• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مُعاشرة الأخيار

مُعاشرة الأخيار

◄مما يجمّل ويحسن خلق الإنسان صحبة الأخيار، فالإنسان مولع بالتقليد فكما يقلد الإنسان من حوله في أزيائهم يقلدهم في أعمالهم ويتخلق بأخلاقهم، قال حكيم: "نبئني عمن تصاحب أنبئك مَن أنت".

إنّ مصاحبة الأخيار تغرس في النفس الأخلاق الكريمة وتدفعها إلى معالي الأمور، أما مصاحبة الأشرار فإنّها تقود إلى الاستهانة بالأخلاق، وتجرىء على اقتراف الآثام، وتباعد بين الإنسان وبين القيام بالأعمال العظيمة.

فالقرين الصالح يعتبر بحقّ من أفضل نعم هذه الحياة فهو الملاذ في الملمات، وهو المرشد الأمين لطريق الحقّ والنجاح، فكثير من النابغين العظماء والمتفوقين في هذه الحياة يعزون سبب نجاحهم إلى أنّهم وفّقوا في اختيار قرين صالح ساروا على إرشاده واقتبسوا من نصحه.

والقرآن الكريم دعا إلى اختيار الأصحاب الصالحين. قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) (الكهف/ 28).

أمر الله سبحانه رسوله وكلّ مؤمن في هذه الآية بمصاحبة الأخيار الذين ساروا على الهدى ليقتدي بهم ويقتبس من فضائلهم، ولا يزهد في صحبتهم فيتطلع إلى من عداهم لأجل الحصول على مظاهر الحياة الكاذبة، ثمّ نهى الله المؤمن عن مصاحبة الأشرار الغافلين عن ذكر الله الذين اتبعوا أهواءهم وجاوزوا حدود الحقّ في أعمالهم.

وقال تعالى أيضاً في هذا المعنى: (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) (النجم/ 29).

وبيّن الله في آية أخرى انّه ليس من شأن المؤمن أن يتودد إلى من يغضب ربه بالمعاصي ولو كان أقرب الناس إليه:

(لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) (المجادلة/ 22).

وصور لنا رسول الله (ص) الجليس الصالح والجليس السيء خير تصوير في قوله: "مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير (منفخ الحداد الذي يشمل النار وينفث الدخان) فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك) وإما أن تبتاع منه واما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثوبك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة".

هذه هي تعاليم الإسلام في اختيار القرين الصالح ليقودنا دائماً نحو الخير ويجنبنا مواطن الضلال.►

ارسال التعليق

Top