• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أدب العودة إلى الله

أسرة البلاغ

أدب العودة إلى الله

للعبد إلى الله رحلتان، رحلة الإقبال ورحلة العودة، ولكل منهما أدب وأصول.

وإذا فقد الإنسان الأدب مع الله في أي من هاتين الرحلتين، لا يبلغ غايته في تلك الرحلة.

وللإقبال على الله أدب ونهج وأصول، تأملوا في هذه الفقرات الواردة في زيارة (أمين الله):

(اللّهمّ إنّ قلوبَ المخبتين إليك والهة، وسبلَ الراغبين إليكَ شارعةٌ، وأعلامَ القاصدينَ إليك واضحةٌ، وأفئدةَ العارفين منكَ فارِغةٌ، وأصوات الداعين إليك صاعدةٌ، وأبوابَ الإجابة لهم مفتَّحةٌ، ودعوةَ من ناجاكَ مستجابةٌ).

ومن المناجاة الخامسة من المناجاة الخمسة عشر.

(أتيتكَ طامعاً في إحسانكَ. راغباً في إمتنانكَ مستسقياً وابِلَ طَولِكَ مُستَمطِراً غمامَ فضلِكَ طالباً مَرضاتكَ، قاصداً جنابكَ، وارداً شريعة رفدكَ مُلتمِساً سَنِيَّ الخيرات من عِندِكَ، وافداً إلى حضرة جمالك، مُريداً وجهك، طارقاً بابكَ، مستكيناً لعظمتك وجلالك).

وهذه بعض نماذج أدب (الإقبال على الله). وأما أدب (العودة إلى الله) فهو يختلف بعض الشيء عن أدب الإقبال على الله.

إنّ الإنسان إذا عاد إلى الله يكون حاله كالعبد الآبق الذي يرجع إلى مولاه، نادماً عائذاً به، خجلاً، مستحيياً، منكسراً، مقراً، معترفاً... كذلك يرجع العبد العاصي إلى الله تعالى نادماً تائباً.

 

- عناصر أدب العودة إلى الله:

وللعودة إلى الله أدب خاص بها. له مفردات وعناصر ورد ذكرها في نصوص الأدعية المأثورة عن أهل البيت – عليهم السلام – وسوف نذكر فيما يلي بعضاً من النصوص الجامعة لطائفة من عناصر أدب العودة إلى الله تعالى، لنعقبه بعد ذلك باستعراض موجز لأهم عناصر العودة إلى الله سبحانه.

 

- النصوص الجامعة لمفردات أدب العودة إلى الله:

وقد ورد في الدعاء الذي علّمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 لكميل بعذ هذه الحالات إلى تلازم العبد المذنب في عودته إلى الله، هي من آداب رحلة العودة.

يقول أمير المؤمنين في هذا الدعاء.

«وقد أتيتُكَ يا إلهي بعدَ تقصيري وإسرافي على نفسي معتذراً، نادماً، منكسراً، مستقيلاً، مستغفراً، منيباً، مُقراً، مذعناً، معترفاً، لا أجد مفراً مما كان مِنّي، ولا مفزعاً أتوجهُ إليه في أمري غير قبولِكَ عذري، وإدخالِكَ إيايَ في سعةِ رحمتكَ».

وفي دعاء الاسحار:

«يا رب إرحم دعائي، وتضرعي، وخوفي، وذلي، ومسكنتي، وتعويذي، وتلويذي».

وفي النص التالي، من دعاء الأسحار في شهر رمضان ورد ذكر طائفة من أهم عناصر أدب العودة إلى الله:

«يا رب هذا مقام العائذ بك من النار. هذا مقام المستجير بك من النار، هذا مقام المستغيث بك من النار. هذا مقام الهارب إليك من النار. هذا مقام من يبوء لك بخطيئه، ويعترف بذنبه، ويتوب إلى ربه هذا مقام البائس الفقير. هذا مقام الخائف المستجير. هذا مقام المحزون المكروب، هذا مقام المغموم المهموم. هذا مقام الغريب الغريق. هذا مقام المستوحش الغَرِق هذا مقام من لا يجهد لذنبه غافراً غيرك، ولا لضعفه مقوياً إلا أنت، ولا لِهمِّه مُفرّجاً سواكَ. يا الله، يا كريمُ. لا تُحرِق وجهي بالنّار بعدَ سجودي لكَ وتعفيري بغير مَنٍّ منّي عليكَ».

 

ارسال التعليق

Top