• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إدارة المعرفة سلاح المنافسة الفعّال

فادي محمّد

إدارة المعرفة سلاح المنافسة الفعّال

◄أحدثت التطوّرات الدراماتيكية المعاصرة في البيئة العالمية، وتحديداً البيئة العربية خصوصاً، تغيراً جوهرياً في مفهوم واقع المنظمات ودورها ومن ثمّ في أنماط تكيّفها مع متغيرات بيئتها. الأمر الذي انعكس في طوفان الأبحاث التي تسارعت لإيجاد مداخل ومسارات متجدّدة تستجيب في أطروحاتها وحلولها، كي ترتقي بالمنظمات إلى حجم ونوع تحدّياتها.

نستطيع القول إنّ إدارة المعرفة هي السلاح الإستراتيجي الفعّال وبوابة المستقبل المشرق لمجتمعاتنا العربية؛ فإدارة المعرفة تعمل على مأسسة المعرفة، وكما هو واضح فإنّ الهدف الأساسي لإدارة المعرفة هو إنتاج المعرفة وتوزيعها واستخدامها، وبالتالي، فقد يتم إنتاج معرفة خاصّة للتعامل مع المخاطر سواء المخاطر الحالية أو المستقبلية التي تعصف بمكوّنات المجتمع العربي؛ إنّ المغزى الحقيقي لإدارة المعرفة هو تخطيط وتنظيم وتوجيه وتنسيق الجهود والنشاطات الخاصّة بتوليد المعرفة، من أجل توليد المعرفة، وحتماً فإنّ المنظمات تريد المعرفة التي تفيدها التي تحقّق لها الميزة التنافسية واستشراف المستقبل، أو المعرفة التي تمكّنها التكيف مع المتغيرات والمستجدات ومنها المخاطر.

هناك العديد من الإشارات التي أوردها علماء ومفكّرون وخبراء في مجالات عدّة مثل الإدارة والاقتصاد وغيرها، التي تؤكّد جميعها على أنّ المعرفة تعدّ المصدر الإستراتيجي الأكثر أهميّة وحيوية في تعزيز سلاح المنافسة للأفراد والمنظمات على حدٍّ سواء. وبالتالي، فإنّ المعرفة تعطي ميزة اقتصادية لمستخدميها، فهي قوّة وثروة في آن واحد، وهي بالتالي أكثر أهميّة من رأس المال المادّي الملموس، وهي الأداة المناسبة لإيجاد القيمة المضافة، ومن جانب آخر فإنّ أكثر العاملين أهميّة في منظمات القرن الحادي والعشرين هم عمّال المعرفة.

وتكسب المعرفة أهميّتها أيضاً من كونها تعمل على بناء الجدارة الجوهرية للمنظمات بمختلف الأنشطة والفعاليات الممارسة (Core competency)، والتي هي عبارة مجموعة من النشاطات والأعمال التي تتفوق فيها المنظمات على غيرها من المنظمات، وتنشأ هذه الجدارة بفعل نشاطات البحث والتطوير في المنظمة التي يقوم بها الأفراد المؤهّلون وهم الذين يسمّون بعمّال المعرفة حيث يقع على عاتقهم إنتاج المعرفة وتطويرها باستمرار.

والواقع المعاصر أنّه ومنذ أوائل القرن العشرين قد حدثت نقلة في الفكر الاقتصادي والإداري؛ إذ اعتبرت المعرفة عاملاً أساسياً في تحديد نجاح المنظمات والأُمم في المنافسة، وازداد التركيز على عنصر المعرفة، وقد أضحى المفكّرون والممارسون على حدٍّ سواء يقرّرون بشكل لا يأتيه الشكّ من بين يديه ولا من خلفه بأنّ المعرفة ووليدها الابتكار، يلعبان دوراً رئيسياً حاسماً في تحقيق النجاح في المنافسة والقيادة المستقبلية للأحداث.

إنّ الحصول على المعرفة يتطلّب شيوع ثقافة تشاركية تدعم وتؤيد التشارك بالمعرفة، وإنّ من أهم الوسائل للحصول على المعرفة هي العقل البشري بالاستعانة بالتقنيات الحديثة، وطُرُق التعلّم والتدريب؛ وعليه نستطيع القول بأنّ إقامة مجتمع يعتمد على المعرفة في حياته، يُعدّ هدفاً تسعى إليه مجهودات الدول التي تتبنّى إستراتيجيات تطوير شاملة على نطاق الحكومة أو الاقتصاد الوطني وكذلك منظمات المجتمع المدني، وهي في مسعاها هذا تمتلك خياراً وطنياً يوفّر لها فرص استثمار معطيات التطوّرات العلمية والتكنولوجية بما يحقّق مصالحها المشروعة.

وعليه فإنّ مجهودات تأهيل منظماتها ونُظمها على وفق خصائص معاصرة أمر لا يقبل التردد إلّا على حساب تخلّفها وما ستواجه من مشكلات قد لا تجد حلولها ميسّرة لاحقاً.►

ارسال التعليق

Top