• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أهمية المضغ جيداً

أهمية المضغ جيداً

1- يتألف جزء كبير من نظامنا الغذائي من الكاربوهيدرات، يعامل الجسم كلّ منهما بصورة مختلفة، تعتبر الحبوب والبذور واللوزيات من أهم أنواع الأطعمة التي نتناولها وهي تمضغ في القسم المركزي من الفم الذي يفرز كمية غزيرة من اللعاب. يحتوي اللعاب على إنزيم بتيالين الهضمي الذي يعمل على تفكيك الكاربوهيدرات المعقدة إلى سكريات بسيطة تتحوّل بدورها إلى الكلوكوز. إذا تناولنا السكريات البسيطة مباشرة، تعالج على رأس اللسان، وتُحل باللعاب وتبلع بدون مضغ.

لا يستطيع البتيالين أن يخترق الحبوب غير المهضومة جيِّداً، وبالتالي لا يتحوّل النشأ إلى كلوكوز والمعدة لا تفرز عصارة هضم تفكك الكاربوهيدرات فالحال هنا شبيه بعملية تخمر فاشلة، إذ لا يمكن أن تتم هذه العملية ما لم يمتزج الكاربوهيدرات بالبتيالين. أمّا النتيجة فشعور بالانزعاج داخل المعدة إضافة إلى فائض من الغازات.

2- ينشّط المضغ الجهاز الهضمي ما ينعكس إيجاباً على سائر مراحل الهضم. إنّ النشاط في الفم والفكين ينشط المعدة والأمعاء ومختلف أعضاء الهضم، كما يفرز البنكرياس مزيداً من العصارة الهضمية، ليرسل الكبد مزيداً من الصفراء إلى المعي الاثنى عشري يساعد المضغ الجسم على الاسترخاء، لذا يجب أن نأكل ببطء فالاسترخاء يساعد على الهضم، كما يؤمن المضغ الاسترخاء على الصعيدين النفسي والجسدي.

3- يزيد المضغ إفراز اللعاب، ويؤدي اللعاب دوراً هاماً في عملية الهضم؛ ولكن تأثيراته الإيجابية تذهب أبعد من ذلك.

4- يزيد المضغ مذاق الطعم لذة، فكلّ لقمة تحتوي على ثلاثة مذاقات: مذاق البداية، مذاق الوسط، مذاق النهاية. يمكنك أن تميز تلك المذاقات الثلاث بفضل المضغ الجيِّد. أنّ للحبوب مذاقاً لذيذاً عند الجميع من دون استثناء إلّا أنّ معظم الناس لا يدركون هذه اللذة لأنّهم قلما يمضغون الحبوب. أنواع كثيرة من الأطعمة الفاخرة لها مذاق لذيذ في الثانية الأولى من مضغها؛ ولكنّها تفقد أي مذاق بعد ذلك إذا لم تُمضغ جيِّداً.

5- يفضي المضغ إلى اختيار الجيِّد من الأطعمة، نجد في عالمنا اليوم أنّ بعض الأطعمة تحتوي مواد سامة، وتناول هذه الأطعمة يشكّل خطراً جسيماً، فإذا مضغت جيِّداً، يظهر المذاق الغريب الذي يحذّر بأنّ الطعام رديء ويجب بصقه قبل ابتلاعه.

6- يمنع المضغ من الإفراط في الأكل، الذي يشكل سبباً لأمراض السكري والسمنة وغيرها. يعتبر المضغ علاجاً للحد من الشهية المفرطة والوقاية من الأمراض، عندما نمضغ طعامنا جيِّداً تمتلئ المعدة بنسبة 80 – 90% من سعتها وهذه هي الطريقة المُثلى للحفاظ على الصحّة.

يشعر مَن يقوم بنشاط فكري كبير وبجهد جسدي قليل بالشبع عندما يملأ الطعام ما بين 70 – 80% من سعة المعدة، وإذا استطاع المرء أن يباشر بالعمل بعد تناول الوجبة على الفور أي من دون أن يأخذ استراحة أو قيلولة، فهذا دليل على أنّه قد تناول القدر الكافي من الطعام، ولتخفيف الوزن الزائد ينصح بمضغ الطعام مرتين أكثر من المعتاد، وتتمثّل الطريقة الأمثل لطرد فائض المياه من الجسم بفرز اللعاب عن طريق المضغ. ومن المفيد في هذه الحالة أن يشعر بالمرء ببعض العطش، وبدلاً من أن يشرب الماء يجعل فائض اللعاب يمتزج بالأطعمة ويعود إلى الجسم.

