• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

ممارسة الديمقراطية حقّ إنساني للشعوب

عمار كاظم

ممارسة الديمقراطية حقّ إنساني للشعوب

إنّ مسألة الديمقراطية من المسائل التي شغلت المجتمعات البشرية على مرّ العصور، حيث انّها تشكل حاجة إنسانية وضرورية لحياة المجتمعات والشعوب والأنظمة الحاكمة فهي مطلب حياتي فطري تنشأ الحاجة إليها مع الولادة وخاصة عندما يصرخ الطفل في ساعة ولادته فإنّ ذلك تعبير للآخرين من حوله من أجل التفاهم معه، وهذا التعبير من أجل السيادة والحياة والقانون وليس كما يقال بأنّ هذا الصراخ تعبير عن رفض الحياة الجديدة ولكنّه صوت يدعو الآخرين من حوله للتفاهم وخلق حياة جديدة بالرغم من أنّ الديمقراطية حالة حياتية مطلوبة في شتى المجالات فإنّ ممارستها أو السماح بممارستها يظل مرهوناً بعقلية الأفراد. وقد ساد الاعتقاد في عقول الأفراد الذين حكموا في فترة زمنية وكانت لهم سلطة، بأنّ الابتعاد عن الديمقراطية سيوصلهم إلى المجد والقوة، ولكن هذا الاعتقاد ليس أساساً إذ شهد التاريخ كثيراً سقوط النظم التسلطية الديكتاتورية الفردية.

ولكن هناك حالات محدودة في بطن التاريخ أثبتت أنّ هذا المنهج لم يعمر طويلاً وأصبح هذا المنهج ظاهرة حياتية وسياسية يستنبط منها العبر والدروس لأحكام ممارسة الديمقراطية، وفي الجانب الآخر رغم فشل التجارب الفردية عبر التاريخ إلّا أنّ ذلك لا يعني تحقيق نجاح باهر في مساءلة تطبيق الديمقراطية سواء في إطار الجماعات أو المؤسسات وصولاً إلى الأنظمة الحاكمة لأنّ كلَّ نظام يفسر الديمقراطية من زاوية تخدم مصالحه السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية، ولم تعد الممارسة الديمقراطية في مجتمع معيّن أو نظام معيّن صالحة للتطبيق في مجتمع آخر أو نظام سياسي مختلف في المنهج والتوجيهات رغم أنّ الجميع يعرفون أنّ المفهوم العام للديمقراطية هو تحقيق حكم الشعب أو إشراك الشعب في الحكم وبالذات في صنع القرار وفي شتى المجالات التي تحكم الإنسان.

إنّ ممارسة الديمقراطية لا يمكن أن تمارس بنمط معيّن ومحدد إذ ترتهنّ ممارسة الأفراد للديمقراطية بمستوى تأهيلهم الاجتماعي والثقافي، وعليه فإنّ قدراً من الخسارة لابدّ وأن يقع أثناء الممارسة الديمقراطية ولاسيّما العالم الثالث، وعليه فإنّ حصول أي خطأ أو خلل في ممارسة معيّنة لا يقود حتماً إلى إيقاف مسيرة التجربة الديمقراطية في المجتمع بل لابدّ من مواصلة المسيرة والاستفادة من التجربة وتصحيح الأخطاء والتراجع عنها من خلال النقد الذاتي العلني والاستمرار في التوعية بهدف حل جميع العقد والمعوقات التي تعترض مسيرة الديمقراطية الصحيحة.

كلما تعززت الممارسات الديمقراطية في مجتمع معيّن كلما توضحت وترسخت التقاليد الديمقراطية التي تتداولها الأجيال القادمة بطريقة عفوية، ومن أجل الوصول إلى هذه الحالة يستلزم الحفاظ على العمل الجماعي واحترام الرأي والرأي الآخر والسماح بطرح الآراء بدون قيود تؤثر على حرية الرأي العام.

إنّ الديمقراطية في المحصلة هي حقّ للإنسان من أجل أن يتلمس هويته الإنسانية ويسعى لتحقيقها في المجتمع البشري ليسود الخير والحياة والسلام ولما كانت الممارسة الديمقراطية مطلوبة في ممارسة الحكم وأداة مؤسسات الدولة والمجتمع، فإنّ الإنسان أكثر ما يكون بحاجة إلى ممارسة حقه في الاتصال عبر وسائل الإعلام ليعبر عن رأيه بحرية وفق السياق أو المنهج العام الذي يؤمن بمصالح الدولة الوطنية والقومية معاً.

ارسال التعليق

Top