الصيدليات مليئة بعشرات الأدوية الفاعلة المخصصة لخفض ارتفاع ضغط الدم. غير أنّ خبراء الطب البديل والعلاج الطبيعي يؤكدون أنّ أغلبية الناس يمكنهم التخفيف من ارتفاع ضغط الدم لديهم بشكل آمن، من دون اللجوء إلى هذه الأدوية.
مثلها مثل العقاقير الكيميائية كافة، تتميز الأدوية التي يصفها الأطباء للمصابين بارتفاع ضغط الدم، بتأثيرات جانبية سلبية كثيرة.
ويرى العديد من المتخصصين أنّ هذه التأثيرات الجانبية تلحق بالمرضى أضراراً تفوق المنافع التي توفرها لهم هذه الأدوية. وأبرز هؤلاء الطبيب الأميركي أريك بريفرمان، مدير أحد مراكز العلاجات الطبيعية في نيويورك الذي يقول إنّ الأدوية تكتفي بمعالجة أعراض ارتفاع ضغط الدم، وهو أمر ضروري في بعض الحالات، لكن معالجة جذور المشكلة تتطلب إدخال تعديلات على النظام الغذائي، وعلى العادات اليومية التي تهيمن على نمط الحياة. ومن جهته يؤكد زميله الدكتور جوليان ويتاكير أنّ هناك آلاف الأبحاث العلمية التي تؤكد أنّ التعديلات الغذائية يمكن أن تكافح ارتفاع ضغط الدم معظم المرضى وتغنيهم عن الاعتماد على الأدوية.
ويمكن لمن يعاني ارتفاع ضغط الدم (وهذا يعني عادة قراءة تفوق 14/9) أن يستشير طبيبه الخاص بشأن اعتماد الوسائل الطبيعية التي ينصح بها خبراء الطب البديل والتي يمكنها أن تخفض ضغط الدم إلى مستويات صحية. فيمكن لذلك أن يساعده إما على التخفيف من جرعة الأدوية التي يتناولها، أو على التخلي عنها كلياً حسب حالته. وغني عن الذكر أنّ معالجة ارتفاع ضغط الدم أمر ضروري جدّاً لأنّ إهماله يمكن أن يؤدي إلى عدد من المشكلات الصحية الخطيرة وأبرزها مرض القلب والسكتة الدماغية.
أما أبرز النصائح التي يقدمها الخبراء فتتضمن التركيز على تناول المنتجات الطبيعية التالية:
1- الماء والشاي الأخضر:
أوّل نصيحة يقدمها ويتاكير لخفض ارتفاع ضغط الدم هي احتساء 15 كوباً من الماء يومياً. ويؤكد أنّ كافة أدوية ضغط الدم تقريباً تحاكي في مفعولها تأثير زيادة كمية الماء التي نتناولها. فالماء يريح كافة أجهزة الجسم، بما في ذلك الشرايين. والمعروف أنّ الشرايين المتضيقة والمنقبضة هي السبب الأوّل لارتفاع ضغط الدم. ويشير إلى أنّ هذا العلاج بالماء سهل وبسيط، وذو فاعلية استثنائية. ويقر بأنّ 15 كوباً من الماء قد تبدو كمية كبيرة، لكن يمكن توزيعها على ساعات النهار، بحيث نبدأ باحتساء كوب عند الاستيقاظ، ثمّ كوب كلّ ساعة. ويستحسن اختيار المياه المعدنية الغنية بالمغنيزيوم لما لهذا المعدن من دور في تنظيم ضغط الدم.
إضافة إلى الماء يعتبر الشاي الأخضر من أفضل السوائل المفيدة لصحة القلب والأوعية الدموية، وقد أظهرت دراسة أسترالية أنّ احتساء كوب من الشاي الأخضر يومياً يسهم في خفض ضغط الدم.
2- الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم:
تخفيف كمية الملح (الصوديوم) التي نتناولها أمر ضروري لأنّ هذا الملح المعدني يمكن أن يرفع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين تكون أجسامهم أكثر تحسساً تجاه الصوديوم، أي يكون لديهم استعداد لذلك. خلافاً للأطباء الآخرين فإنّ ويتاكير لا ينصح مرضاه باعتماد نظام غذائي فقير بالصوديوم، بل ينصحهم بزيادة كمية البوتاسيوم التي يتناولونها. ويقول إنّ الصوديوم والوبوتاسيوم يعملان في الجسم مثل الأرجوحة التي يجلس شخص على كلِّ طرف منها، فعندما يرتفع الأوّل ينخفض الثاني. لذلك فكلما ارتفعت مستويات البوتاسيوم في الجسم، انخفضت مستويات الصوديوم فيه. ويورد ويتاكير العديد من الدراسات والأبحاث التي تظهر أنّ الأشخاص الذين كانوا يتناولون أدوية لخفض ارتفاع ضغط الدم، نجحوا في الاستغناء عنها بمجرد اعتمادهم نظام غذائي غني بكميات وافرة من الفواكه والخضار الطازجة التي تعتبر مصدراً مهماً للبوتاسيوم. وهو ينصح بتناول موزتين على الأقل يومياً. فهي غنية جدّاً بالبوتاسيوم، إضافة إلى خمس حصص على الأقل من الفواكه والخضار الأخرى الغنية بالبوتاسيوم. وتتمتع هذه المنتجات الطبيعية بغناها أيضاً بالألياف الغذائية التي تعتبر عنصراً طبيعياً آخر يمكن أن يساعد على خفض ارتفاع ضغط الدم.
