدني المنظم حيث يقلل من هذا التراكم.

إنّ دهون البطن بلا شك تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وإرتفاع الضغط والإصابة بالسكتة والسكر وهو ما أكده الباحثون في جامعة بيتسييرج الأمريكية وقالوا إنّ الأشخاص العدوانيين وسريعي الغضب ممن يستفزون بسرعة ويتوترون أكثر عرضة للبدانة ويعرضون إلى الجلطات القلبية. وقالت الدكتورة كارين ماينوس من كلية الطب بالجامعة إنّ الأشخاص متراكمي الدهون في منطقة البطن بدلاً من الأوراك والأرداف يتعرضون لأعلى مستويات الغضب التي تزيد بدورها من هورمونات التوتر فتعرضهم لمشكلات قلبية... ويرجع الباحثون أن سبب تراكم الدهون في منطقة البطن أو ما يعرف بالكرش سببها التوتر النفسي.. وأنّ التوترات الكثيرة المتوفرة في الحياة العصرية ورد الفعل عليها تساهم في تركيز الدهون والشحوم في منطقة البطن وخاصة لدى السيدات المخيفات، حيث أجرت الدكتورة أليسا أيبيل من جامعة بيل الأمريكية بعد إخضاع 59 امرأة بيضاء من المخيفات وصاحبات الوزن المفرط لاختبارات خاصة من أجل تقييم درجات التوتر لديهنّ من خلال قياس هرمون التوتر كورتيزول الذي يفرز في حالات التوتر العصبي. أن نسبة الخصر إلى الورك الناتج من تراكم الدهون كانت أعلى في نصف السيدات، وهو ما يؤكد وجود كميات أعلى من الدهون في منطقة الخصر الأمر الذي أظهر النصف الآخر قليل الدهون.

إنّ هذه النتائج العلمية تدعو إلى تقليل الوزن وتنظيم الجسم وملاحظته بشكل دائمي للإرتقاء من الأمراض.►

ارسال التعليق

Top