7- يحمي المضغ من الأمراض: إنّ السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بأمراض المعدة بسيط وهو الإفراط في الأكل وابتاع قطع طعام كبيرة واستعمال البهارات ذات الطعم الحاد وتناول كميات كبيرة من السكر والكحول والقهوة والملح والمشروبات الساخنة جدّاً، أو حتى الأكل في منتصف الليل، كلّ هذه عادات سيئة وخاصّة إذا ترافقت مع المضغ السيئ الذي يؤدي إلى بقاء قطع طعام كبيرة داخل المعدة وقتاً طويلاً. فتفرز المعدة مزيداً من الحمض ما يؤدي إلى التخمر السيئ في المعدة الذي ينجم عنه تراكم الغازات والتشجؤ، ومن هذه المشاكل البسيطة تنشأ الحالات الأكثر خطورة. يتطلب الخبز والمأكولات المنتفخة مزيداً من المضغ لطرد محتواها من الهواء. الجزء الأساسي من الأمعاء الدقيقة معد لامتصاص الطعام المهضوم جيِّداً وإبعاد المواد غير المهضومة، لهذا السبب لا تصاب الأمعاء الدقيقة بالأمراض إلّا نادراً. وتُرسل جميع أنواع الأطعمة غير المهضومة إلى القولون، فتبدأ اضطرابات القولون التي تتخذ أشكالاً عدّة تعتبر الأكثر تعقيداً. تلائم الألياف الغذائية القولون بينما لا تلائمه قطع اللحم غير المهضومة، إذ تتكاثر الجراثيم التي تفكك البروتين والتي من شأنها أن تؤذي جدار الأمعاء والأنسجة الأخرى.

تدخل جراثيم (الكوليرا، الزحار، التيفوئيد) إلى الجسم عن طريق الفم فتسبب اضطرابات هضمية. كما تدخل فيروسات (التهاب النخاع السنجابي والتهاب الكبد) بالطريقة ذاتها. وبما أنّ حامض الهيدروكلوريك القوي الذي تفرزه المعدة لا يستطيع أن يخترق قطع الطعام الكبيرة، لذا يجب أن تمضغ المأكولات جيِّداً، فإنّ للعاب ميزة خاصّة في قتل الجراثيم الموجودة في الطعام.

8- يجدّل المضغ كمية الماء في الطعام.

9- يساهم المضغ في تقوية الأسنان واللثة، كما تساهم الرياضة في تقوية أجسامنا. يفرز اللعاب هرموناً خاصاً لحماية الأسنان، وبما أنّ اللثة تحمل الأسنان فتقويتها أمر ضروري لنمو أسنان قوية.

10- المضغ يجعل الجسم أكثر شباباً. تفرز الغدة النكافية هرمون (Parotin) تمتص الأوعية اللمفاوية هذا الهرمون في الفم في أثناء المضغ ويدخل بعدئذ مجرى الدم. وإذا وصل هذا الهرمون المعدة تقضي عليه العصارة المعدية. ينشط الباروتين عملية التحول الغذائي، ما يؤدي إلى تجدد خلايا الجسم وإطالة العمر.

11- يزيد المضغ الكريات اللمفاوية (المرتبطة بالغدة الصعترية). تعتبر هذه النقطة الأهم في دور المضغ، يؤثر الباروتين على الغدة الصعترية فتنتج المزيد من الكريات اللمفاوية وهي نوع من كريات الدم البيضاء اللمفاوية الضرورية لمكافحة الالتهاب. ويعتقد أنّ فيروس الإيدز يهاجم الكريات اللمفاوية ويمتص منها الغذاء الذي يحتاج إليه للتكاثر، وإذ يتغلب هذا الفيروس على هذه الكريات تفقد قوتها.

يُنصح الأشخاص الأصحاء بمضغ كلّ لقمة 50 مرّة تقريباً، أي ما يعادل نصف ساعة في الوجبة الواحدة، وقد تطول هذه الفترة إلى ساعة كاملة أو أكثر إذا تخللت الوجبة أحاديث عابرة.

إذا كان الشخص يعاني من بعض المشاكل الصحّية، فعليه أن يمضغ كلّ لقمة 100 مرة وهذه بدورها تستغرق ساعة.

 

* د. زينة زوين

ارسال التعليق

Top