المناعة تعني المواجهة، والمواجهة تعني التصدي، والتصدي فيه كثير من التحدي، والتحدي يحتاج إلى جهد وسعي وطاقة ومثابرة. فكيف نتحدى ونتصدى ونواجه في سبيل تعزيز مناعتنا الذاتية؟ سؤالٌ لاحٍ في بال صبية سَبَّب علاجها هبوطاً هائلاً في مناعتها وأعطاها الطبيب فرصة شهر، فإمّا تستعيد مناعتها طبيعياً وإلّا بات ضرورياً البحث عن علاج آخر.. فماذا تفعل؟ ماذا تأكل؟ كيف تتصرّف؟ وكيف تواجه؟
جهاز المناعة مُكوَّن من أعضاء وخلايا وبروتينات تساعد الإنسان على مقاومة الكائنات الحية والميكروبات التي تهاجم جسم الإنسان وتسيطر على بعض وظائفه، مسببة ظهور أمراض المناعة الذاتية أو الحساسية. والجلد هو من أهم الأعضاء التي تقوم عادة بوظائف مناعية من شأنها منع الميكروبات والحد من إختراقها جسم الإنسان.
خلايا المناعة الموجودة في الدورة الدموية مهمّتها مهاجمة الميكروبات. أمّا الخلايا الثابتة في الأغشية، فمهمّتها إلتهام الميكروبات ومساعدة الخلايا اللمفاوية على التعرف إليها والتعامل معها إذا هاجمت الجسم. في كل حال، قد يتأتى نقص المناعة عن أسباب خلقية، وقد يكون مكتسباً تسببه بعض الأمراض أو تناول بعض الأدوية، لاسيما منها الكورتيزون أو التعرض لإشعاعات كيميائية أو بسبب سوء التغذية.
يُحكى عن ثلاثة عوامل طبيعية تساعد على حث زيادة فعالية نظام المناعة في كل الفصول، هي:
أوّلاً: ضرورة إتباع نظام غذائي صحي.
ثانياً: ممارسة الرياضة أو الحركات البدنية البسيطة.
ثالثاً: الإبتعاد عن مصادر التوتر الذي قد يُصاب به الشخص، في أي عمر كان، لأن لكل عمر همومه.
وإذا كان الإبتعاد عن التوتر وممارسة الرياضة يحتاجان إلى قرار ذاتي، فإنّ المداواة وإعادة إكتساب المناعة عبر الغذاء تحتاجان إلى معرفة.. فماذا في التفاصيل التي تساعدنا على إستعادة وتحصين وظائف المناعة عبر إختيار الغذاء الملائم؟
يُحكى عن دزينة أطعمة رائعة في تحقيق الهدف، وهي:
1- الثوم: هو واحد من أفضل الأطعمة التي ترفع المناعة، كونه يحتوي على مضادات فيروسية حيوية قوية وخصائص مضادة للفطريات تساعد الجسم على درء ومكافحة العدوى. ولعل الإنتظام في تناول الثوم يساعد على محاربة الإلتهابات والأمراض الإلتهابية، مثل: نزلات البرد والتهاب المفاصل والأمعاء والتصلب المتعدد. وهو يساعد أيضاً على خفض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول في الدم ومنع أنواع مختلفة من السرطان والبقاء في صحة جيدة. في كل حال يُنصح بتناول حبتي ثوم يومياً كي يُستفاد من مميزاته الهائلة.
2- العسل: حيث تبين أنّ الإستهلاك اليومي منه يقوي جهاز المناعة ومضادات الميكروبات والأكسدة، وله خصائص مضادة للجراثيم تساعد على محاربة العدوى من الفيروسات والبكتيريا والفطريات. ويساعد العسل أيضاً الجهازالهضمي، ويهدئ من إلتهاب الحلق، ويستخدم كعلاج للسعال، ويُحسن السيطرة على نسبة السكر في الدم والحساسية للأنسولين، ويشفي الجروح والندوب بسرعة. ويُنصح بتناول ملعقة عسل يومياً مع كوب من المياه الفاترة للإستمتاع بفوائده الكثيرة.
3- الزنجبيل: وقد استخدمت هذه العشبة عند القدماء لتعزيز نظام المناعة وعلاج الكثير من المشاكل الصحية. والزنجبيل له خصائص مضادة للميكروبات، وهو مطهر ومضاد حيوي ومضاد للإلتهابات، ويساعد على تخفيف آلام الحلق، والقضاء على فيروسات البرد، ويمنع نمو الخلايا السرطانية في البنكرياس والقرحة الهضمية، ويعزز حراك المعدة، ويقلل من الألم المزمن، ويخفض من الكوليسترول السيئ في الدم. ويُنصح بتناول كوب إلى إثنين يومياً من شاي الزنجبيل للحفاظ على صحة عمل النظام المناعي.
4- الشاي الأخضر: هو أفضل مشروب يعزز الجهاز المناعي، حيث ينتج نوعاً من الفلافونويد في الدم يساعد على محاربة البكتيريا ومنع الفيروسات من التكاثر. وهو مضاد قوي للأكسدة يساعد على التصدي للفيروسات والبتكيريا وغيرها من الكائنات الدقيقة التي تسبب مشاكل صحية. ولعل الإستهلاك المنتظم له يساعد على منع أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكتة الدماغية وأمراض اللثة وهشاشة العظام. ويُنصح بتناول الشاي الأخضر يومياً، مرّات عدّة، من دون إضافة الحليب إليه، لأن من شأن خلطه بالحليب تخفيض فعاليته.
5- الزبادي: ممتاز في تقوية جهاز المناعة وتدمير الفيروسات والبكتيريا السيئة وإنتاج سلالات من البكتيريا الجيدة تساعد الجسم على إمتصاص العديد من العناصر الغذائية الضرورية. ويُنصح بتناول اللبن يومياً من أجل تخفيض حدوث الإلتهابات المعوية ومحاربة أنواع مختلفة من الإلتهابات الفيروسية وتحسين عملية الهضم والحد من نزلات البرد وعلاج أنواع مختلفة من الإسهال.
6- البرتقال: وهو غني بفيتامين C، ومضادات الأكسدة القوية التي تساعد على تعزيز جهاز المناعة. ويعزز وجود فيتامين C إنتاج خلايا الدم البيضاء التي هي المفتاح لمكافحة العدوى. والبرتقال هو مصدر جيد أيضاً لفيتاميني A وB9 أو حمض الفوليك والنحاس وسواها من الفيتامينات الرائعة في تعزيز مهمة الوظائف المناعية. ويساعد تناوله أيضاً على خفض مستوى الكوليسترول وضغط الدم وتحسين الجهاز المناعي. ويُنصح بتناول كوب من عصير البرتقال الطازج صباحاً وكوب ثانٍ بعد الظهر.
7- الجوافة: هذه الفاكهة الأستوائية اللذيذة ممتازة في تعزيز وظائف المناعة، وهي تعمل على تسريع إستجابة الجهاز المناعي.
8- الجزر: ممتاز حيث إنّ الكاروتينات فيه ومنها مادة البيتاكاروتين الموجودة في الفاكهة والخضار ذات اللون الأحمر والأصفر والبرتقالي وفي الخضار الورقية الخضراء الداكنة تساعد على حماية نظام المناعة وعلى تعزيز إنتاج خلايا الدم البيضاء. وفي هذا الإطار، أظهرت الدراسات أنّ تناول الأطعمة الغنية ببيتاكاروتين يساعد الجسم على محاربة العدوى بسهولة أكبر.
9- الدجاج: وهو يحتوي على السيلينيوم وهو معدن حيوي يُعزز تطور خلايا الدم البيضاء وحركتها في الجسم. ولعل قطعة الدجاج الواحدة، متوسطة الحجم، تعطي نحو نصف الإحتياجات اليومية.
10- السلطعون: ممتاز هو أيضاً في تعزيز الجهاز المناعي.
11- الفاصولياء: لاسيما البحرية منها، رائعة هي أيضاً في تعزيز وظائف المناعة، حيث إنّ الجميع يحتاجون إلى القليل من حمض الفوليك، وعدم الحصول على ما يكفي من هذه المغذيات الحيوية، يمكن أن يُقلص في الواقع من نظام المناعة الحيوية الخاص، مثل الغدة الصعترية والغدد اللمفاوية. ويوصى بتناول نصف كوب من الفاصولياء البحرية يومياً عند العشاء من أجل الحصول على الكمية الموصى بها يومياً من حمض الفوليك.
12- الكرنب: الذي يحتوي على فيتامين A وهو مضاد للأكسدة، ما يقوي مناعة الجسم.
أصبحت أمامكم لائحة من الأطعمة الضرورية في مواجهة (هجمات) الفيروسات؛ لكن هل هذا كل شيء؟
وجود نظام مناعي سليم ضروري من أجل تمكين الجسم من المواجهة والمقاومة حين يتعرض إلى هجوم الفيروسات والبكتيريا والطفيليات المتسللة. وكي يتحقق هذا يفترض التعامل بشكل سليم مع الجسم والإبتعاد عن النظام الغذائي السيئ والتدخين وأخذ ما يلزم من حاجات الجسم للنوم.
وفي التفاصيل، يفترض من أجل مناعة قوية الإلتزام بالنقاط التالية:
- النوم الكافي ليلاً، بمعدل يتراوح بين سبع وثماني ساعات، من أجل ضبط عمل أجهزة الجسم.
- الإكثار من تناول السوائل وخصوصاً المياه المفيدة جداً في مد أجزاء الجسم بالعناصر الغذائية الحيوية، ومنها خلايا المناعة المنتشرة في مختلف أنحاء أنسجة الجسم، وتسهيل عبور الخلايا المناعية عبر الأوعية اللمفاوية.
- تناول الخضار والفاكهة والحبوب الكاملة ومشتقات الألبان واللحوم والمكسرات وكل ما من شأنه مد الجسم بالعناصر الغذائية التي تسهم في بناء أنسجة الجسم، مع الإبتعاد عن أي ريجيم عشوائي.
- وجوب التذكر دائماً أنّ أحد أبرز أسباب نقص الأملاح والفيتامينات في الجسم هو تدني مناعته.
- الإبتعاد عن الأطعمة الجاهزة والإكثار من الطازجة منها.
- الإبتعاد عن أسباب الإجهاد والتخفيف قدر الإمكان من التدخين وصولاً إلى وقف التدخين كلياً.
- ممارسة الرياضة.
- التخفيف من تناول الأدوية العشوائية التي لا داعي لها، لأنه يربك جهاز المناعة.
ويبقى أنّ تعزيز المناعة يحتاج إلى إبتسامة من القلب، إلى قهقهة من الأعماق، إلى ضحكة وسعادة وبهجة، لأنّ الفرح هو أفضل طب ودواء من أجل تعزيز وظائف المناعة، لأن كل خلية في الجسم لديها مستقبلات تجعلها تتأثر بمشاعر الإنسان، ما يجعل السعادة خط الدفاع الأوّل ضد كثير من الأمراض.
فلتكن أيامكم سعيدة ومآدبكم صحية وأجسامكم رياضية فتعيشوا بسلام في أجسام سليمة.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق