• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

«مُباركاً» أينما كنت

أسرة

«مُباركاً» أينما كنت
الله تعالى كرّم عيسى (ع) بأن جعله مباركاً أينما كان.. تكريم ليس بعده تكريم.. فقد تكون نفّاعاً في (مكانٍ) ما.. أو (مجالٍ) ما.. أو (وقتٍ) ما.. أمّا أن تكون نفّاعاً في كلّ مكان، وكلّ وقت، وكلّ مجال، فهي المباركة الحقّة التي يستحقّها روحُ الله وعبده الصالح. السيِّد المسيح (ع) نفع الناس بعلمه وأخلاقه وبدعوتهم للعمل الصالح، وما حلَّ على جماعة إلا وحلّت بحلوله البركة، فكان بركةَ السماء إلى الأرض، كما هي الأمطار على أيّ أرض هطلت أخصبت وأنبتت. (أينما كنت): في موطن الإقامة أو في السفر.. ففي السفر هناك أناس يقومون على خدمة زملائهم وخاصة في سفر (الحج)، حيث يأنسون بخدمة ضيوف الرحمن.. يرشدون الضالّ التائه، ويعينون الضعيف العاجز، ويساعدون المحتاج لأيّة خدمة، ويعتبرون ذلك جزءاً مكملاً لمناسكهم! (أينما كنت) في الحرية وفي السجن.. كان يوسف (ع) نفّاعاً في سجنه بدعوته صاحبيه إلى عبادة الله وتوحيده، وبتفسيره مناماتهم.. وفي (الحرّية) قدّم نفسه نفاعاً في إدارة خزائن الدولة. (أينما كنت) في البيت وفي الشارع.. في خدمة الأهل ورعايتهم وتأمين إحتياجاتهم، حيث روي أنّ النبي (ص) كان يقول: "خيركم خيركم لعياله وأنا خيركم لعيالي". فيقدِّم لنا النظرية والتطبيق معاً.. وفي (الشارع): "خيرُ الناس مَن نفع الناس". بل ترى النفّاع نفّاعاً في الحياة وبعد الممات، ألم تكن الصدقة الجارية المستمرة، أو العلم الذي يُنتفع به، أو الولد الصالح الذي يتركه إنسان يغادر الحياة، نفعاً بعد الموت؟! لهذا ينبغي أن نُدخل في برنامج دعائنا إلى الله، هذا الدعاء: "اللّهمّ اجعلني مباركاً أينما كنت" نفّاعاً في كلّ مكان أحلّ فيه، وكلّ وقت أتواجد فيه، وكلّ مجال يمكن أن أنفع فيه.   - عيّنات من النفع: 1- فتيات متعلِّمات اتفقن على تقديم دروس في محو الأُمّية لنساء المحلّة التي يسكنّ فيها. (النبي (ص) جعل فدية أو ثمن إطلاق سراح كلّ أسير من أسرى بدر أن يعلِّم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة). تعلّمت عدد من نساء المحلّة القراءة والكتابة.. إتّسعت دائرةُ النور في المحلّة! 2- أحد المثقفين وجد أن رجال محلّته يُحيون السهرات الفارغة فينتقلون من بيت إلى بيت للثرثرة واجترار الأحاديث.. اجتهد لينفعهم.. راح يحضر سهراتهم ويقصّ عليهم قصص المحبّة والتعاون والخير والإيمان.. تحوّلت مجالسهم وسهراتهم الفارغة من مجرد ارتشاف الشاي والقهوة وتدخين الأركيلة إلى سهرات نافعة مملوءة بما هو نافع من دروس وتجارب ومعارف وذكر.. وشكر! 3- شخص يجيد تلاوة القرآن فكّر بأن ينفع شباب محلّته في دروس تعليم قراءة القرآن وحفظه وتجويده.. كان شعاره: "خيركم مَن تعلّم القرآن وعلَّمه".. تخرج على يديه عدد من الصبيان والفتيان والشبّان الذين يجيدون تلاوة الكتاب الكريم. كان تلياً للقرآنِ واحداً.. أصبحوا جماعة.. كَثُرَ القُرآنيون.. إزدادت البركة! 4- في المنطقة التي يسكن فيها (ص) المدارس كلّها غير إسلامية، وأبناء المسلمين مضطرون للذهاب إليها لإنعدام البديل.. فكّر في مشروع مدرسي متواضع.. إتخذ من أيام العطلة الأسبوعية فرصة لتعليم البنين والبنات دروساً في التربية الدينية.. توسّع المشروع ليصبح مع الأيام مدرسة إسلامية مُعتبرة! 5- كانت العطلة الصيفية فراغاً ولهواً.. تدارس (س) مع عدد من أصدقائه في استثمارها بما ينفع أبناء الإسلام من أصدقائه المحيطين به.. أنشأوا مشروع الدورات الصيفية التربوية – الترفيهية.. تعلّم الفتيان والفتيات ما ما تيسّر من القرآن الكريم، وبعضاً من الأحكام الشرعية وآداب السلوك، وانتفعوا بصحبة بعضهم.. أخيراً وجدوا حلّاً نافعاً لمشكلة أوقات الفراغ.

ارسال التعليق

Top