• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

وعليكم بالتين...

د. مروة عزمي جنينة

وعليكم بالتين...

في خزانة أطعمتنا الطبيعية كنوز لا نقدر قيمتها، ومن هذه الكنوز ثمار التين التي هي عطاء شجرة واسعة الانتشار في منطقتنا، تكاد تكون بذاتها أسطورة.. وتاريخاً.

التين، عرفه الفينيقيون والفراعنة والإغريق كغذاء ودواء، موطنه الأصلي جنوب شبه الجزيرة العربية ثم انتقل إلى بلدان آسيا الصغرى في الأناضول وتركيا وأفغانستان ثم إلى أوروبا عن طريق الفينيقيين والإغريق، ثم انتقل إلى الشرق عن طريق سورية حتى وصل إلى الهند.

تنمو وتثمر شجرة التين في أماكن لا يمكن لأي نوع شجري مثمر آخر أن يعيش فيها، فنجدها في الأراضي الصخرية والمتحجرة، على الجدران، في الكهوف وعلى حواف الطرق.

إنّ قدرتها على التأقلم والعيش في ظروف التربة المختلفة لا حدود لها. التربة المفضلة لزراعتها هي التربة المتوسطة الطينية الرملية الدافئة والخصبة وجيدة البناء والصرف. تفضل درجات الحرارة المرتفعة. أمّا الانخفاض في درجة الحرارة عن -7م فيؤدي إلى موت المجموع الخضري.

وقد وجدت الدراسات العلمية أنّ أوراق التين الخضراء قبل سقوطها تستخدم كعلف للحيوانات بالإضافة إلى مخلفات الثمار الطازجة والجافة، فقد وجد أن 10 كجم من مخلفات ثمار وأوراق التين المجففة تعادل 186 كجم من تبن القمح و110 كجم من تبن البرسيم و97 كجم من النخالة و85 كجم من الشعير و89 كجم من القمح و50 كجم من كسبة بذور القطن. ولعل هذا ينبه البعض لمصدر من مصادر تغذية الحيوان من دون إضرار بأغذية الإنسان التي اشتعلت أسعارها وشحّت مصادرها.

إنّ شجرة التين غزيرة الإنتاج، وتتميز الثمار بقيمة غذائية كبيرة وهي ذات طعم ونكهة لذيذة مميزة. وتستخدم ثمار التين في كثير من الصناعات الغذائية، كالمربات والحلويات وتؤكل مجففة أيضاً وخاصة في شهر رمضان الكريم؛ لكن هل هناك اختلاف في التركيب الكيميائي للثمار الطازجة والمجففة؟ نعم، هناك بعض الاختلافات الكيميائية بينهما.

ويعتبر التين من أكثر الفواكه والخضروات التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف، حيث تحتوي حبة واحد من التين على جرامين من الألياف (20% من الاحتياج اليومي الموصى به).

ويوجد بالتين نوعان من الألياف وهي الألياف القابلة للتحلل والذوبان في الماء والألياف غير القابلة للتحلل والذوبان في الماء. وقد أظهرت الدراسات خلال أكثر من خمسين سنة مضت أنّ الألياف الموجودة في الأغذية النباتية تؤدي دوراً فعالاً في تنشيط أداء الجهاز الهضمي، ولها دور مهم في أداء وظيفته الطبيعية وأيضاً تساهم في التقليل من خطورة الإصابة ببعض أنواع السرطانات. وبما أنّ التين يعتبر غنياً بالألياف، فقد وصفه مختصو التغذية طريقة مثالية لزيادة نسبة ما يحتاج إليه جسم الإنسان من الألياف، حيث تعمل الألياف غير القابلة للتحلل على تهيئة الطريق للمواد بالخروج من الجسم من خلال الأمعاء وذلك بإضافة الماء إليها وبالتالي تساهم في زيادة سرعة الجهاز الهضمي وتكفل استمرار وظيفته الطبيعية. ولقد ثبت أيضاً أنّ الغذاء المحتوي على الألياف غير القابلة للذوبان تمتلك أثراً وقائياً ضد سرطان القولون.

ومن ناحية أخرى، فقد ثبت أنّ الغذاء ذا الألياف القابلة للذوبان تقلل من مستوى الكوليسترول في الدم بنسبة أكثر من 20%. وعليه، فإنها تعتبر ذات أهمية كبيرة في الحد من خطورة الإصابة بالنوبات القلبية. لذا فإنّ وجود الألياف القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان في التين يجعل هذه الفاكهة ذات أهمية كبيرة.

وفي دراسة للدكتور أوليفر الباستر مسؤول جمعية الوقاية من الأمراض في المركز الطبي التابع لجامعة جورج واشنطن، تبين أنّ التين المجفف الذي يعد من أكثر الفواكه الغنية بالألياف فيه مستوى عال من مركب الفينول الذي يتوافر بنسب كبيرة في التين ويستخدم كمطهر لقتل البكتيريا والجراثيم.

وأظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة رتجرز في نيوجرسي، أنّ التين المجفف يحتوي على المركبين (أوميغا3) و(أوميغا6) وهما يلعبان دوراً كبيراً في التقليل من نسبة الكولسترول، ولقد ثبت أيضاً أنّ المركبين السابقين لا يمكن للجسم إنتاجهما؛ لكنهما يُمتصان مع الغذاء. كما أنّ التين يعتبر علاجاً يمد الجسم بالقوة والطاقة لأصحاب الأمراض المزمنة الذين يريدون استعادة صحتهم، حيث يحتوي التين على أكثر العناصر الغذائية أهمية ألا وهو السكر، ويوجد في السكر في جميع الفواكه بنسبة 51 – 74%، إلّا أنّ النسبة الأعلى توجد في التين.

الجدير بالذكر أنّ نسبة الكالسيوم الموجود في التين عالية جداً، حيث يحتل التين المرتبة الثانية بعد البرتقال في ما يتعلق باحتوائه للكالسيوم. كما تزود علبة من التين المجفف الجسم بالكالسيوم بنفس ما تزوده علبة من الحليب.

ارسال التعليق

Top