وتؤكد المتخصصة الأميركية في التغذية كيتي جوركين روزاتي أن تناول كمية وافرة من البوتاسيوم يمكن أن يقي من ارتفاع ضغط الدم، كما أنها تخفف الضغط المرتفع عند وجوده. وإضافة إلى الموز، فإنها تنصح بتناول الفواكه الأكثر غنى بالبوتاسيوم مثل المشمش، البطيخ الأصفر، البلح، الكيوي، البرتقال، البابايا، الرمان، الخوخ المجفف والزبيب.
أما أفضل مصادر البوتاسيوم من فئة الخضار فهي: الكرافس، السبانخ، البقدونس، البقلة، الأنديف، البروكولي، عصير الطماطم، الخيار، القرنبيط، الهليون، الخرشوف، البطاطا والبطاطا الحلوة، واليقطين.
لكن روزاتي تدعو كلّ الذين يعانون مشكلات في الكليتين أن يستشيروا الطبيب قبل زيادة كمية الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم التي يتناولونها، وذلك لأنّ ارتفاع مستوياته قد تتسبب بأضرار لهم في هذه الحالة.
3- السمك:
يعتبر التخفيف من تناول الدهون المشبعة التي تضر بالشرايين، (وهي الدهون الموجودة في اللحوم الحمراء ومشتقات الحليب) جزءاً مهماً جدّاً في أي خطة غذائية تهدف إلى خفض ارتفاع ضغط الدم. وفي المقابل يؤكد بريفرمان أنّ أحماض أوميغا/ 3 الدهنية (وهي الدهون الموجودة في الأسماك الدهنية) يمكن أن تسهم في خفض ارتفاع ضغط الدم. وتساعد هذه الأحماض الدهنية أيضاً في التخفيف من لزوجة الدم ومن إمكانية تشكل الجلطات الدموية التي تسبب النوبات القلبية والسكتات الدماغية. وهو ينصح بتناول هذا النوع من الأسماك يومياً إذا أمكن. وأكثر أنواع الأسماك غنى بأحماض أوميغا/ 3 الدهنية هي السالمون، السردين، الأسقمري، الرنكة، والترويت. أما الأشخاص الذين لا يستسيغون السمك فيمكنهم تناول أقراص زيت السمك المكملة مع استشارة الطبيب بشأن الجرعة المناسبة. كذلك يمكن الحصول على هذه الأحماض من أبرز مصادرها النباتية وهي بذور الكتان وزيتها.
4- الثوم:
تشير الدراسات أنّ الثوم يلعب دوراً رئيساً في خفض ارتفاع ضغط الدم. وينصح المتخصص الأميركي في أمراض القلب والأوعية الدموية الدكتور ستيفن سيناترا بإدخال الثوم إلى أطباقنا اليومية وبتناول فصين أو 3 فصوص من الثوم على الأقل كلّ يوم. ويمكن التخلص من رائحة الثوم عن طريق مضغ أوراق البقدونس والنعناع. أما الأشخاص الذين لا يتمكنون من تناول هذه الكمية من الثوم يومياً، أن يلجؤوا إلى تناول أقراص خلاصة الثوم المكملة يومياً، فقد تبيّن أنّ لها مفعول الثوم النيئ نفسه في ما عنى خفض ارتفاع ضغط الدم.
5- الزعرور البري (Hawthorn):
ينصح الدكتور مايكل جانسون بتناول قرص مكمل يحتوي على 250 ملغ من خلاصة عشبة الزعرور البري يومياً حتى ينخفض ارتفاع ضغط الدم ويصل إلى مستوياته الطبيعية. ثمّ يمكن بعد ذلك التخفيف من الجرعة أو التخلي التام عنها. ويقول إنّ هذه العشبة تساعد على خفض ارتفاع ضغط الدم عن طريق إراحة الشرايين وتقوية القلب.
6- المغنيزيوم والكالسيوم:
يساعد المغنيزيوم على إراحة الأوعية الدموية ويسمح لها بالتمدد ما يمنح الدم حيزاً أوسع للانسياب بحرية فيها، ما يخفف من ضغط الدم. كذلك يساعد هذا الملح المعدني على مكافحة التأثيرات السلبية لهرمونات التوتر التي ترفع ضغط الدم. وأفضل مصادر المغنيزيوم الغذائية المحار، البطاطا المشوية، السبانخ، الفاصولياء. ويمكن استشارة الطبيب بشأن تناول أقراص مكملة من المغنيزيوم عند الحاجة.
أما الكالسيوم فهو مفيد في خفض ارتفاع ضغط الدم لدى الأشخاص الأكثر تحسساً تجاه الملح، ويمكن لهؤلاء أن يخففوا من هذه التحسس عن طريق إدخال الكثير من الأطعمة الغنية بالكالسيوم إلى نظامهم الغذائي. وأبرز هذه الأطعمة الحليب ومشتقاته، اللوز، السردين المعلب، فول الصويا.
7- فيتامين C وE:
كوب من عصير البرتقال، طبق من الفراولة، الفلفل الأحمر، الكيوي، البروكولي، جميعها يمكن أن تسهم في التخفيف من ضغط الدم. وقد أظهرت الدراسات أنّ ضغط الدم يكون أقل ارتفاعاً لدى الأشخاص الذين تسجل نسبة الفيتامين C في دمائهم مستويات عالية، مقارنة بالآخرين الذين تكون هذه المستويات لديهم منخفضة. ويعزو الخبراء ذلك إلى قدرة هذا الفيتامين على تقوية ودعم جدران الأوعية الدموية، ما يجعلها أكثر مقاومة لضغط الدم فيها. أما الفيتامين E فهو يساعد بشكل طبيعي على زيادة سيلان الدم ما يعزز انسيابه في الأوعية الدموية. وهو متوافر في جنين القمح، فول الصويا، البندق واللوز، الأفوكادو والخضار الورقية الخضراء.
· نصائح عملية:
إضافة إلى التركيز على تناول المنتجات الطبيعية المذكورة، ينصح الخبراء بإدخال التعديلات التالية على نمط حياتهم:
ممارسة الرياضة:
إلى جانب تناول المنتجات الطبيعية المذكورة، ينصح كافة الخبراء بممارسة الرياضة للوقاية من ارتفاع ضغط الدم، وتخفيفه في حالة الإصابة به. وينصح المتخصص الأميركي في العلاجات الطبيعية الدكتور مارك ستينغلر بممارسة تمارين الأيروبيكس لمدة نصف ساعة في اليوم، بمعدل 4 مرات في الأسبوع. وممارسة الأنشطة البدنية بانتظام تساعد على إراحة جدران الأوعية الدموية وتخفف من التوتر، كما تساعد على التحكم في الوزن. والمعروف أنّ زيادة الوزن تزيد من إمكانية الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
ويقول المتخصص الأميركي في الصحة العامة الدكتور دونالد كارو أنّ المشي هو أفضل وأسهل علاج طبيعي للأشخاص الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم. ويقول إنّ في وسعهم أن يبدؤوا بممارسة المشي ببطء ولوقت قصير مثل 5 دقائق، ثمّ يزيدون سرعتهم ومدة ممارسة المشي بشكل تدريجي كلما ازدادت قوة جسمهم ولياقتهم البدنية. ويتميز المشي خلافاً للرياضات ذات الوقع الأقوى على الجسم مثل الركض أو كرة المضرب، بأنّه لا يتسبب بإجهاد أو ضغوط كبيرة لمن يعاني ارتفاعاً في ضغط الدم.
التعرض لأشعة الشمس:
تشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة بين انخفاض مستويات فيتامين D في الجسم وبين ازدياد إمكانية الإصابة بارتفاع ضغط الدم. وعلى الرغم من أنّ هذا الفيتامين يتوفر في منتجات طبيعية مثل السمك، البيض، والحليب المقوى وزيت كبد الحوت، إلا أنّ الكمية التي يمكن أن نحصل عليها عن طريق تناول هذه الأطعمة غير كافية. لذلك من الضروري الحصول على ما نحتاج إليه من الفيتامين D عن طريق تعريض الجلد لأشعة الشمس لمدة ربع ساعة على الأقل يومياً. وقد لاحظ العلماء أنّ إمكانية معاناة ارتفاع ضغط الدم تزداد عندما تتراجع فترة التعرض لأشعة الشمس مثلما يحصل في فصل الشتاء.
مكافحة الانفعالات القوية والتوتر:
يؤكد المتخصص الأميركي في الطب العيادي الدكتور صامويل مان أنّ العديد من حالات ارتفاع ضغط الدم التي يصعب التحكم فيها تكون مرتبطة بالانفعالات السلبية، الضغوط النفسية والتوترات الشديدة. وهو ينصح باللجوء إلى تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا، التاي تشي، التأمل. كذلك من المفيد اللجوء إلى العلاج بالزيوت العطرية، والخضوع إلى جلسات التدليك، والاستماع إلى الموسيقى، وتخصيص مفكرة يومية لتسجيل الأفكار والمشاعر، والحرص على تخصيص ثلث ساعة على الأقل يومياً للجلوس بهدوء والاسترخاء من دون التفكير بالمشكلات اليومية. ويمكن اللجوء إلى معالج نفسي في الحالات التي يصعب فيها بلوغ الراحة النفسية من دون مساعدة.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق