كشف فريق من العلماء والأكادميين إن الدلافين والبشر من الثدييات، يتضمن غذاؤها الكثير من الكائنات البحرية التي نتناولها نحن أيضاً.
غير أنّها خلافاً لنا تتعرض على مدى ٢٤ ساعة يومياً لكثير من التهديدات الصحية، مثل الطحالب السامة ونوعيات المياه المتردية. وأوجه الشبه الإيكولوجية والفسيولوجية بيننا تجعل من الدلافين أنواعاً مهمة تحذرنا من المخاطر الصحية التي تحيق بنا، وتوفر لنا أيضاً فرص الاستفادة من الاكتشافات الطبية الناتجة عن دراسة أجسادها.
وقد اكتشف فريق العلماء التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والطقس ومؤسسات علمية أخرى أن الدلافين ذات المنقار التي تعيش في مصبات الأنهار على طول شاطئ ولاية جورجيا الأمريكية تحتوي أجسادها على أعلى نسبة من ثنائيات الفينيل المتعددة الكلور، وهي مركبات كيميائية خطرة وسامة تستخدم في العديد من الصناعات وحظرت الولايات المتحدة استخدامها منذ العام 1979 لأن التركيزات العالية لهذه المركبات تحدث تشوهات للمواليد، وتدمر أجهزة المناعة، وتسبب مرض السرطان، وتدمير الكبد، واضطراب الأعصاب.
واكتشف العلماء من خلال دراستهم أن التلوث بهذه المركبات ينتشر على طول الساحل من خلال شبكة الأغذية البحرية.
واكتشفت الدراسات الطبية التي أجراها العلماء على الدلافين في هذه المنطقة أن الدلافين تعاني من انخفاض في هرمونات الغدة الدرقية، وارتفاع في إفرازات إنزيمات الكبد وقصور في عمل أجهزة المناعة لديها.
ويجري فريق العلماء دراسة الآن للتفتيش عن المناطق التي يشترك البشر مع الدلافين فيها في تناول مأكولاتها البحرية.
الدلافين والسكري
من جهة أخرى، اكتشف فريق من علماء المؤسسة الوطنية للثدييات البحرية في الولايات المتحدة أن الدلافين ذات المنقار تعاني من مقاومة إفراز الإنسولين تماماً كالبشر المصابين بمرض السكري من النوع الثاني.
ولكن يقول العلماء إن هذه المقاومة لدى الدلافين تعمل وتتوقف وكأن لديها «مفتاح تحكم جينياً» في إنتاج الإنسولين.
ويأمل الباحثون في التعاون مع باحثي مرض السكري لإيجاد آلية لدى الجنس البشري مشابهة لتلك التي تمتلكها الدلافين والتحكم فيها.
ويصاب الإنسان بمرض السكري عندما يكون البنكرياس غير قادر على إنتاج ما يكفي من الأنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم السكر في والدم. وتقول منظمة الصحة العالمية إن هذا المرض مسئول عن نحو 5 في المائة من كلّ الوفيات التي تحدث سنوياً على المستوى العالمي.
وقد أجرى فريق العلماء تجاربهم على عينات دم أخذت من دلافين مدربة تتناول وجبات خفيفة باستمرار وتتوقف عن الأكل خلال الليل.
وتقول د. ستيفاني فن واتسن مديرة الطب البيطري في المؤسسة: «إن التغيرات التي تطرأ خلال الليل على كيمياء دم الدلافين تطابق التغيرات التي تحدث لمرضى السكري، مما يعني أن الإنسولين -الهرمون الذي يقلل نسبة الجلوكوز في الدم- ليس له أي تأثير على الدلافين عندما تصوم.
وأوضحت د. فن واتسن أنّه عندما تتناول الدلافين الفطور فإنّها ببساطة تعود إلى مرحلة اللاصيام، أما لدى مرضى السكري فإنّ المقاومة المزمنة للإنسولين تعني أن عليهم التحكم في جلوكوز الدم بعناية فائقة، وغالباً ما يكون ذلك عن طيق اتباع حمية منخفضة السكر وذلك لتجنب مجموعة من التعقيدات الطبية.
وأشارت د. فن واتسن إلى أنّه من المحتمل أن تكون هذه الثدييات قد قامت بتطوير هذا التحول الغذائي -الصيامي لتتكيف مع حمية السمك الغنية بالبروتين والمنخفضة الكربوهيدرات، وأن الدلافين ذات المنقار لديها أدمغة كبيرة بحيث تحتاج إلى السكر.
وشرحت ذلك بقولها: «بما أن حمية الدلافين تحتوي على القليل من السكر، فإنّه من مصلحتها أن تتمتع بحالة تبقي سكر الدم في الجسم... وتبقي الدماغ مغذى جيداً».
لكن الثدييات البحرية الأخرى، مثل الفقمة، لا تمتلك هذا «المفتاح»، وتعتقد د. فن واتسن أن عامل «الدماغ الكبير» قد يكون هو ما يربط بين كيمياء الدم لدى الإنسان والدولفين.
وتقول: «نحن ننظر حقاً إلى نوعين لديهما أدمغة كبيرة تحتاج بشدة إلى جلوكوز الدم».
وتضيف: «وجدنا تغيرات في الدلافين تشير إلى أن مقاومة إفراز الإنسولين ممكن أن تتطور لتصبح حالة مرضية.
وإذا بدأنا بإطعام الدلافين لحلوى التوينكيز فمن الممكن ان تصاب بمرض السكري».
رابطة جينية
ولأنّ العلماء قاموا بتدوين الخارطة الوراثية الكاملة (الجينوم) لكل من الدولفين والإنسان، فإنّ د. فن واتسن تأمل أن تتمكن من العمل مع الباحثين الطبيين لتحويل هذا الاكتشاف عند الدلافين إلى علاج نهائي للبشر.
وأضافت: «ليس هناك أي نية لتحويل الدلافين إلى حيوانات مختبر، لكن بما أنّنا رسمنا خارطتها الوراثية الكاملة، فإنّه أصبح بوسعنا مقارنة جيناتها بجينات الإنسان».
وكان علماء في معهد سولك في سان دييغو قد اكتشفوا بالفعل «جينة صيام» تتوهج نشاطاً بطريقة غير طبيعية لدى مرضى السكري، وربما تكون هذه هي الدليل على إمكانية التحكم بمرض السكري.
وإذا استطاع العلماء اكتشاف ما الذي يقوم بتشغيل وتعطيل هذه الجينة لدى الدلافين، فحينها يمكنهم ان يفعلوا المثل الإنسان.
وتقول د. فن واتسن: «هناك العديد من الأمراض التي يمكن أن نراها فقط في الإنسان والدلافين، لكن الفارق الأساسي في هذه الحالة أنّه يمكن للدلافين القيام بعملية التعطيل لكن البشر لا يستطيعون».
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق